يستهلك السودان، وفقاً لمصادر حكومية رسمية، حوالي مليون طن من القمح سنوياً، يأتي معظمها من دول البحر الأسود وروسيا، فيما يغطي الإنتاج المحلي حوالي(12 إلى 17% ) فقط من الإستهلاك المحلي الغذائي المتمثل في الرغيف والمخبوزات الاخري من حلوبات ومعجنات.
ووقعت الحكومة وكل من الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، مؤخراً، اتفاقية مشاركة لتمويل إنتاج تقاوي القمح، في إطار دعم مبادرة السودان لزراعة مليون فدان بمحصول القمح للموسم (2022/ 2023)، ويهدفالإتفاق إلى تطوير تقاوي القمح لزيادة الإنتاجية، وتقديم الدعم الفني، وشراء المحصول بأسعار تفضيلية تضمن للمزارعين سداد مديونياتهم.
ورغما عن ذلك يتوقع منتجون للقمح تراجع المساحات المزروعة في الموسم الشتوي بنحو 50% مقارنة بالعام السابق عجز الحكومة ممثلة في البنك الزراعي ومؤسسات التمويل الأخري في توفير التمويل اللازم لزراعة القمح.
وتواجه العروة الشتوية والتي تخصص عادة لزراعة القمح بعدة مناطق بالسودان مثل الولاية الشمالية ومشروع الجزيرة وغيرها مشكلة تمويل الموسم الشتوي والتي تهدد بنسفه وفشل انتاج كميات محلية من القمح تقلل فجوة الإستيراد من الخارج
وتسبب قرار للبنك الزراعي السوداني الذي قضي بأن يكون التمويل للوفود فقط (الجازولين) من دون الالتزام بتمويل الاحتياجات الأخرى للموسم الزراعي الشتوي المتمثلة في توفير تمويل لشراء سماد (اليوريا) وبقية المدخلات الأخري.
ويمول البنك الزراعي شراء (الجازولين) بسعر أغليٍ للتر بلغ (900) جنيها بينما السعر الحالى للتر يبلغ (600) جنيها، أي بزيادة (3) جنيهات، إضافة إلى اشتراط البنك أن يلتزم المزارع بكتابة تعهّد بعدم المطالبة بتمويل المراحل الأخرى من الزراعة.
وبحسب وزارة الزراعة التي اعلنت ان خطتها زراعة مليون فدان قمح خلال الموسم الشتوي الحالي، وقامت بتوفير كميات كبيرة من التقاوي (القمح) لصغار المزارعين بهدف رفع الإنتاجية.
وفي السياق حذر خبراء زراعون من فشل الموسم الشتوي بسبب صعوبات التمويل وإرتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي المتمثلة في المشاكلات المتعلقة بالمدخلات من أسمدة وري ومشاكل أخري في التسويق حيث لا يكون العائد مجزي بعد الحصاد.
واشار الخبير الزراعي بالمشاريع المروية بالسودان مهندس زراعي صالح عبد الله الى إحجام المزارعين عن زراعة القمح للموسم الشتوي الحالي، والإتجاه لمحاصيل أخري بسبب إجراءات التمويل بالبنك الزراعي معقدة، حيث يجري ربط التمويل بالشهادة الزراعية.
ويضيف عبد الله أن هذه الشهادة يحررها مفتش المكتب الذي يربط تحرير الشهادة بتحصيل الرسوم قبل الحصاد.
وقال أن هذا أسلوب تعجيزي، بحسب تعبيره، مشيراً إلى عدم وجود بعض المدخلات مثل سماد اليوريا، ويري أن الموسم الشتوي سيكون هزيلاً، لأن الثقة بين المنتجين والحكومة أصبحت منعدمة، باعتبار أن تكلفة الزراعة عالية جداً مقارنة بالسعر التركيزي الذي تطرحه الحكومة، مشيراً إلى أنّ المزارعين حاصرتهم الديون في الموسم الماضي مما دفعهم لبيع محصول القمح في العام الماضي بأسعار أقل فيما اصطلح عليه بالبيع بالكسر لتغطية بعض الالتزامات المترتبة عليهم.
وأضاف أن توفير التقاوي لم يتناسب مع مواعيد الزراعة الشتوية، الأمر الذي جعل الكثيرين يعزفون عن الزراعة باعتبار توفير المدخلات جاء متأخرا والزراعة مواقيت واي خلل في موعد بدء عمليات الزراعة يعني ان تكون الانتاجية ضعيفة وربما يقشل الموسم برمته عطفا على ارباح مجزية لمواكبة الأوضاع الاقتصادية التي يعيشونها.
ومن جهة أخري أكد على ابراهيم جبر الله عدم قدرة المزارعين بمشروع الجزيرة على زراعة القمح بسبب الصعةبات التي جعلتهم يتركوا زراعة بالمشروع هذا الموسم.
وقال جبر الله إن تكلفة زراعة الفدان باهظة جدا، مشيراً إلى أن السعر المعلن رسمياً في العام الماضي للقمح كان لا يغطي حتي تكلفة الإنتاج ، ما دفع الكثير من المزارعين إلى الإحجام عن زراعته لتجنب الخسائر.