أكملت الحرب التي اندلعت بين الجيش والدعم السريع في 15 أبريل الماضي شهرا مر ثقيلا على السودانيين، فالمعارك التي تدور بين الطرفين حتى الآن خلفت دمارا لم تشهده العاصمة الخرطوم من قبل، فضلا عن معارك أخرى في دارفور، وولاية شمال كردفان بمدينة الأبيض.
ومع تبادل الاتهامات بين الطرفين حول البادئ بإشعال نيران الحرب, إلا أن المحصلة كانت خرابا هائلا، وأرواح أزهقت من المدنيين والعسكريين، وخسائر مادية كبيرة ، ومما فاقم الأمر حوادث النهب والسرقة التي طالت الأسواق والمحلات التجارية والمصانع، بل والمنازل أيضا. مع استمرار حدة المعارك بين الطرفين وتفاقم الأزمة الإنسانية.
وتخللت الحرب العديد من الهدن التي سعت لتهدئة النار المشتعلة، ولكنها خرقت جميعها، وتبادل الطرفان مسؤولية خرقها.
ووقع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مساء الخميس (11 مايو 2023م)، على اتفاق مبادئ أولي في جدة يؤكد التزامهما بسيادة السودان ووحدته.
وأكد إعلان جدة على امتناع الجيش السوداني والدعم السريع عن أي هجوم من شأنه أن يتسبب بأضرار مدنية، واتفق الجانبان على السماح لجميع المدنيين في السودان بمغادرة مناطق الأعمال العدائية والمحاصرة، إضافة للالتزام بالإجلاء واحترام المرافق العامة والخاصة في السودان وحماية العاملين في المجال الطبي والمرافق العامة، واتفقا كذلك على اعتماد إجراءات بسيطة وسريعة لعمليات الإغاثة الإنسانية في السودان، والالتزام بحماية الاحتياجات والضروريات لبقاء المدنيين على قيد الحياة في السودان.
واستمرت المعارك بين الطرفين ، وشهد القطاع الصحي تدهورا كبيرا على إثر الحرب التي لم تتوقف، وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الاثنين (15 مايو 2023م)، إن المرافق الصحية في السودان على وشك “الانهيار”، وذلك بعد شهر من اندلاع اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع في البلاد.
وأضافت اللجنة عبر حسابها على تويتر أن مرافق الرعاية الصحية في السودان تعاني منذ أسابيع من نقص الإمدادات والعلاج، مشيرة إلى توقف أكثر من 70% من المستشفيات عن العمل.
وفي الوقت الذي مازال العديد من السودانيين محاصرين في المستشفيات من دون كهرباء أو مياه، بينما يتم إجلاء مرضى آخرين يحتاجون إلى رعاية طبية.
وقال موظفون في القطاع الطبي ومتطوعون لـ(بي بي سي) إنهم يعانون منذ بداية الاشتباكات ضغوطاً نفسية هائلة بسبب نقص الطعام والشراب، فضلا عن الخوف من القصف العشوائي المستمر في المناطق المحيطة.
ويقول أحد الأطباء في حديثه مع (بي بي سي): “لقد تلقينا بعض المساعدات العينية لكن ذلك لا يكفي. نحاول الآن إخلاء المستشفى بالتنسيق مع السلطات المعنية، لكن لا توجد خطة إخلاء مناسبة، مما يسبب مزيدًا من المخاوف، لأننا في منطقة شديدة الخطورة وعرضة للهجمات”.
وشهدت الأزمة السودانية تطورا آخربدخول طرفا النزاع في محادثات جديدة بمدينة جدة السعودية في الرابع عشر من مايو الجاري.
وكان مصدر سعودي رفيع قد كشف أن ممثلي الجيش السوداني وقوات الدعم السريع سيعقدون جولة جديدة من المحادثات في جدة، الأحد(14 مايو 2023م)، بناء على آلية تنفيذ إعلان جدة، بحسب ما نقلت عنه «رويترز»، وأفاد المصدر، بأن المفاوضات ستركز على خطة لتسليم المساعدات الإنسانية وضمانات فتح ممرات آمنة وإزالة القوات من المناطق المدنية. يشار إلى أن المبعوث الأممي الخاص بالسودان فولكر بيرتس كان قد توقع، في وقت سابق، استئناف المحادثات، واعتبر أنه من غير المفترض أن يستغرق الاتفاق على شروط وقف إطلاق النار وقتاً طويلاً، في إشارة إلى الهدنة القصيرة التي من المفترض أن تمتد لـ 10 أيام، بغية إتاحة المجال لتنفيذ ما نص عليه اتفاق المبادئ الأولي الذي وقع سابقا في جدة بين الجيش والدعم السريع.