أعارني صديقي الأستاذ بكري جابر مجموعة من الكتب المختارة من بينها “نور الشقايق ..هجعة في صفاتها ودارها”، وزمانها تأليف الدكتور حسن الجزولي. اخرجني الكتاب من جو القلق الذي سببته الحرب الغبية التي أدخلت السودان في معارك عدمية بلا هدف ولا رؤية. يتناول الكتاب سيرة شابة مختلفة سطع نجمها في مطلع عشرينات القرن الماضي بمدينة أمدرمان عندما استأجرت جمعية الاتحاد السوداني جزء من منزل اسرتها حولته بحضورها المميز إلى صالون أدبي سابق لصالون مي زيادة. من الذين ارتتبطوا ب(فوز) وبدارها وشهدوا تفاصيل الأنشطة الثقافية والفنية التي شهدتها الدار محي الدين جمال ابوسيف مؤسس رئيس جمعية الاتحاد السوداني. كشف محي الدين ابوسيف الاسم الأصلي لفوز وموقع دارها ومن تكون، إنها الشول ابنة حلوة التي حولت الدار المؤجرة إلى صالون أدبي عامر بالانشطة الثقافية والفنية والسياسية. اوضح المؤلف أن دار فوز تقع في حي المسالمة بشارع كرري شمال متجر العدني الشهير بسوق أمدرمان قريبا من خلوة الشيخ حسن البصري على اليمين من مدرسة ست فلة أشهر مدارس تعليم اللغة العربية في ثلاثينات واربعينات القرن الماضي. في تلك الدار كانت فوز التي لم يتجاوز عمرها التاسعة عشر تستقبل ضيوفها و تهيء لهم جلسات سمر تستمر حتى فجر اليوم التالي. روادها كانوا من أشهر مثقفي ذلك الزمان ذكر المؤلف منهم الأمين علي مدني وابراهيم بدري وخلف الله الجاج خالد وعبيد حاج الأمين وصالح عبدالقادر وسليمان كشة. من المع الفنانين الذين كانوا يرتادون دار فوز خليل فرح الذي كانت تحتفي به وتصر على اجلاسه جوارها وتمد له العود وهي تقول غني لفوز فينظر لها ويقول تم دوره ودور وشال باقي الحلة نور زي بدر التمام.
تعرض الكتاب للخلط الذي دار حول فوزات العاصمة لكنه قال إنه يميل للمعلومات التي أوردها الأستاذ حسن نجيلة في كتاب ( ملامح من المجتمع السوداني). تضمّن الكتاب إفادات مهمة عن فوز التي كان رواد الدار يطربون لصوتها الآسر، وقال المؤلف إن أداء فوز لأغنياتها كان انقلاباً نحو الحداثة بمقاييس تلك الحقبة.
استعرض الكتاب بعض الأغنيات الوطنية التي انتشرت من دار فوز، مثل: يا ام ضفائر دقي الرسن واهتفي فليحيا الوطن و…… نحن ونحن الشرف البازخ دابي الكر شباب النيل. لاينسى المؤلف أن يذكر لنا أن خليل فرح كان يقول لفوز وهو يغني: ياجميل يانور الشقايق أملا كاسك واصبر دقايق مجلسك مفهوم شوفو رايق عقده ناقص زول ولاتام. ينطفي وهج تلك الأمسيات رويداً رويداً بموت خليل فرح أحد الأوتاد الأساسية لدار فوز ومجتمع أمدرمان.