الخرطوم – التحرير:
عبًرت حركة القوى الجديدة الديمقراطية “حق” عن أسفها للانقسام داخل ” الحركة الشعبية – قطاع الشمال، وشددت في بيان أصدرته اليوم، وتلقت ” التحرير” نسخة منه، على “أن تقرير المصير ليس قضية داخلية تخص الحركة الشعبية وحدها، وإنما قضية وطنية”، وقالت إن شعار تقرير المصير “هدية على طبق من ذهب لنظام الإنقاذ (نظام الرئيس عمر البشير) وأكبر تنازل يمكن أن يقدم له”
وفيما نددت بـ “الحرب الإجرامية التي يشنها النظام ضد شعبنا ومواطنينا في جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق”، رأت أن “ضعف وهزال وانقسامات قوى المعارضة السودانية ينم عن عدم جديتها في مقاومة النظام”.
واستهلت “حق” بيانها بالإشارة إلى أنها” تابعت التطورات المؤسفة التي تشير إلى انقسام جديد في “الحركة الشعبية قطاع الشمال، ومرة أخرى، وتماماً كما حدث في العام 1991، يكون انقسام الحركة نذيراً بانقسام جديد للوطن، وكما رفع زعماء جناح الناصر شعار تقرير المصير لشرعنة انقسامهم آنذاك، نرى الآن شعارات تقرير المصير تطرح لشرعنة طرح أحد الفصيلين المتناحرين”.
وقالت إننا لم ولن نتدخل في الخلافات داخل “الحركة الشعبية قطاع الشمال” باعتبار أن ذلك أمراً داخلياً تحسمه الجهات المعنية داخل الحركة، وفقاً لقواعدها الخاصة، وإن كان لنا من دلو ندلي به في هذا المجال، فهو تمنياتنا واستعدادنا لبذل كل ما بوسعنا من جهد للحفاظ على وحدة الحركة ، أو على أقل تقدير مساعدتها على حسم خلافاتها بالوسائل الديمقراطية وفق الروح النضالية الرفاقية، وبما يدفع بـ”الحركة الشعبية شمال”، وبقوى المعارضة الوطنية الديمقراطية إلى تصعيد نضالها ضد نظام الإنقاذ.
ورأت أنه لو كان الخلاف حول قضايا داخلية تخص “الحركة الشعبية قطاع الشمال” فقط لكان ذلك هو موقفنا، ولكن أحد الفصيلين رفع شعار تقرير المصير لمواطني جبال النوبة كأحد وأهم مبررات وأهداف موقفه. وأكدت أن تقرير المصير ليس قضية داخلية تخص الحركة وحدها، وإنما قضية وطنية تعني كل الشعب السوداني أينما كان وبقومياته وقطاعاته كافة.
وأضافت “حق” أنه لا يمكن للقوى السياسية الوطنية السودانية أن تلقي بذاكرتها في سلة المهملات، وأن تشيح بوجهها عن الحقيقة المرة وهي أن ذات الشعار قد رفعه جناح الناصر ذات يوم في عام 1991 ليسوق به انفصاله، كبديل لرؤية السودان الجديد القائم على الوحدة الطوعية والتي تبنتها “الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال” منذ مولدها.
وقالت إنه بدلاً من مقاومة ذلك الطرح حينذاك، فقد اختارت قيادة الحركة الشعبية أن تنافس الجناح المنقسم فيه، فتبنته كتكتيك لإفراغ انقسام الناصر من محتواه، فإذا بتطورات الأحداث تجعل ذلك التكتيك يستأسد على الاستراتيجية ويبتلعها تماماً، بما أفضى في النهاية لانفصال الجنوب تحت رايات السودان الجديد.
وشددت “حركة القوى الجديدة الديمقراطية” على أن حق تقرير المصير أمر لا يخص “الحركة الشعبية قطاع الشمال” هنا او هناك وحدها، ولا يمكنها أن تنفرد بالمساومة عليه مع سلطة دكتاتورية تفتقر الي الشرعية والسند الشعبي، كما أن طرح حق تقرير المصير في ظل وجود سلطة شمولية عنصرية إقصائية مثل نظام الإنقاذ (نظام الرئيس عمر البشير)، لا يمكن بحال من الأحوال أن يؤدي إلى وحدة طوعية، ولا يمكن بالتالي أن يكون جزءاً من برنامج يستند إلى رؤية السودان الجديد.
وأشارت إلى أنه من جانب آخر فإن شعار تقرير المصير والذي يطرح باعتباره تعلية لمستوى مطالب ونضالات “الحركة الشعبية شمال” وتحدياً أكثر خطورة وجدية أمام سلطة الإنقاذ، وهو في ظاهره كذلك، لكنه في باطنه، وفي حقيقة الأمر، كما أثبتت التجربة العملية، هدية على طبق من ذهب لنظام الإنقاذ وأكبر تنازل يمكن أن يقدم له. وأكدت أن ” حق” التهديد الجدي الحقيقي لنظام “الإنقاذ” والذي سيجتثه من الجذور هو دولة المواطنة والديمقراطية والوحدة الطوعية القائمة على المساواة التامة لكل القوميات والإثنيات والسحن والأديان واللغات واحترام التنوع وسيادة التعددية وحقوق الإنسان.
وأضافت أن تقرير المصير والانفصال والتفريط في وحدة الوطن فذلك لا يخيف الإنقاذ ولا يهددها بشيء، بل إنما “الإنقاذ” هي التي تدفع الآخرين إليه دفعا، ولكم في الجنوب خير مثال، ولقد تجرعت الحركة السياسية الوطنية الديمقراطية سم هذا الكأس مرة، ولا نظنها ستفعل ذلك من جديد.
كما أكدت “حق” إنه “لا يمكننا أن نغض البصر عن الحرب الإجرامية التي لم يتوقف هذا النظام عن شنها بكل الأساليب والوسائل المحرمة على شعبنا ومواطنينا في جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق وغير ذلك من بقاع السودان، والتي تتخذ كل يوم شكلاً جديداً، ولا يمكن أن نتجاهل مطلقاً النتائج الكارثية لهذه الحرب على حياة الناس والمجتمعات ومدى الموت والعذاب الذي يحيق بهم والدمار الذي يلحقه هذا النظام بكل سبل الوجود الآدمي.
وقالت” كما لا يمكننا أن نتجاهل، من جانب آخر، أن ضعف وهزال وانقسامات قوى المعارضة السودانية والذي ينم عن عدم جديتها في مقاومة النظام، سيدفع الضمير الحي للمناضلين في “الحركة الشعبية شمال” أو غيرها لتلمس أقرب السبل لوقف عذابات شعوبهم، ولكننا (حق) نقول لزملائنا في “الحركة الشعبية قطاع الشمال” وغيرهم من الحركات المسلحة المناضلة ضد الإنقاذ، أن واقع دولة جنوب السودان يدل دلالة قوية وعميقة على أن الانفصال ليس هو الحل.
وقال البيان إننا في حركة (حق) إذ نؤكد من جديد احترامنا للزملاء في الحركة الشعبية قطاع الشمال وحرصنا على العلاقات المتميزة معهم، بصرف النظر عن موقفهم في الصراع الداخلي الحالي نؤكد أيضاً أننا لا يمكن أن نتجاهل تجربتنا التاريخية مع التوجهات الهادفة إلى تمزيق وحدة ما تبقى من وطننا تحت شعارات حق تقرير المصير، وإذ نعلن موقنا القاطع ضد ذلك، ندعو جميع القوى الوطنية الديمقراطية وكافة قوى المعارضة السودانية إلى بناء جبهة واسعة ضد المزيد من انقسامات الوطن تحت أي شعار أو ستار يتم الإعداد لها.