عدم المعرفة مصيبة..وزعماء اليوم (خاصة من جماعة الحركات) الذين يتربعون في حافلة الانقلاب و(مجلس سيادته) ويسافرون للخارج ويعودون..ويجوبون البلاد ويخطبون في رءوس العباد..لا يعلمون شيئاً عن سنوات الإنقاذ وما جرى فيها.. كما لا يعرفون من حولهم وفي صحبتهم من (ذئاب إنقاذية) تعلّق على أعناقها الكرفتات..!!
إن هؤلاء القادة الحركاتية مثلهم مثل كثير من (المستشرقين) في ضعف معرفتهم بمجريات أحوال البلاد وكوارث الإنقاذ..فتراهم يتبرّعون بالثناء على هيئات ومؤسسات كانت وبالاً على الوطن وأهله..وهذا هو (بالضبط) ما حدث من احدهم وهو السيد الهادي إدريس (عضو مجلس سيادة الانقلاب) الذي كال من الثناء لـ”جامعة إفريقيا العالمية” ما تعيا بحمله جمال الشيل..!!
لقد بلغت الحماسة بالرجل أن يطالب مؤسسات الدولة بتقديم الدعم لهذه الجامعة (المؤذية) من أجل (تعزيز مسيرتها) وهو يؤكد من جانبه إلتزام الدولة بدعمها من أجل من أجل خدمة المجتمع ومن أجل (أداء رسالتها وأهدافها السامية) ودورها الرائد وتميّزها بـ (الوسطية)..! حتى أصبحت منارة للجامعات على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي..! ثم قال إنه يدعو الخيرين ورجال الأعمال لدعمها.. وأكد فخر السودان بأن يكون دولة المقر لهذه الجامعة..!
(ليتها ترحل عنّا اليوم قبل الغد بإذن واحد أحد)..!
هل تعلم من كان آخر مدير لهذه الجامعة قبل سقوط الإنقاذ..؟! إنه ذلك الرجل عديم المروءة الذي بلغ به صَغار الوطنية والإنسانية قوله إن الإنقاذ لن تعطي أي مواطن جنوبي (حقنة دواء واحدة) حتى إذا اشرف على الهلاك..!
هل تريد يا رجل أن تعرف قيمة هذه الجامعة..؟! يكفيك أولاً من ذكر محاسنها أن آخر (انجازات) المخلوع قبل خلعه أنه قام بالتبرّع بملايين الدولارات من أموال الدولة التي حملها إلى بيته لجهتين فقط لا ثالث لهما الأولى: جامعة إفريقيا العالمية هذه.. والثانية (قناة طيبة) لصاحبها الفقيه الهارب إلى منتجعات تركيا…! وكان هذا التبرع المنهوب سراً حيث لم يعلن عنه المخلوع ولم تعلن عنه الجهة التي استلمت الفلوس..! فما رائك في جهة يتبرع لها المخلوع بملايين الدولارات إن لم تكن من بين الهيئات التي يحتلها ويستخدمها الاخونجية لمآربهم الخاصة..!! لقد تبرع المخلوع لهذه الجامعة التي كانت ملاذاً للاخونجية والدواعش والمتطرفين و(بوكو حرام) وحركة الشباب الصومالي الإرهابية وموفدي التنظيم العالمي لجماعتهم ومجندي جماعة أبو سياف الفلبيني..! ولا بد أن هناك ما يدعو لأن تكون تركيا أردوغان سخية في الدعم..وكذلك اخونجية الكويت..!
لقد منح المخلوع لهذه الجامعة ملايين الدولارات في وقت لم يتبرّع فيه ببضعة آلاف فقط عندما تعطلت ماكينات غسيل الكلي الخاصة بالأطفال..! وفي وقت شح فيه الخبز وتعطلت اللواري وجفت أحواض الزراعة وصمتت المصانع ورجعت السفينة حامله الوقود على أعقابها من بورتسودان والمخلوع لا يجد بين أولويات الصرف إلا جامعة إفريقيا العالمية وقناة طيبة..!
هذه الجامعة سر مغلق على السودانيين ولا أحد يعلم ميزانيتها ولا كيف تختار العاملين فيها..ولا تظهر أخبارها إلا عندما تريد الإنقاذ (ثم الانقلاب) اصطناع حشد مزيّف فترى حينها الطواقي المستديرة والجلابيب الفضفاضة..! فقد مرّ على رئاسة هذه الجامعة قيادات من الإنقاذ باضت فيها وأفرخت، كما أنها كانت وجهة للعطالى وصائدي الدولارات..وقد استخدمتها الإنقاذ طويلاً من اجل تفريخ التطرّف وإثابة منسوبيها (التأصيليين) الذين تسيل أشداقهم على العملات الأجنبية..! ولأن مرتبات هذه الجامعة كانت بالدولار كانت مهوى أفئدة الإنقاذيين..بل أن بعضهم دخلها شاباً ثم (شاب فيها) وحمل العصا وهو ينعم بدولاراتها مع تقديم فروض الطاعة والولاء للإنقاذ…ولا تغرنّك الادعاءات والمراجعات بعد لهط الدولارات إلى حد الشبع..!
لقد أخذنا نصيبنا من (بركات هذه الجامعة) ونسأل الله أن يتم نقلها إلى بلاد أخرى..فقد اكتفينا من تسمين و(دوعلة) الاخونجية..وشبعنا من مناهج التخلف..ونريد للوطن بدلاً من هذه الطواقي المزركشة أدمغة تجتهد في تنمية الزراعة والصناعة والتقنية والعالم الرقمي..!
الجديد أنهم في اجتماعهم هذا (الذي شرّفه الهادي إدريس) أقصوا مديرها الجديد الأكاديمي الرصين..وجاءوا بمجلس أمناء جديد يكفيك منه أن تكون نائبة رئيسه “سلمى عبد الجبار المبارك” الاخونجية التي كانت عضواً في مجلس السيادة الانقلابي..! أليس في هذا ما يُغني عن معرفة بقية (ركّاب الحافلة)..!
murtadamore@yahoo.com