السودان … في ضمير الطبيب الإنسان علي فخرو الأحداث الراهنة تنفيذ لمخطط الصهيوني برنارد لويس

تحت عنوان “إنها نفس المؤامرة للوصول إلى نفس الكوارث” كتب الدكتور علي محمد فخرو مقاله رائعة عن السودان في 25 مايو 2023 بجريدة الراية -صفحة المنتدى، قال في مستهلها “أن الفاجعة الجديدة في السودان خرزة في مسبحة “سايس-بيكو القديمة” وتساءل متى سيدرك العرب بما فيهم مؤسسات القمة العربية والجامعة العربية والتعاون الإسلامي، أن الفاجعة الجديدة في القطر السوداني ليست إلا خرزة في مسبحة “سايس-بيكو” القديمة ومسبحة الصهيوني برنارد لويس الحديثة … وهي مسبحة تشويه ثم محو مكوني العروبة والإسلام كتمهيد للإستمرار في عملية تقسيم الوطن العربي كله إلى دويلات وجماعات متناثرة، ضعيفة متخلفة وخارج العصر.
ويضيف د. فخرو أن الهدف هو الهوية والوحدة، وقد جاء دور السودان الذي تتهيأ فيه الظروف شيئاً فشيئاً، وتقول بعض الدوائر الأمريكية أنها ستعمل على تحققه بصورة تدريجية خلال ال 15 سنة القادمة.

وتفاصيل سبل وطرائق تحقيق ذلك فصلها الصهيوني برنارد لويس منذ سنوات في برنامج استراتيجي ناقشه الكونغرس الأمريكي في جلسة سرية ووافق على أن يكون أساساً وموجهاً لدوائر الحكم الأمريكية في تعاملها مع الأقطار العربية المفصلية، ومن قبل ذلك وضعها الصهيوني بن جوريون كجزء من السياسة الخارجية للكيان الصهيوني.
ويقول د. فخرو ما على الإنسان إلا أن يراجع ما فعلته أمريكا، تحت غطاء كل أنواع الكذب والإفساد والخيانة بالعراق وسوريا وليبيا كأمثله على تدمير مادي وإستباحه للثروات واستنفار لشتى الخيانات وإثارة لكل النعرات التي وضعها وطالب بإثارتها واستعمالها برنارد لويس، حتى يدرك حجم المآسي التي تنتظر شعب السودان وعلى الأخص قوى الثورة والوطنية فيه.

ويضيف د. فخرو أن الموضوع السوداني ما لم ينظر إليه -لا من زواياه الداخلية فقط- وإنما أيضاً من زواياه القومية والإسلامية والإقتصادية العولمية الرأسمالية الطامعة في ثروات السودان والجنون الديني اليميني الصهيوني بشأن السيطرة الجيواستراتيجية الكاملة على البحر الأحمر ومداخله، ما لم ينظر إليه كجزء من عواصف استعماريه زادت قواها وقدراتها في العشرين سنة الماضية، و يراد لها أن تستمر في الهبوب والتدمير قبل أن يحل الأفول الأمريكي المنتظر، فإننا لن نرى فقط زوال السودان العربي الذي عرفناه، المملوء بالإمكانات الهائلة، وإنما زوال الكثير من الأقطار العربية الأخرى في المشرق والمغرب على حد سواء.

الشكر لسعادة السيد شريده الكعبي “شيخ العرب” الذي لفت نظري لهذه المقالة الرصينة والرائعة للدكتور علي محمد فخرو حول الشأن السوداني وكنت قد كتبت في 27 ديسمبر عام 2020 وفي ذات المساحة مقالة مطولة تحت عنوان “هل مازالوا يخططون لتقسيم السودان؟” … وقلت أن القضية ليست وليدة اليوم، فمنذ مجيء انقلابيي 30 يونيو 1989 من المتأسلمين كان هناك مخطط شيطاني لتمزيق السودان وبيع وتأجير أراضيه لدول أجنبية ولم يخفي المتأسلمون أبعاد هذه المؤامرة بل سعوا لتسويقها عبر منابرهم السياسية وغفلة القوى السياسية إن لم نقل تآمرها في هذا المخطط اللعين.

وقلت في ذات المقال أن ضربة البداية جاءت مما أعلنه أحد أبرز قيادات الجماعة الإسلامية وهو عبدالرحيم حمدي -الذي رحل إلى مولاه- وكان يشغل منصب وزير المالية في الحكومة الإنقلابية الأولى، حيث كان أول المتحدثين عما عرف لاحقاً “بمثلث حمدي” الذي ظهر في العام 2005 وحصر السودان في “دنقلا وسنار وكردفان” واستبعد دارفور والمنطقتين “جنوب كردفان والنيل الأزرق” كما أستبعد الشرق وأقصى شمال السودان وهي جميعاً ذات ثقافات ولغات خاصة بها … وكان جنوب السودان أول المغادرين.
وتساءلت في ذلك المقال: هل هي مصادفة تطابق الرؤى بين عبدالرحيم حمدي والصهيوني برنارد لويس أعدى أعداء الإسلام على وجه الأرض وصاحب أخطر مشروع في القرن العشرين لتفتيت العالمين العربي والإسلامي من باكستان إلى المغرب … أم أن وراء الأكمه ما وراءها؟

لم يكتفي برنارد لويس المولود في لندن عام 1916 وهو مستشرق بريطاني الأصل يهودي الديانة صهيوني الإنتماء أمريكي الجنسية بالتعبير صراحة عن كراهيته للإسلام والمسلمين بل ألف نحو عشرين كتاباً عن الشرق الأوسط أرفق خلالها مخططه الإجرامي بصور وخرائط تفصيليه لتقسيم العالمين العربي والإسلامي.

الهدف من هذا المخطط الإستعماري الذي خططته وصاغته الصهيونية والصليبية العالمية هو تفتيت العالم العربي والإسلامي وتجزئته وتحويله إلى فسيفساء ورقيه لتبقى اسرائيل هي السيد المطاع.

وتحت عنوان “بروفايل علي محمد فخرو” عثرت في الوسائط الأسفيرية عن معلومات قيمة عن “طبيب الفكر والمجتمع والسياسة” المولود بالبحرين العام 1932.
وتشير تلك النبذة أن المحطات التي عبرها فخرو على مدى خمسة عقود من الممكن أن تؤيد الفكرة التي تقول أن “الطبيب الإنسان” القار في وجدان فخرو هو من أتاح له -في كثير من الأحيان- الإفلات من الأعراض التي تفضي إلى تصلب الفكر وفقر الإبداع وضيق الأفق وتراخي الأفعال ولا يختلف ذلك في كثير من التفاصيل عن إنقاذ الجسد من تصلب الشرايين وفقر الدم وضيق التنفس وتراخي العضلات … لقد كان أول طبيب في تاريخ البحرين على إلمام مبكر بأن “معاناة الآخرين” هو أول بروفه للإنسان مع الحياة.
منذ صغره وتحت وطأة الحرمان من حضن الأم في الطفولة كون فخرو استشعاره المرهف بالأخر وبالحقل العام وحين أصبح وزيراً للتعليم فعل الكثير لكي يجرم العنف ويضخ في المناهج روح الإنسان والعصر.

وحمله طائر الأحلام ليحلق بعيداً في أفاق ممدودة – وممتدة حتى اليوم- على الوحدة والحرية والعدالة والديمقراطية.

والسياسة عند فخرو ليست “ثأراً” ولكنها وعياً لإحتياجات الناس والمساهمة في تحقيقها.

ووجه الدكتور فخرو نصائح قيمه لأبناء الشعب السوداني مطالباً كل قوى المجتمع المدني السياسية والثقافية والنقابية والمهنية والنسائية والدينية أن تتغلب على خلافاتها وتقول كلمة “لا رجوع” إلى نظام الحكم العسكري، كما طالب شباب وشابات السودان الذين وصفهم بالرائعين بضرورة الإنتباه لمخاطر الآتي.