تصريحان تميزاً بثقالة الوزن، يحتاجا لوقفة أكبر وقراءة بعمق لأن الألسنة القائلة أحياناً يخرسها القول الذي لا يتبعه العمل ، فإن صدق الجنرال ونائبه فيمكن أن التصريحين يساهما في تغيير المشهد السياسي ولربما يساعدا في تقريب وجهات نظر بعض الرافضين للإتفاق والموقعين عليه ، ألقى بهما القائد الإنقلابي ونائبه ، قال البرهان إن القوات المسلحة السودانية ستخضع لإمرة السلطة المدنية بموجب الاتفاق الإطاري الذي وقع الشهر الماضي وهدفنا تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي في السودان من دون تدخل من المؤسسة العسكرية.
وقال دقلو إنه يوافق على دمج الدعم السريع في الجيش وأعلن التزامهم بخروج العسكريين من الحكم والسياسة ودمج الدعم السريع في الجيش كما كشف عن التفرغ لمهمة القوات المسلحة الأساسية .
والناظر لهذين التصريحين لا يفوت عليه أن ( قوة دفع ) قوية دفعت كلاهما الى منصة الهواء الطلق ليبوحا دون ان يتردد كل واحد منهما في كلمة ، إلتزما طوعاً بتحقيق ما يدور في خلد كل الذين ينشدون التغيير ، فهذين التصريحين لا يمكن أن يجود البرهان وحميدتي بهما بهذه البساطة وينفذ كل واحد شروط ومطالب المدنية ( فجأة كده ) ، تلك المطالب التي راحت عشرات الارواح فداء لتحقيقها فكم شهيد زهقت روحه وهو يهتف (الجيش جيش السودان الجيش ما جيش برهان والعسكر للثكنات والجنجويد يتحل ) وهنا لا اعني ما ينص عليه الاتفاق الإطاري ، اعني ما قاله البرهان بعد التوقيع ان المؤسسة العسكرية لن تخضع للاصلاح لكن يبدو ان ثمة طارئ قد طرأ فالمجتمع الدولي الذي ( يشد الحبل ) هذه الايام عبر فولكر هو الذي جعل خطوات العسكريين نحو المدنية تتسارع وربما يصاحبها خفقان في القلب ، للحد الذي يجعلهم يقدمون لها التنازلات تباعا ، لكن رغم ذلك يبدو ان ما يطلبه الشارع اكبر لأنه قابلها بذات الرفض.
كما ان للتصريحات دلالات اخرى اهمها أن لغة البرهان وحميدتي تجاوزت العبارات على شاكلة ضرورة ( إشراك الجميع ) و( عدم الاقصاء ) وهذا يعني أن العسكريين كأنهم تجاوزوا الكتلة الديمقراطية ، وعزفوا عن التعاطف معها واستبدل البرهان لغة التهديد بلغة ناعمة (نأمل أن نرى قريبا حكومة مدنية تقود البلاد في المرحلة الانتقالية) .
فبداية التقرب ذراعا نحو المدنية من قبل العسكريين وصلت مرحلة (الهرولة) وهذا هو الذي جعل الكتلة الديمقراطية تفتح النار على أطراف الاتفاق ، وهاجم القيادي في الحرية والتغيير-الكتلة الديمقراطية، الهادي عجب الدور تدشين المرحلة الثانية للاتفاق الإطاري بسبب أنه يقود للإقصاء والشمولية، ووصفه بأنه حفلة من حفلات الموسم السياسي المأزوم ، هذا بجانب غضب مناوي .
فهل حقا قطار الاتفاق السياسي تجاوز محطات الكتلة الديمقراطية ام ان اللحاق به مازال ممكنا، اللحاق لا الإغراق.
طيف أخير:
الإعلام(الرمادي) مازال يسيطر على قاعة الأحداث في وثبة البشير وانقلاب البرهان واتفاق قحت الإطاري.
الجريدة