قال تعالى: (وحملناه على ذات ألواح ودُسُر* تجري بأعيننا جزاء لمن كان كُفر * و لقد تركناها آية فهل من مدكر) (القمر: 13- 16).
هكذا يقول الله عن سفينة نوح عليه السلام التي كانت تصارع الأمواج العاتية التي تقتلع الجبال الصم الراسيات. فالسفينة ما هي إلا مجرد بضع ألواح خشب تجمع بينها دُسر أي “مسامير” لتصبح لُحمة واحدة متماسكة لتُقل ما بداخلها.
والسفينة ما هي إلا مجرد سبب لنجاة الذين هم بداخلها من قوم نوح، وما أخذوا من انعام وحيوانات لحفظ التوازن البيئي.
قال تعالى: (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كلٍ زوجين اثنين ٍ واهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن و ما آمن معه إلا قليل) (هود: 40)، إذاً السفينة التي كانت تجري في أمواج كالجبال هي مسخرة من رب العالمين، لذلك قال عنها الحق عزَّ وجل: (تجري بأعيننا)، فهي لم تكن النجاة، ولكن سبب النجاة.
وفي هذا الصدد، لله در الإمام المهدي عليه السلام الذي يقول: (ولا توقفنا مع رؤية الطاعات والدعوات ولا مع النظر إلى شيء من كافة المخلوقات). وهذا مقتبس من موقف الخليل إبراهيم عليه السلام خليلُ الرحمن عندما ألقى في النار، فبينما هو ساقط على النار قاطعه جبريل عليه السلام أمين الوحي، وملك مقرب من الله، فقال له: ألك حاجة يا إبراهيم؟ كان إبراهيم حاضر القلب، قريب من الله يعلم أنَّه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، ولا حولا وقوة الا به العلىُ الكبير. لذلك قال لجبريل: أما من الله فنعم، أما منك فلا يا جبريل؛ لذلك صدر الأمر الإلهي يا نارُ كوني برداً وسلاماً على إبراهيم. وفي هذا المقام يقول الإمام المهدي عليه السلام: (من أراد أن يكون إبراهيمياً، فليكن من تدبير نفسه بريئاً ومن منازعة الله خلياً).
أحبابي في الله وإخواني في الوطن العزيز تمرُّ بنا هذه المحنة، وتحل علينا هذه المصيبة، فلا نقول إلا ما يرضي الله ورسوله. إنا لله وإنا إليه راجعون.
ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون. لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. حرب حلَّت ببلادنا أهلكت الحرث والنسل، وقضت على الأخضر واليابس، ومكث الناسُ في بيوتهم لمدة ٤٩ يوماً لا دخل لهم، بل الذي كان مخزوناً نفد، وأصحاب الوظائف لم يصرفوا رواتبهم، وأصحاب الأعمال اليومية سُدت أمامهم الطرق، وأصبح كل شيء مستحيلاً، وتعسرت سُبل كسب العيش. فعلى الجميع أن يلجؤوا الي رب السماء مسبب الأسباب، ومجري السحاب، ورازق البهائم والعباد، والذي خزائنه ممتلئة ما لها من نفاد، سبحان ربي الكريم الوهاب .
أحبابي .. اصبروا وصابروا ورابطوا لعلكم تُفلحون.
*نائب الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار