باعتباري مواطن سوداني (مثلي مثل غيري) أريد أن أوجّه مطالبة مباشرة لوزارة المعادن السودانية (مَن هو وزير المعادن؟) لتنفيذ ما أعلنته بنفسها عن الشروع في تحريك إجراءات قانونية ضد قناة CNN الأمريكية بسبب كذبها في التقرير الذي بثته على العالم وأعلنت فيه عن تهريب مئات من طنان الذهب السوداني إلى روسيا (223 طن) تقدر قيمتها بمليارات الدولارات بالتواطؤ مع قادة عسكريين (رفيعي المستوى) في السلطة الانقلابية..! وهو التقرير الذي قالت فيه القناة الشهيرة أن مخطط روسيا لنهب موارد السودان كان من اجل تحصين وضعها الاقتصادي ضد العقوبات الغربية بسبب غزوها لأوكرانيا في مقابل دعم سياسي لجنرالات الانقلاب من اجل قمع الاحتجاجات ومساعدتهم على البقاء في السلطة..!
وقالت وزارة المعادن حينها إن الادعاءات التي أوردتها المحطة الأمريكية (مجافية للحقيقة) ولكن الوزارة أقرّت بوجود تهريب للذهب..! وذهب بيان الوزارة إلى الحديث عبر (لفة الكلاكلة) عن (متوسط التركيز) وعن أرباح الأعمال وعن (زكاة المعادن) وعن موظفي المنافذ والمعابر الذين يعملون ليل نهار..إلخ..!
انظر إلى هذا النفي الملتوي وإلى هذه الصياغة الغريبة التي تحمل في جوفها (الزوغان) الذي يشبه ما رواه الجاحظ عن حكاية (رجل كضاااب) اسمه أبو علقمة كان مشهوراً بادعاء المعرفة..قال يوماً لجلسائه إن الذئب الذي أكل سيدنا يوسف اسمه “رجحون” فقالوا له إن يوسف لم يأكله الذئب.. إنما احتال إخوته على أبيهم وجاءوا بدم كذب.. قال أبو علقمة إذاً فهذا هو اسم الذئب الذي لم يأكل سيدنا يوسف..!!
ربما يوحي هذا الرد من وزارة المعادن أن حجم التهريب الذي أوردته قناة “السي ان ان” ليس 223 طن ذهب..ولكن ربما كان 222 طن فقط أو 224 فقد يجوز أن القناة أخطأت في وقية أو وقيتين..وبهذا فإن ادعاءات القناة (مجافية للحقيقة)..! أليس هذا ما يكمن أن يُفهم من رد الوزارة الخجول..؟! إن القضية الآن في حوش الوزارة وعليها مقاضاة القناة فوراً..فماذا فعلت في هذا..؟
كان على وزارة المعادن أن تقول لنا أي جانب من التقرير كان (مجافياً للحقيقة) خاصة وإن التقرير تحدّث عن أسباب خطيرة وراء التهريب..فهل السكوت عن هذا الجانب إقرار واعتراف بأن التهريب كان إلى روسيا ولكن ليس بهذا الحجم الذي ذكرته القناة الأمريكية..!!
ثم لماذا صمت بيان الوزارة عما روته القناة بأن 90% من إنتاج الذهب السوداني يتم تهريبه للخارج بقيمة بلغت 13.4 مليار دولار..وأنه قد تم رصد 16 رحلة جوية إلى روسيا على مدار عام ونصف..وعن زعم القناة بأن لديها تقارير تؤكد تورط شركة (فاغنر) الروسية الأمنية المرتبطة بالسلطة في موسكو وتتخفّى عبر واجهات متعددة في استخراج الذهب من مناطق واسعة في السودان مقابل توفير أسلحة وتدريب لقوات عسكرية وشبه عسكرية في السودان..!
وبما أن اتهامات القناة كان بهذه (الخشونة البالغة)..هل تم مناقشة الأمر في مجلس وزراء الانقلاب بحضور وزير المعادن باعتبار أن وزارته هي الجهة المسؤولة عن ذهب السودان..؟! وهل أخطرت وزارة المعادن الجهات العدلية في السودان مثل وزارة العدل والنيابة العامة والمدعي العام للقيام بتحريك الإجراءات ضد هذه القناة وانتهاز هذه الفرصة لتجريم أمريكا التي دنا عذابها (بعد أن تم فصل عذابها وضرابها عن روسيا)..!
لو قالت وزارة المعادن اليابانية إنها ستحرّك دعوى ضد الجهة الخارجية الفلانية لاتهامها للوزارة بتهريب موارد البلاد ثم صممت ولم تفعل شيئاً..يا ترى ماذا سيكون عليه الحال أمام الشعب الياباني وأمام العالم..؟! ألا يعني ذلك إقرار الوزارة بالجريمة..؟!
لماذا سكتت وزارة المعادن السودانية عن مقاضاة القناة..! هل وصل إلى علمها أنها ستخسر الدعوى أم أن بيانها بالشروع في المقاضاة كان فقط من اجل صرف الأنظار (والبركاوي) حتى ينسى الناس القضية..؟؟.. ما رأى السيد مبارك أردول..!
دعوى murtadamore@yahoo.com