الخرطوم – التحرير:
ظلت قضية العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على السودان منذ تسعينات القرن الماضي مثار جدل السواد الأعظم من فئات الشعب السوداني، حاكمين ومعارضين، وفي أوساط المواطنين البسطاء.
وكان مربط الفرس في ذلك الجدال هو الأثر الفعلي للقرار الأميركي، الذي قضى برفع تلك العقوبات عن البلاد الصادر في 6 أكتوبر 2017، وما يمكن أن يضيفه من ملامح ايجابية على وضعية الاقتصاد السوداني، هل سيتنزل القرار على اقتصادنا برداً وسلاماً، ويساهم في حل الضائقة المعيشية ، أم إنها مجرد تطمينات يطلقها نظام “الإنقاذ”( نظام الرئيس عمر البشير) حتى يوحي بأن الانفراج بات وشيكاً لا محالة، في مغالطة صريحة لما هو كائن على أرض الواقع.
تحليلات الخبراء ترى أن المشكلة أكبر من مجرد رفع حظر اقتصادي عن السودان، حتى وإن بدأ كخطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أن ثمة خطوات أخرى لابد من تحقيقها ليستعيد اقتصاد البلاد عافيته.
(التحرير) استطلعت آراء بعض القوى السياسية حول ما يدور الآن على الساحة السودانية، على الصعيدين السياسي والاقتصادي بشأن رفع العقوبات، وأجمع من استنطقناهم على أهمية الحل الداخلي لمجمل الأزمات التي تعاني منها البلاد، كالحروب والنزاعات التي تسبب فيها النظام ذاته، ومحاربة الفساد والمحسوبية.
الشيوعي: لن تؤثر ايجابياً على الاقتصاد:
تفعيل الانتاج وإشاعة الحريات وتحقيق قيم العدل والمساواة بين المواطنين كافة. هذه أهم القضايا التي اشار إليها القيادي بالحزب الشيوعي السوداني كمال كرار الذي قال لـ (التحرير) إن رفع العقوبات الاقتصادية لن يؤثر تأثيراً ايجابياً على الاقتصاد السوداني، لأن الاقتصاد مكبل بعدة قيود داخلية، لافتاً إلى أن الحديث عن أية آثار ايجابية هو حديث غير صحيح ؛ وقال إن ما يتبناه النظام من سياسات خاطئة أثرت على أوضاع البلاد بشكل عام .
الإصلاح الآن: النظام غير مؤهل:
القيادي بحركة الإصلاح الآن د. أسامة توفيق ربط فعالية الخطوة الأمريكية الأخيرة بمدى قدرة الحكومة على إحلال السلام ومحاربة الفساد وزيادة الانتاج وتحريك الصادرات، ورفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب، وأشار في إفادته لـ (التحرير) إلى أن هنالك عقوبات فعلية ما زالت قائمة بمقتضى سلام دارفور الذي يقع ضمن سلطات الكونغرس الأميركي وليس إدارة الرئيس دونالد ترمب، ما يعني عدم تمتع السودان بالاستثمارات الفاعلة والطويلة الأجل وعدم استفادته من القروض التي يقدمها صندوق النقد الدولي.
وأكد أن النظام غير مؤهل لإحداث الاصلاح الاقتصادي المطلوب وهو يعلم تماماً (أي النظام) أن الحديث عن تعافي الاقتصاد مجرد أحاديث كاذبة، مشيراً إلى إمكان رفع الدعم عن الوقود في الغد القريب، وتساءل: ما التفسير الذي سيقدمونه جراء ذلك بعد أن انتهت شماعة العقوبات، وتوقع القيادي بالإصلاح الآن انخفاض أسعار الدولار وبقية العملات الأخرى لمدة وجيزة ومن ثم ارتفاعها مرة أخرى بفعل المضاربين في سوق العملة.
البعث: خطوة لابد أن تتبعها خطوات:
رئيس حزب البعث العربي الاشتراكي التجاني مصطفى أكد في حديثه لـ (التحرير) وقوف المعارضة مع رفع العقوبات لأنه ما منطق يسندها، إلا أنه استدرك قائلا : مع ذلك لابد أن تقوم الحكومة بعمل اصلاحي كبير في بنية الاقتصاد السوداني ، ومن غير ذلك ستجد الحكومة نفسها وهي تبيع في الأوهام ، والتي من ضمنها انه وبمجرد رفع العقوبات الاقتصادية عن البلاد سيصب العالم كل أمواله داخل السودان، واستبعد التجاني حدوث ذلك الأمر لأن السودان مثقل بالديون، وما زال مصنفاً في قائمة الدول الداعمة للإرهاب.
وقال لابد أن تعمل الحكومة على إزالة اسم السودان من هذه القائمة، مشيراً إلى أن هذه الأشياء جميعها مرتبطة بحل الأزمة السياسية باعتبار أنها أم الأزمات، والتي جاءت كنتيجة بارزة لسياسات النظام، وشدد على أن رفع العقوبات خطوة لابد أن تتبعها خطوات أخرى كبيرة.