من أجل الاتساق لا اكثر!!
كتبت رشا عوض
من حق الدكتور محمد جلال هاشم والاديب عبد العزيز بركة ساكن اتخاذ موقف منحاز للجيش ، وترديد سردية ان الجيش مؤسسة وطنية بدونها يمكن أن تنهار الدولة، وأن الجيش مهما بلغت عيوبه فإن الوطنية تقتضي الصبر عليه لأنه قابل للإصلاح.
ولكن حتى نبلع هذا الموقف لا بد أن يعتذر د. محمد جلال عن تمجيده لجون قرنق ورفعه إلى منزلة المسيح عليه السلام، فحسب علمي جون قرنق ما كان يحارب حملة الدفتردار او جيش كتشنر بل كان متمردا على جيش الهنا الذي أصبح الاصطفاف خلفه الان دون قيد او شرط واجبا وطنيا!
وذات الأمر مطلوب من الأديب عبد العزيز بركة ساكن المنحاز للحركة الشعبية جناح عبد العزيز ادم الحلو الذي حتى آخر مفاوضات كان مصرا على الاحتفاظ بجيشه وعدم دمجه في جيش الهنا لان له رأي في قومية هذا الجيش! الحلو كذلك ليس في حرب لتحرير حلايب او استرداد إقليم بني شنقول من الحبشة بل هو في حرب مع جيش الهنا مواصلة لما بدأه قرنق!
باختصار يشهد واقعنا وتاريخنا القريب جدا بأن الجيش مؤسسة مأزومة والشعب السوداني بمختلف تياراته ليس موحدا حولها بدليل ان كل الذين يرفعون عقيرتهم الان بأن الاصطفاف خلف الجيش بداهة وطنية ومن المسلمات غير المطروحة للنقاش تورطوا هم او تورطت مؤسسات يناصرونها في رفع السلاح في وجه الجيش!
الحركة الشعبية حاربت الجيش قرابة الربع قرن وبعد توقيع اتفاقية نيفاشا أصر جون قرنق على الاحتفاظ بجيشه لانه لا يثق في الجيش وسار على دربه الحلو!
حزب الأمة والوطن الاتحادي بقيادة الشريف حسين الهندي ومعهم الكيزان ( يا سبحان الله) كونوا الجبهة الوطنية التي عارضت نظام نميري بالسلاح وبالفعل غزت الخرطوم عام ١٩٧٦م وقاتلت جيش الهنا لأيام قتالا ضاريا ، وما زال الكيزان يفخرون بشهدائهم في تلك المعركة وعلى رأسهم محمد صالح عمر وعبد الإله خوجلي!
في معارضة الانقاذ رفعت غالبية فصائل التجمع الوطني الديمقراطي السلاح في وجه جيش الهنا ( جيش الأمة للتحرير، قوات الفتح التابعة للاتحادي الديمقراطي، وقوات مجد التابعة للحزب الشيوعي،فضلا عن الحركة الشعبية وقوات التحالف بقيادة عبد العزيز خالد )
فشنو، بدلا من التنطع الأكاديمي وسلخ جلد الناموسة في محاضرات عن الفرق بين الجيش النظامي والمليشيا وشرح مزايا الجيش السوداني، مفروض نعترف إما بأزمة الجيش الذي حاربته القوى السياسية من اليمين واليسار ومن المركز والهامش ومن الشمال والجنوب والوسط وشككت في قوميته ، ونتفاكر حول كيفية بناء جيش وطني ومهني يمثلنا جميعا و لا يقتلنا ولا نقاتله وذلك في سياق مشروع وطني ديمقراطي،يطوي صفحة الحكم الاستبدادي المسنود بالجيش وصفحة الانقلابات العسكرية وصفحة التمرد المسلح ضد الجيش، وإما ان يعتذر كل من رفع سلاحه في وجه الجيش وكل من تعاطف او انتمى لحركة حاربت الجيش ويعترف بأنه كان في غفلة عن واجبه الوطني.
هذه البلاد في أزمة مركبة لا تنحصر في الجيش فقط، بل تشمل حتى القوى السياسية والمثقفين الذين تتبدل مواقفهم بتبدل مواقعهم!
أكاد أجزم لو كان الذي يحارب الجيش في شوارع الخرطوم الان هو الجيش الشعبي بقيادة الحلو ما كنا سمعنا كلمة واحدة عن الجيش النظامي حامي حمى الدولة، بل كانت ستصم آذاننا حكايات السودان الجديد والبان افريكانزم والدولة المركزية الشينة القبيحة السنيحة التي لا يجدي في مواجهتها سوى الاجتثاث بالسلاح!
لا_للحرب
هذه حرب الكيزان
الاصلاح الامني العسكري