(1) سمعنا وقرأنا عن مسرح العبث ومسرح اللامعقول، ولم نكن نتوقع أن يكون ذاك العبث وذلك اللامعقول كائناً يمشي بيننا تيهاً وافتخاراً، فذاك القيادي الأهلي السيد محمد الامين ترك ووصفه الوظيفي ناظر نظارات عموم قبائل البجا والعموديات المستقلة، كان طوال ثلاثة عقود من الزمن وفي عهد الحزب البائد (طالع نازل ماكل شارب مع المخلوع البشير) ثم (ماسك خشمو عليه) لم يتحدث ولو (بهمسة) أن لإقليم شرق السودان قضايا ومشاكل متعددة الأوجه، ولم يعرف تلك القضايا والمشاكل إلا بعد قيام ثورة ديسمبر الظافرة، وحتى وبعد قيام الثورة لم يتحرك لفعل أي شيء إلا بعد أن أوحى له اولياؤه بالمركز بإغلاق ميناء البلاد الرئيس، واغلاق الطريق القومي، وذلك لإسقاط حكومة دكتور حمدوك، ولم يقم بإعادة فتحمها إلا بعد أن جاءته توجهات عليا وبعد اعترافهم أنهم اسقطوا حكومة حمدوك لصالح الانقلابيين واليوم نفس(الزول) يهدد بالانفصال والمطالبة بحكم ذاتي.
(2) وبفعل حبوب اللقاح والرذاذ المتطاير انتقلت عدوى الانفصال والمطالبة بحكم ذاتي للاقليم الشمالي فها هو السيد برطم الوصف الوظيفي له عضواً سابقاً بمجلس السيادة الانقلابي، ورجل أعمال شهير، والسيد برطم المتناقضة أقواله وعندما اغلقت لجان المقاومة الولاية واغلقت شارع شريان الشمال، خرج برطم في زينته ووصف مشكلة الولاية الشمالية بأنها مشكلة سياسية، واليوم وبعد أن فارق برطم اصدقاء الأمس أعضاء المجلس السيادة الانقلابي الذين أصبحوا اعداءا له خرج مهدداً بحمل السلاح وانفصال الإقليم الشمالي.
(3) فهذا هو حال مسرح العبث واللامعقول في حياتنا اليومية، وترك وبرطم وغيرهم عندما كانوا مقربين من السلطة الإنقلابية كانت أيديهم مغلولة الى اعناقهم وألسنتهم محبوسة داخل جوفهم وأرجلهم مُكبلة بل مشلولة، فسبحان من أطلق أيديهم فهددوا بحمل السلاح، وفك ألسنتهم فصاروا يهددون بالانفصال، وفارق الشلل أرجلهم فذهبوا الى القبيلة والعشيرة يبتغون عندهم العزة والسند.
(4) وامثال ترك وبرطم وغيرهم كثر، ضاقت رؤيتهم عن مشاكل البلاد والعباد عندما كانوا في مقاعد السلطة وعندما ابتعدوا أو ابعدوا، اتسعت رؤيتهم للأوضاع وتفتحت عيونهم واستيقظت ضمائرهم فطفقوا يتبنون قضايا ومشاكل الأهل والعشيرة والقبيلة، معتقدين أن الأشياء هي ذات الأشياء، ولم يدركوا أن هذا الجيل أصبح أكثر وعياً واكثر معرفة بالثعالب وحيلهم البائدة البائرة، ولن ينخدع مرة أخرى من الذين يبنون مجدهم ومصالحهم الذاتية على حساب الشارع الثوري، والذي ربما جاء يوم وطالب الجميع بالرحيل رافعا شعار اللبنانيين (كلن يعني كلن) وتبت يد أعداء الثورة ومن ساعدهم.
الجريدة