يبدو إن السودان ليس في حاجة إلى عشرات المليارات من الدولارات المنهوبة من عوائد النفط السوداني وانه في غنىً عنها..! وإلا لماذا لا تنتقل هذه القضية بمعلوماتها الموثقة في صحائف العالم وفي فضاء الأسافير إلى جهة سودانية (أياً كانت) لتظل هذه القضية حاضرة في هذه المرحلة التي يحتاج فيها الوطن إلى مجرد واحد في المليون من هذه الأموال لتوفير بعض الغذاء والكساء والكهرباء والمياه لأهل السودان الذين يجلس تلاميذهم على التراب في العقد الثاني من الألفية..!!
لولا أن القرائن تؤكد ما جرى نشره في صحائف الدنيا وبقلم شهود العيان عن سرقة عوائد النفط لما تحدثنا عنها..ودونك الشهادة التي قال صاحبها (ألا هل بلغت اللهم فاشهد)..! ولا بأس أن يظهر (عوض الجاز) ليدلي بشهادته حول عوائد البترول كم هي؟ وأين ذهبت؟ وكيف دخلت في ميزانية الدولة وبنود التنمية..!! والشهادة موجودة على مواقع الإعلام.. وهو رجل بواقع شهادته عاش في ماليزيا وكان أستاذاً للاقتصاد بالجامعة الماليزية وقت تدفق العوائد (وليس الخبر كالعيان)..كما يقول الشاعر النابه سيد عبد العزيز (خِلي هاك القول الأبر/ والعيان بغنيك عن خبر)..!
أستاذ الاقتصاد بروفيسور هاشم محجوب يقول في شهادته انه عمل بماليزيا في الفترة من 1998 وحتى 2008 وهي ذات الفترة التي شهدت تصدير البترول السوداني لأول مرّة..كما شهدت التدفقات النقدية العالية لإيراداته قبل انفصال الجنوب..! ففي نوفمبر 1998 هلّ على ماليزيا عوض الجاز -الوزير حينها- وبمعيته وفد صغير..وكانت وجهتهم سنغافورة الجارة الجنوبية لماليزيا.. حيث كان يباع البترول السوداني في سوقها وهي من اكبر أسواق البترول في العالم..جاء الجاز لبيع الشحنة الأولى..وكان بروفيسور هاشم محجوب حضوراً بدعوة من السفارة السودانية في حفل العشاء المقام على (شرف) الوزير الزائر..!
ويقول بروفيسور هاشم إن طاقم السفارة كان بطبيعة الحال (كيزانياً صرفاً)..! وخطب الجاز في الحشد الصغير ولاحظ البروفيسور (موهبة غير عادية) للرجل في نظم درّاب الأكاذيب..والتبشير بمرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية والاجتماعية بعد انضمام السودان إلى نادي مصدري البترول..!
لم يصدق البروفيسور هذا الهراء حيث أن حقيقة نظلم الإنقاذ كانت قد اتضحت وقتها وضوح الشمس في رونق الضحى..! هل دخلت أي أموال من عوائد النفط في حسابات وزارة المالية ..الشواهد تؤكد أنها ظلت تحت تصرّف عوض الجاز سواء كان في الوزارة أو خارجها..أي وزارة ولا يشترط وزارة لها علاقة بالطاقة والبترول..!!
أين ذهبت العوائد..؟! وهل هذا يحتاج إلى شهادة شاهد..؟! هل سمع أي شخص في السودان بتوظيف إيرادات البترول حتى في بناء سبيل للماء بزيرين و(كوز سكند هاند) من علب الطعام المحفوظ..؟!
لاحظ بروفيسور هاشم مع غيره من السودانيين ساكني ماليزيا أن الوفود التي تأتي في صحبة الدفعات المختلفة من البترول تذهب إلى سنغافورة (رأساً) وتبيع البترول (في السوق) ثم تعود إلى ماليزيا..ما هي الحكاية..؟!
اتضح السر شيئاً فشيئاً..خلال ثلاثة أعوام من بدء تصدير البترول (1999-2001) تدفّقت جماعات من السودانيين بصورة ملفتة فاقت كل تصوّر..وعلى سيماء أفرادها مخايل نعمة (مُستحدثة)..!
لقد اتضح أن العودة في رحلة الشتاء والصيف لوفود التسويق من سنغافورة إلى ماليزيا كان الهدف منها إيراد مبالغ ضخمة من عوائد البترول في مصارف ماليزيا وشركات الخدمات المالية..وسوق كوالالمبور للأوراق المالية..وشراء أسهم وسندات في الشركات متعددة الجنسيات..لقد بدأ (البزنس الكيزاني) يعلن عن نفسه جهرة دون حياء..!!
يقول البروف إن ماليزيا استيقظت على المال السوداني المنهوب وهو يقتحم بإمكانات كبيرة مجالات التجارة والسياحة كما أصبح المال السوداني شريكاً في كبرى الأعمال الماليزية..مباشرة أو عن طريق سوق الأموال المالية الماليزية..!
ولك أن تلاحظ أن الذي يتحدث بروفيسور في الاقتصاد..وليس الخبير الوطني (ربيع عبد العاطي)….الله لا كسبكم..!
murtadamore@yahoo.com