في خضم الفشل الاقتصادي أحس وزير المالية بأن الخطر يحيط بكرسيه وأنه سيفقده حال مراجعة اتفاقية سلام جوبا فرتبت حركة العدل والمساواة وحكومة ولاية جنوب دارفور لأول زيارة لرئيسها د.جبريل إبراهيم لولاية لحاضرة جنوب دارفور نيالا في محاولة لكسر الجمود وتحسين صورة وزير المالية.
كيف تتحسن صورة الوزير الانقلابي ولا نحتاج لسبر أغوار أو إدامة نظر لنعرف المعاناة التي يعيشها المواطن السوداني واستحالة مواصلته لأشهر معدودات إذا استمرت الأوضاع بهذا الجحيم الذي لا يطاق.
كيف تتحسن صورة الوزير وقد أسهم الغلاء المتنامي في تزايد الفقر بصورة واسعة وعجز المواطنون عن تأمين لقمة العيش اليومية.. وقدّر خبراء ومختصون في الشأن الاقتصادي ارتفاع معدلات الفقر بأكثر من (80%) فيما لا تزال الاحتجاجات العمالية مستمرة بسبب عجزه عن زيادة أجور العاملين بالدولة ليتمكنوا من مقابلة ضغوط الحياة، فساءت أوضاعهم سوءا بسبب ضعف ما يحصلون عليه من أجر مع ارتفاع جنوني في الأسواق رغم تنامي مشاكل الركود وضعف القوى الشرائية.
وفي المقابل بسبب الإجراءات الفاشلة هرب التجار ودخل البعض منهم في إضراب بسبب الأعباء الضرائبية والبعض الآخر هرب بأموال البنوك مخلفا وراءه ديون واجبة السداد ولاتزال الحركة التجارية تعاني العديد من المشاكل، فالأسواق مليئة بالسلع والمنتجات وسط ضعف شديد لمعدلات الشراء جراء عدم توفر السيولة الكافية لدى المواطنين، فضلا على استمرار مماطلة وزير مالية الانقلاب عن الإيفاء بمتطلبات العاملين بالدولة ولا تزال الاحتجاجات مستمرة.
ففي الوقت الذي يطالب المعلّمون بتعديل الهيكل الراتبي برفع الحد الأدنى للأجور إلى 69 ألف جنيه سوداني بدلا عن 24 ألف جنيه الذي أجيز في ميزانية 2022، لتمكين المعلمين من مواجهة الأوضاع المعيشية المتردية وغلاء السلع الاستهلاكية، والتنفيذ الكامل لقرارات مجلس الوزراء للأعوام 2021 و2022 برفع الحد الأدنى للأجور ..ففي الوقت نفسه شرع الموظفين في ديوان الضرائب الدخول في اضراب مطالبين بتحسين الأجور ومن بعد ذلك جاء طلاب الجامعات على الخط وتظاهروا بسبب زيادة الرسوم.
إزدادت معدلات الفقر والبطالة بنسبة كبيرة بسبب الأضرار الناجمة من (تحرير الوقود وزيادة أسعار الكهرباء وتخفيض قيمة الجنيه) في حين أن وزارة المالية سادرة في غيها ولا يهمها أو يقلقها أو حتى تعتبر أن اتساع دائرة الفقر أمر مزعج، فأصبحت هناك طبقات فقيرة وليس طبقة واحدة.
وتأثير الفقر لا يتوقف على لقمة العيش وصعوبة الحصول عليها بل شكت عدد من الأسر مبدية قلقها لفشلها في مواصلة تعليم أبنائها في ظل الغلاء المتنامي وعدم قدرتها على سداد المصروفات الدراسية، فيما اضطر البعض للسفر إلى القاهرة باعتبارها الأقل رسوما فيما قام البعض الآخر بتجميد وتأجيل الدراسة لحين تحسن أوضاعهم المالية.
والغريب أن كل ذلك يحدث بسبب الانقلاب الذي بموجبه رفضت الدول الداعمة للانتقال الديمقراطي في السودان مد يد العون له إلا في حالة العودة للمسار الديمقراطي والأغرب أن وزير المالية المؤيد للانقلاب قائد حركة كفاح مسلح ترفع من محاربة التهميش شعاراً لها ومع ذلك بدلاً من تصحيح الخطأ الذي وقع فيه عندما طلب من العسكر التدخل لاستلام السلطة من منصة إعتصام (الموز)!! فهل كل هذه الشواهد غير كفيلة بأن تؤكد صعوبة تحسين صورة وزير المالية الانقلابي وتسويقه للشعب السوداني مرة أخرى ؟ غداً ينتهي أمر الحشود المصنوعة ويتذكر جبريل عندما يعود أن المواطنين في نيالا والخرطوم يتظاهرون ضده.
الجريدة