أدى الصراع المسلح بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لتدمير القطاع الصناعي السوداني الرئيسي في مدن الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان، بما يمثل نحو 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لما أكده خبير اقتصادي سوداني، متوقعاً أن تستغرق استعادة عافيته عدة أعوام، ما لم تقف الحرب فوراً، ويتم تعويض المتضررين.
وفي وقت تعرضت فيه العاصمة السودانية المثلثة إلى أكبر حالات النهب والحرب على أيدي معتادي الإجرام خلال الصراع المسلح بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، فإن 17 مصنعاً في مختلف المجالات الصناعية والغذائية والدوائية تعرضت للنهب، وبعضها تعرَّض للإحراق تماماً، وفق أول إحصائية مبدئية.
وتم سلب أكثر من 36 من المستودعات والمخازن والمحلات التجارية والشركات والبقالات والصيدليات، وأكثر من 54 فرعاً لعدد من البنوك الرئيسية في نواحي العاصمة السودانية المثلثة، وأكثر من 10 أسواق رئيسية من كبرى أسواق الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان، بحسب إحصاءات غير رسمية.
وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور محمد الناير في تصريحات صحفية إن القطاع الصناعي السوداني يمثل نحو 20 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهي برأيه نسبة كبيرة مؤثرة في حركة الاقتصاد السوداني، مبيناً أن معدلات نموه تنسجم مع مؤشر نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل عام، مشيراً إلى أنه ظل منذ جائحة «كورونا» وما بعدها يسجل نسبة نمو سالبة.
وبحسب الناير، فإنه كان من المفترض أن يتعافى الناتج الإجمالي المحلي في عام 2023 بتحقيق معدل موجب، غير أنه اندلعت الحرب بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وأثرت سلباً في هذا القطاع الحيوي، بصورة كبيرة، الذي سيؤثر بطبيعة الحال على حجم إنزال السلع في الداخل.
ولفت إلى أن حجم الدمار الذي لحق بقطاع الصناعة بسبب الصراع المسلح الحالي كان ولا يزال كبيراً، من خلال ما يشاهد من إحراق للمصانع وتدمير ممنهج للبنى التحية ذات الصلة، ونهب المخازن التي كانت تُستودع فيها المواد الخام الأولية للصناعات.
وفي ظل استمرار الاشتباكات بين طرفي النزاع وزيادة الضرر الواقع على القطاع بشكل يومي، فإنه من الصعوبة تحديد حجم خسائر القطاع على وجه الدقة، وغيره من القطاعات الأخرى، غير أنه من المؤكد أنه تم فقد مليارات الدولارات جراء الضرر الواقع على القطاع، والنهب الذي حدث كبير، على حدّ تعبير الناير.
وأوضح الناير أن أكثر الصناعات تأثراً بالصراع المسلح في السودان الصناعات الغذائية والدوائية والصناعات الاستراتيجية الغذائية والتحويلية والأخرى، مبيناً أن هناك حاجة إلى عقود لاستعادة عافية القطاع الصناعي لكبر حجم الضرر الذي وقع عليه، من حيث الدمار الكبير للبنية التحية والنهب الذي حصل للقطاع.
وشدد على أنه من الصعوبة أن يستعيد القطاع الصناعي توازنه في المدى القريب، في 2023، وربما يحدث ذلك في 2024 أو 2025، بصورة متدرجة، مؤكداً أن ذلك يتوقف على دور الدولة، لأن عليها أن تجد آليات لتعويض كل الذين تضرروا من الحرب خلال الفترة الماضية بصورة كبيرة.
وتابع الناير: «إذا قامت الدولة بدورها كاملاً، فسيقلل ذلك من الوقت الذي يحتاج فيه القطاع الصناعي إلى استعادة عافيته كاملة، في 2024، إذا وجد السند الكافي من الدولة، وللدور كبيرة ليس فقط الدعم بل هناك مثلاً إجراءات كثيرة، منها الإعفاءات الجمركية، والضريبية، وغيرها من السياسات التي يمكن أن تساعد في استعادة بناء القطاع مرة أخرى».
بالنسبة إلى أكثر الأسواق الخارجية التي خسرها القطاع، يعتقد الناير أن الصادرات الصناعية السودانية ليست بالحجم الكبير، ولكنها تستورد صناعات بشكل أكبر، ولذلك فإن الذي يخسر هو السوق المحلية والمستهلك السوداني الذي يعتمد على الصناعات المحلية من المنتجات الاستهلاكية اليومية.
واستدرك: «السودان، حاله حال معظم البلاد الأفريقية، صادراته للقطاع الصناعي خارجياً يصدرها في شكل مواد أو مواد أولية، حيث يخسر السودان قيمة إضافية عالية؛ لعدم قدرة القطاع على التطور ومواكبة المستجدات واختراق الأسواق العالمية، وتصدير المنتجات مصنَّعة».
وأضاف الناير: «هذا لا يعني أنه ليس من منتجات صناعية سودانية تُصدَّر إلى الخارج، ولكنها تبقى في حدودها الدنيا لا تشكل حجماً كبيراً في الأسواق العالمية»، متوقعاً استعادة القطاع عافيته، بصورة متدرجة، في عامي 2024 و2025، وعوضت الدولة الذين تضرروا من ذلك؛ ما سيقلل من فترة استعادة القطاع لعافيته بشكل كامل.