سوف نظل على يقين راسخ يماثل (إيمان العجائز) بأن هناك خللاً جسيماً في نظامنا العدلي والقضائي الذي تركته الإنقاذ خلفها وهي في طريقها إلى المزبلة العمومية (وظل الحال على ما هو عليه)…! هذا في الأحوال الطبيعية فما بالك وهذه الأجهزة تعمل الآن تحت انقلاب البرهان وسلطة الاخونجية..!
لا يبدو أن لكلام الدستور أو الأعراف والتقاليد الراسخة أي معنى حول استقلالية هذه الأجهزة العدلية وضرورة عزلها عن أي تأثيرات من خارجها.. سواء كانت سياسية أو إدارية أو غيرها ,,!
لا نعرف الكلام الكثير حول هذه القضية ولكننا نحتكم للواقع الماثل الذي نرى فيه كيف تقوم هذه الأجهزة بإهمال مقتل 124 شاباً مسالماً بالرصاص والدهس والسحل..في حين تقوم المحاكم وتقعد في قضية خاصة بمقتل شخص واحد وصف بأنه رقيب استخبارات في محيط القصر خلال مسيرات سلمية تداهمها قوات رهيبة من حملة الأسلحة ويصاحبها إطلاق الرصاص والمقذوفات كيفما اتفق وبكثافة ميادين المعارك الكبرى….!
محاكمة قاتل هذا الشخص واجب عدلي لا مشاحة فيه..ولكن كيف في ذات السياق الذي مات فيه هذا الرجل يتم تجاهل مقتل 124 شخصاً آخر..والقانون يقول إن المواطنين سواسية أمام مبدأ (الحق في العدالة)..؟! كيف نستطيع أن (نبلع) ذلك مهما أوتيت حلاقيم رجال القانون وإعلام الفلول من صراخ وتزييف وتبرير..!
لنترك البراهين والأدلة تعمل عملها.. ولكن سلمية ثوار ديسمبر مما شهدت به قرائن الأحوال وشهد به كل مراقب من الداخل والخارج.. وليس هناك واقعة جدية أو دليل واحد يثبت أن أي من المحتجين السلميين كان يحمل رشاشاً أو فأساً أو أي أسلحة نارية أو سواطير..! فكيف جاز إهمال ذلك وعدم الالتفات إلى احتمال أن فاعلين ممن يحملون الأسلحة النارية يمكن أن يتسببوا في إصابات قاتلة من خلال الإطلاق العشوائي للرصاص الذي كان من بعض نتائجه مقتل العشرات من الشباب وإصابة الآلاف منهم بإصابات الجسيمة..!
ولكن يبدو أن لسلطات الانقلاب منطقها الخاص في اعتقال من تشاء وتوجيه الاتهامات كما تشاء في مقتل الرجل المنسوب للاستخبارات؛ مع تضارب شديد شهدته وقائع محاكمة الشباب الثمانية المحتجزين تحت طائلة هذه القضية، حيث قال الشاكي إن القتيل كان يرتدي (بدلة سفاري) بينما أكد شاهد عيان بأنه كان يرتدي (على الله)..وكان الله يحب المحسنين..!
من التصّرفات الجزافية لسلطة الانقلاب أنها كل الاعتقالات التي تعقب المواكب السلمية كانت تتم بعشوائية غريبة..وكذلك في هذه القضية التي شهدت اعتقالات عشوائية في مظهرها العام ولكنها (ذات غرض) وتلفيقية بائنة التلفيق..احتجزت فيها من احتجزت,,وأطلقت (صورياً) سراح عدد آخر من المعتقلين بحجة عدم كفاية الأدلة..! والمؤسف أن جميع الذين تم إطلاق سراحهم كما تؤكد لجان المقاومة ويؤكد ذووهم خرجوا من الاعتقال في مشاكل صحية كبيرة نتيجة التعذيب والمعاملة (الطيبةالرحيمة) التي كانوا يتلقونها داخل المعتقل..!
ومن الجهة الأخرى أكدت لجان المقاومة وذوو المحتجزين الذي يخضعون للمحاكمة النشطة حالياً أن هؤلاء الذين تتهمهم سلطة الانقلاب بمقتل رجل الاستخبارات كانوا مصابين وغير قادرين على الحركة يوم وقوع الجريمة…!!
تساؤل قصير من بضع كلمات: كيف جاز عقد محاكمة مطوّلة في مقتل شخص واحد (وهذا واجب وحق) مع التغاضي عن مقتل 124 شخصاً في ذات الظروف والملابسات..؟! أنهم قتلى بالرصاص والدهس بشهادات طبية موثّقة وبشهادة الجثامين….وهم أيضاً لهم أهل…ولهم حق في العدالة مثلهم مثل المواطن القتيل..ولا فرق في أرواح البشر بين مجند وغير مجند..إلا أن يكون للانقلاب ولجنة الإنقاذ الأمنية (وجهة نظر أخرى)…!!
murtadamore@yahoo.com