بالرغم من الحراك السياسي الواسع والاحداث المتسارعة في الساحة السياسية نجد أن الاقتصاد لا ينفصل عن السياسة ، ولما كانت الحكومة الانقلابية معزولة من كل العالم ورفض الداعمون إستئناف الدعم بسبب الانقلاب ساءت الاوضاع في السودان سياسياً واقتصادياً ، وبدلاً من أن تبحث الحكومة عن بدائل جديدة صرفت ما في الخزينة على قلته على الاجهزة الأمنية لتقمع المتظاهرين السلميين الذي ينادون بالعودة الى الحكم المدني.
ونحن في خواتيم العام تبقت أيام لاسدال الستار على موازنة 2022، التي تعبتر بأنها أسوأ موازنة مرت على البلاد لما لازمها من صعوبات وفشل، وما سببته من أزمات في كافة مناحي الحياة المعيشية والاقتصادية والتجارية، حيث واجهت موازنة 2022 خللا غير مسبوق، ولم يجد وزير مالية الانقلاب جبريل إبراهيم مخرجا سوى الاعتماد على جيب المواطن، بزيادة الضرائب والجبايات.
وفي المقابل ومنذ العمل بموازنة 2022 لم تتوقف الاحتجاجات المطلبية، لأن الأجر الذي يتقضاه العاملون والعمال لا يغطي سوى نسبة ضئيلة من تكاليف الحياة المعيشية لا تتعدى 10% في ظل تزايد معدلات الفقر والبطالة.
غالبية الأسر صارت غير قادرة على تلبية أبسط متطلبات الحياة اليومية، الأمر الذي أدى إلى انتشار مظاهر التسول وعمالة الأطفال، وتزايدت نسبة الطلاق بصورة غير مسبوقة، والبعض الآخر من المواطنين فضل الهجرة لمصر أو تركيا بحثا عن ملاذ آمن، لأن وطنه تلوث بالفساد وحاصرته الأزمات.
ونتيجة للفوضى الضاربة بأطنابها تسببت الأوضاع المتفاقمة في تزايد نشاط من يوصفون بالقطط السمان الذين صاروا يتاجرون بقوت المواطن بالمضاربات في سوق السلع الأساسية والضرورية، والآن تضرر التجار بالركود وضعف القوى الشرائية، حيث أن الأزمة الاقتصادية التي سببها انقلاب 25 أكتوبر جاءت وبالا عليهم، ودفعت بالعديد منهم للهرب بعد تراكم المديونيات، وهناك رجال أعمال أفلسوا من سياسات وزير مالية الانقلاب بسبب الرسوم والضرائب الباهظة، بجانب زيادة الرسوم الجمركية التي ألحقت أضرارا بالغة بالمستوردين.
إن موازنة 2022 كتب لها الفشل منذ البداية لاعتمادها على الضرائب غير المباشرة في تمويلها، وهذا شكل ضغطا على محدودي الدخل والفقراء، كما تزايدت الاحتجاجات المطلبية لأن شريحة العاملين بالدولة صاروا فقراء بسبب الارتفاع الكبير في تكاليف الحياة المعيشية في ظل غياب المنح والقروض بالمقابل هناك زيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي خاصة الأمن والدفاع، حيث ارتفع بصورة كبيرة وتضاءل الصرف على الإنتاج والتنمية.
موازنة العام 2022 والتي وعد وزير مالية الانقلاب عند تدشينها بأنها ستعتمد على الموارد الذاتية وضح أن تفسيره لهذه الموارد هو (القلع) من (جيب) المواطن ، فأدى ذلك إلى تعطل القطاعين الزراعي والصناعي حيث هجر المزارعون الزراعة وتوقفت معظم المصانع عن العمل ونتيجة لذلك لم يعد هناك انتاجاً وكثرت البطالة وإزدادت حدة الفقر والجوع وانسحبت الدولة من دعم قطاع الخدمات ولم يبق سوى شعار الثوار في مواجهة هذا الانهيار (حكومة الجوع ..تسقط بس).
الجريدة