مِن خبرتي كتربال، أقول لكم: لا يمكن أبداً لصاحِب البرسيم أن يغتني من حيضانه، مهما توسّعت أفدنة هذا العلف العِطري.
ما لا يعرفه المستثمرون الغرباء ان آلاف الأفدنة التي زرعوها بالبرسيم يمكن أن تدخل عليهم بالسّاحِق والماحِق، بموجِب هذا (السِّبِر) الذي نؤمن به حدّ اليقين.
حوض البرسيم (يوم الليلي) بخمسين ألف ..
وتجربتنا في النوبة السُّفلى تقول إن سيد البرسيم (مَا بِيَغَنى) ،، مهما قبض من ملايين فهو فلسان فلسان في نهاية الشهر.
كذلك الأمر بالنسبة لتاجر التمباك:
مهما علا شأنه ومهما بنى الدور والقصور من مدخولات هذا الكيف الزِّفِرْ، فإنه لا محالة واقع في (عِبْ) منوفَلي ولو بعد حين ،، منوفلي طبعاً، هو الفلس.
تذكرت هذا (السِّبِرْ) عندما قرأت خبراً عن قبول المؤتمر الوطني لتبرعاتٍ كانت قناطيرا من ود عماري..
قرأت السّالفة وعرِفت من أين جاء الباعوض إلى العالم.. فالكيان الجّامِع بجلالة قدر منسوبيه لم يشبع من مال اليتامى- مؤمنين وكافرين – وهاهو يمد عينيه الى إكراميات تمباكية من مزارع الغلابة بدارفور!
من هنا تأتي المَحقة..
والمَحَقَة هي انعدام البرَكة وضيعة العمر بين أشواق وأشواك.
وبعيداً عن تجريح مُدمني السّاموطي، فأعلم- يا رعاك الله- أن لأهل السودان تدليل خاص لـ (ودْ عَماري) في كل منافذ بيعه.. للتمباك مضاره المعروفة لكن من يتحدثون عن مضاره لا يُعرِّجون على فوائده.
لا أحد يستطيع انكار أن كُشك الصّعوط هو أهم أكشاك السوق،
وأنّ سفّة الصباح اهم من يوسف عبد الفتاح .. سفة الصباح هي مفتاح المواعيد، لمن يريد..
إن كانت لديك زيارة باكِرة فما عليك إلا دردمة العماري وأنت تحت البطانية قبل نصف ساعة كي تُصحْصِح للموعد..
وإن كنت شفيفاً فقُل إنّ كيس التمباك يمكن أن يكون ترمومتراً لقياس حالة العِشق! فالعاشق يصدُق مع معشوقه، كلما ضرب طناشاً عن تعاطي التمبكة في تلك الرِّفقة.. و بقدر صهينته عن البُرشامة في ساعة اللقاء، بقدر ما يكون للحبيبة في قلبه نصيب ،، حتى يأتي عليه زمان فتكون الحبيبة أهم لديه مِن كيس التمباك،،
وهُنا تصبح الحبيبة جديرة بالاهتمام، فيتزوجها!
من جرَّب سلطان الكيف يُدرِك أن لا شيء يعادل ذلك الكيس..
لا شيء إطلاقاً، لا قريب ولا حبيب، وما يحدث من احتمال التغاضي – ليس صبراً – بل هو مظاهِر الصبر..
ما أن شاع خبر تمباك المؤتمر الوطني حتى انبرى فقهاء الهيئة لنقد استلام حزبهم لذاك التبرع التمباكي..
بعضهم قال إن المؤتمر الوطني بهذا الموقف (اتْمولَّصْ) عديل،
وبعضهم قال إنه تبرُّع عادي لأن التمباك يدخل ضمن دائرة الإنتاج.. بيد أن الدكتور ربيع عبد العاطي أقر بخطأ حزبه في قبول ذلك التبرع، مشيراً إلى أنه خطأ يجب أن يُصحح..
اما أنا- أعوذ بالله من قولة أنا- لا أعرف ربيع شخصياً، لكن هيئته التي أراها في كُتب الدِّعاية، توحِي بحاجته الماسّة الى تجريب ذلك المُهَّدئ بدرجة قصوى ، حتى تبْتَرِد قليلا انفعالاته الصارِخة.
الى جانب ربيع عبد العاطي قامت قائمة جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وارتفعت أصوات من يسمون أنفسهم بعلماء الدين.. ديل، ما قالوا عديل،
إنو المؤتمر الوطني غلطان،
لكنهم شددوا على تحريم التمباك وطالبوا بسن قانون لتحريم زراعته!
ويا مولانا بالغت..!
الموضوع ما للدرجة دي،
التمباك مو داير ليهو زولاً يزرعو،
و لو قِبْلت حكومتك دي بنوع الكلام دا، صدقني السودانيين ديل- خرم ساكت – يشاكلو ضُلّهُم،
أو تتفجَّر بينهم ما يمكن ان يُسمي بـ (ثورة التمباك) هذا ما سيكون ، بل إنه قد (حدس ما حدس) ..!