الخرطوم – التحرير:
حالة التردي العام التي تعاني منها البلاد الآن وضبابية الغد المجهول، حدت بالكثيرين للتساؤل عن ماهية الأوضاع المستقبلية للسودان خاصة في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والامنية، (التحرير) استطلعت أراء بعض والمحللين السياسيين فقاموا بتشخيص الداء ووصفوا الدواء، عبر الإجابة على السؤال الأهم: السودان إلى أين؟
محمد ضياء: احتمال اتساع الحرب الأهلية
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي الأصل محمد ضياء الدين توقع في افادته لـ (التحرير) أن يؤدي استمرار الأوضاع المتأزمة بالبلاد إلى فتح أبواب الاحتمالات على كل الاتجاهات، منها احتمالات اتساع الحرب الأهلية لتشمل كل أنحاء السودان، أيضاً من التوقعات التي قال بها الناطق الرسمي للبعث أن تقود سياسات النظام إلى تعقيد كبير في حجم الأزمة الشاملة، وهذا ما يدفع الشعب السوداني إلى الخروج والمطالبة بحقوقه في الحياة الحرة الكريمة.
وقال ضياء الدين: “الوضع القائم الأن لا يطاق، والأزمات وصلت حداً غير مسبوق على الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية كافة، وكذلك قضايا الحرب والسلام، وعلى صعيد الحريات العامة”، وأشار إلى أن كل تلك التعقيدات في المشهد السياسي من شأنها أن تقود البلاد إلى احتمالين، اتساع دائرة الحرب والتفلتات الأمنية، واحتمال الانتفاضة الشعبية، فضلاً عن احتمالات التدخلات الأجنبية.
وقال ضياء الدين: “إذا أقررنا بعجز النظام عن إيجاد حل للأزمة، التي هي نتاج لسياساته، فكيف نستطيع أن ندين المعارضة التي لا تمتلك من خلال وضعها المساهمة في إيجاد حل لأزمات البلاد”، ورأى أن النظام نفسه جزء من الأزمة، وأشار في الوقت ذاته إلى تعرض المعارضة إلى كل أشكال القمع والكبت والقهر، وأضاف قائلاً: كيف لنا أن نحمل المعارضة تبعات سياسات النظام، وهو الذي يجلس الآن على مقعد السلطة”.
إبراهيم الأمين: البلاد تمر بأخطر مرحلة في تاريخها
ومن ناحيته، أوضح الأمين العام السابق لحزب الأمة القومي د. إبراهيم الأمين أن التساؤل عن ماهية ما سيفضي إليه الوضع الراهن بالبلاد يمثل السؤال الذي يجب على كل سوداني أن يسأله لنفسه، وأكد أن البلاد تمر بأخطر مرحلة في تاريخها؛ مشيراً إلى فقدان الحكومة قدرة إدارة البلاد برشاد، وقال: “إن الأزمات المتلاحقة عقدت الأوضاع في البلاد بصورة يستحيل معها حل هذه المشكلات في ظل ما يتبع من سياسات”.
وأبدى الأمين خلال حديثه لـ ( التحرير) أسفه الشديد على انشغال النخب السودانية بصراعاتها ومصالحها على حساب مصلحة الوطن والمواطن السوداني، وأوضح أنه لا يمكن أن تحل قضايا البلاد المعقدة في ظل هذا النظام وسياساته، ما لم يحدث تحول ديمقراطي حقيقي، والرجوع إلى الجماهير صاحبة الحق في اختيار قياداتها، وأكد أنه ما لم تقف الحرب بصورة عملية، ويبنى السودان في إطار مشروع نهضوي قومي فيه درجة من الإجماع الوطني، فإن السودان سيكون معرضاً لهزات عنيفة جداً كما حدث في دارفور، وانفصال الجنوب، والضائقة المعيشية التي يعانيها المواطن، والفساد الممارس بطريقة محمية من النافذين، فضلا عن انتشار المخدرات. وقال الأمين: “من الواضح أن الوضع الآن قائم على طريقة (شيلني واشيلك)، إضافة إلى التوسع في تعيين الدستوريين وأجهزة الدولة من دون أي قدرة على توفير الخدمات الأساسية للمواطن، وعليه فالجميع محتاجون إلى وقفة نقدية مع الذات، ثم من بعد ذلك نتحدث عن المستقبل بصورة مختلفة عن الحاضر والماضي”.
مستور أحمد: كل الخيارات مفتوحة بما فيها انهيار الدولة
الأمين العام لحزب المؤتمر السوداني مستور أحمد مستور أكد تفاقم أزمات البلاد مع كل يوم جديد نتيجة لانسداد الأفق السياسي، وإصرار النظام على اتباع ذات النهج الإقصائي، واحتكار مستقبل البلاد، وعدم الاستماع إلى الآخرين، وأشار مستور إلى أن الأزمة وصلت إلى الحد الأعلى، وقد تصل إلى الانفجار في اتجاهات مختلفة نتيجة لضيق الأفق السياسي، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية المعيشية، وزيادة حدة الصراعات القبلية.
ويؤكد مستور في قراته لـ (التحرير) أن هذا الوضع من شأنه أن يقود إلى هبة أو انتفاضة شعبية، فضلاً عن أن عملية جمع السلاح التي يقوم بها النظام هذه الأيام قد تؤدي إلى نتائج عكسية، وتشعل فتيل الحرب، ومن ثم، فإن كل الخيارات مفتوحة بما فيها انهيار الدولة.
وأشار مستور إلى انتشار المليشيات المسلحة بالبلاد فضلاً عن إدارة النظام للبلاد بعقلية أمنية، وقال: “إذا ما استمرت الحكومة في إدارة الدولة بهذا النهج، فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى إشعال الحرب ما بين الدولة والمجموعات التي حملت السلاح من جهة، وداخل هذه المجموعات نفسها، وإن هذا قد يؤدي إلى انهيار شامل للدولة.
ويقول الأمين السياسي للمؤتمر السوداني: “للأسف الشديد كل الخيارات السيئة متوقعة بشكل كبير، بينما خيار الحل والتغيير والسلام هو الخيار المفقود الآن”، وحمل مستور تبعات كل تلك التوقعات للنظام وطريقته في إدارة شؤون البلاد.
خاطر: المثقفون والمستنيرون قادة المرحلة المقبلة:
أما المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية عبد الله آدم خاطر، فقد قال لـ (التحرير): “إن هنالك عدة محاور لقراءة الوضع الراهن، يأتي في مقدمتها محور المواطن السوداني الصابر على كل شيء على الرغم من أنه مطحون بالمشكلات، ويرنو إلى تحول الأوضاع إلى الأفضل من دون أن تكون لديه حلول خارج الإطار الروتيني لحياته اليومية”.
وأضاف خاطر: “أن المحور الثاني في قراءة الوضع الراهن يتمثل في عدم وجود خطط من قبل الحكومة للاستجابة لمعالجة المشكلات التي تعمل على إحباط المواطن، وتعطيه قوة الدفع للأمام، إضافة إلى أن الحكومة ما زالت تعاني معاناة كبيرة جداً إزاء تسوية النزاعات، التي هي نفسها سبب وطرف في إشعالها سواء كانت ذات علاقة بالعملية السلمية في النيل الأزرق، وجنوب كردفان، ودارفور، أو القضايا المتعلقة بتسوية المشكلات كجمع السلاح، وقضايا الطلاب المتصاعدة من جامعة لجامعة.
وقال خاطر: “هناك محور آخر في الوضع الراهن هو المحور الأميركي الدولي، وهنالك رهان من المجتمع الدولي بما فيه الاتحاد الاوروبي وأميركا على نوع من التفاعل مع الحكومة الحالية في السودان، بحسبان أن المحيط الاقليمي في غالبه ملتهب، وأن السودان يمتلك إمكانات استثمارية للمستقبل البعيد”؛ وأشار إلى أن ذلك يمكن أن يؤدي إلى تعاطف دولي مع السودان، ومساعدته لحلحلة مشكلاته، لكن السودان غير منتبه، أو لا يملك المصداقية للتعامل مع المجتمع الدولي في اتجاه حلحلة قضاياه، ويشير خاطر إلى أن خلاصة كل تلك المحاور هي أن يظل المثقفين والمستنيرين وقادة الرأي هم المسؤولون والقادة للمرحلة المقبلة من أجل التغيير، على الرغم من أنهم يعانون كما البقية، ويأتي ذلك في إطار بناء وعي دستوري جديد، ويشير خاطر إلى أنه في ظل ذلك المسار، فإنه بدلاً من أن تأتي تغييرات فوضوية أو دولية حتماً ستكون هنالك تغييرات دستورية.
السجاد: مرحلة التنازل بداية الحل
ومن جانبه وصف القيادي بحزب المؤتمر الشعبي عمار السجاد الأوضاع الحالية بالبلاد بحالة مخاض غير معروفة النتائج، وقال: “على الرغم من كل ذلك هنالك حراك من الممكن أن ينتهي إلى حل، مع أن الخيارات مفتوحة على كل الأصعدة، بحسبان حالة توزان الضعف التي تعتري الجميع الآن.
وأكد السجاد عدم استمرار الوضع على ما هو عليه، وأقر في الوقت ذاته بصعوبة التكهن بخصوص الأوضاع المستقبلية للبلاد، وأشار في حديثه لـ(التحرير) إلى أن حالة العجز التي تعتري الجميع الآن لا بد ستفضي إلى أن طرفاً فيها سيستسلم، ويقدم التنازلات، معتبراً أن مرحلة التنازل تلك تمثل بداية الحلول التي ينتظرها الجميع.