برضي ماقادر أسيبك لما أنساك بشتهيك..
مع كل دفقاتى الحنينه وكل دمعة شوق سجينه..
تهاتي بيك روحى الحزينه وأشقى لما تهاتى بيك..
بالله يا المغتربين والمهاجرين وناس الدياسبورا والمقيمين في البلد الحزين، علموا أبناءكم معاني (بريدك) و (تهاتي) و (مشتهيك) حتى لو بلغتم (شحتفة) الروح ذاتا، فكلمات عينة craving و longing و miss you ما بتوضح الموقف في غرفة عمليات القلب..
تمام؟
برضو كلموهم أن مبدع اللوحة أعلاه، شاعر (غاية الآمال) والقائل (من لمسات حنانك خلاص تَمّينا دور)، كان ضابطا بقوات الشعب المسلحة برتبة لواء وأديبا يجيد لغتين ولاعب كرة وإمام مسجد واقتصادي ومثقف من طراز فريد، وقبل ذلك كان أول دفعته بالكلية الحربية (حامل السيف)، كانت تسمى الدفعة بإسمه، لكنها عرفت بدفعة نميري وفي حكاياتنا مايو.
ترقى حتى رتبة اللواء قبل أن تصبح الرتب سلعا تباع وتنمو في الخلا زي الموليتا وتوزع كالسندوتشات في كناتين الحركات ومواكب الفلول والموز في تماهٍ عجيب مع الزمن المريب.
قولوا لأبنائكم أن البوليس وسلاح المدرعات، كانت لهما فرق جاز تبهرج ليالي العاصمة، فيها العسكري عازف الساكس التِرِس عبدالله دينق الذي كان يُسكِر نيلها طربا على إيقاع التُم تُم وصولو (المانِسونا) و (حبيبي غاب في موضع الجمال بلاقي)،
في مس الحرير بلاقي
في صوت الخرير بلاقي
في ماء النَمير بلاقي
مع العندليب بلاقي
عوض أحمد خليفة، ربيع الدنيا، لم تحُل العسكرية الصارمة دون أن يكتب (خاطرك الغالي) ولم يتردد في أن تذيع أمدرمان (الآن يغنينا عثمان حسين من كلمات عوض أحمد خليفة “عُشرة الأيام”)، وهو ذاتو عوض الذي كان يمكن أن يتغدى جيشه في فتّاشه ويتعشى في أي من عواصم الجوار إذا شاء،
شايف كيف!
قال في عُشرة الأيام (ما بِصَح تنساها، كأنه ما عشناها، كأنه ما ضمّانا أحلى غرام)..
قاتل الله الجحود..
كلام زي جنزبيل السكه حديد وبيبسي السبعينيات اليطلع بنخاشيشك ويرد الروح لناس ال bloatation والديسبيبسيا.
بالله شوف (ضمّانا) دي كيف!
حاجه كدا كخيمة دفيئة يعوي في خارجها زمهرير امشير.
نوستالجي؟
فيها شنو!
رومانسي؟
طيب مالو!
(عوض) العسكري الماخمج، أصلو ما جاب سيرة الدوشكا ولا الهاوتزر وهو فارسها اليجول في سوحها دفاعا عن الثغور وحماية للأرض والعرض وليس في أزقة الحواري هتكا للعروض وانتهاكا. والذي سمك السماء بلا عمد، لو كان ورفاقه بيننا لما تفرجوا على الحرائر يغتصبن وشبابنا يقتل وتداس رؤوسهم على الأسفلت بأحذية المجرمين أمام قيادتهم التي استجاروا بها فأغلقت بواباتها أمامهم، بل سُدت دونهم حتى مسارات الخروج كي لا ينجو منهم أحد، لكنه زمن الغدر والخزي.
إبراهيم عوض الذري إبن المفاعل النووي (حي العرب) شدا ب (كنت معاك سعيد)، غالبا مبسوط من جيش كانت تهابه أفريقيا (يحاذره حتفه كأنه حتفه) كما النمل وجيش سليمان، وقتها يسعد (عوض) أن يقال عنه أنه أحد قادة ذلك الجيش الخطير وأنه، في الوقت ذاته، أحد عماليق الرومانسية.
كان يطل من التلفاز وبجواره العظيم كابلي، نعم كابلي إيفرست، كابلي الهملايا، كابلي عصي الدمع إمبراطور (آسيا وإفريقيا) وصاحب تاج السر الحسن والملايو وباندونج الفتية واللواء حقوقي الحسين تفشى الخبر.
لا حول ولا قوة إلا بالله.
يا اخوانا نحن كِتِلنا جد..
كاميرات الأستوديو ذاتا كانت فرِحة جزلى تغازل بعضها بعضا وهمست إحداهن لأخرى: دا الزول الغنى لكينياتا وناصر وسوكارنو وجميله بوحيرد قبل أن ندخل زمن هيييي دي مالا! وكابلي ينقرش عوده قائلا بصوت كالكريستال المُسال (حأغني ليكم من كلام حبيبنا عوض ” أغلى من عيني واحلى من ابتسامي”)، عوض ما قال أنا اللواء المضرجة أكتاف بزته نجوما ومقصات ونياشين لكنه قال (مكتوب في جبيني غرامك وانت عارفو.. باين في كلامي وفي عيني شايفو) ويبتسم لكابلي مُناولا إياه العبير في رفق، شوفتوا شُغل بشرى وبشاره وتشافي وإنييستا؟
يا نسايم الليل زوريني
بالشذى والطيب عوديني
زاد الشوق لي يهون إمتى وصالو!!
مكتوب في الروشتة، تُسمع بالعود بصوت (أبو داؤود) أو حنجرة (عاصم) الموشاة مرة عند اللزوم، وطبعا البلد كله مأزوم في حالة لزوم.
طيب، الجاب سيرة نسائم الليل شنووو؟
صديقي الحبيب الأمدرماني يحيى بشرى حسن الشاذلي (أبو اليا) كان لامن يتكيف من زول يناديه (ياااا قومي)، أها، كانت الأسرة تتحلق أمام التلفاز وإبن كوستي (القومي) الفريق أول شرطة إبراهيم أحمد عبدالكريم، لامن الخلوق تهجع، يُسعد مساءات الوطن في برنامجه (نسايم الليل) بجميل الكلِم والأشعار المنعنعه والخرائد والحروف المعطرة وتلمع ويتلو علينا دفتر أحوال الصبابة. كان يؤنس الملايين ويوزع هرمون السعادة والحب ،أوكسيتوسين مجاني، من خلال ذلك البرنامج الذي كانت تنتظره الأسر بلهفة كإبنها العائد من الجبهة في زمن الجيوش السمحه الغنت ليها الفلاتية الله ليَا ليمون سقايتو عليا. إبراهيم ينصت لضيوفه ويتحرى في عيونهم بريق العاشقين مدوِّنا تقارير الفؤاد (التائه الأضلاع) لايف، لم ينقص ذلك من مهنيته في شئ، فقد كان شرطيا لايشق له غبار، رجل مباحث فذ لم يلجأ لأساليب العاجزين، يُعمِل عقله وإنسانيته والقانون لاغير، حتى ارتقى أعلى رتبة كمديرعام للشرطة السودانية. رجل بذاكرة ديجيتالية و (ويكيبديا) قائمة بذاتها ومرجعا في تاريخ الثقافة والأدب، خبير بالعمل الإنساني والجمعيات الخيرية مهموم بأهل السُكَّر الحلوين ممن أذرى بهم الجلكوز وخذلتهم ال Beta Cells.
كان في شرطتنا رجال كاللواء عمر علي حسن، يطول عمره، الذي يكفي أن تطالع له مقالا في الأدب والفنون والجغرافيا والأنثربولجي وكلاما يُدرَّس عن العقيدة الشرطية كجهاز مدني لا عسكري لتعرف أين كنا. هي الشرطه التي ترأسها محمود بخاري العَلَم، شرطة أبو آمنه حامد البِريد قلبو يعيش في شكّو أكتر من يقينو..
لازم تعرفوا عن الجنرال جعفر فضل المولى ومحمود أبوبكر، إيه يا مولاي إيهٍ، ومبارك المغربي والجنرال الطاهر إبراهيم الذي انحاز لثوار أكتوبر منشدا:
شعبك يا بلادي أقوى وأكبر مما كان العدو يتصور، وهو المتبتل اليشكو الحبيب في عرضحال:
لو بُعدي بيرضيهو وشقاي بهنيهو..
أصبر خليهو الأيام بتوريهو..
قوائم تطول من أولئك (النظاميين) الحقيقيين الذين أضافوا ألقا وهيبة وجمالا للرتب فزانوها وشرُفت بهم الأوسمة والنياشين، رومانسيون رغم صرامة الوظيفة، فالحديد الصلب يقطعه الماس الجميل الشفيف، لذا فازوا بحب العباد وتوهطوا في القلوب وكانوا زينة المجالس بمافي عقولهم وقلوبهم وليس بغيرها.
بالله مش غادرتنا المتعة وأصبنا جميعنا بالأنهيدونيا anhedonia؟ مش دخلنا زمن رحل فيه حتى طيف السعادة لولا شبابنا الثائر ورفاقهم الشهداء الذين أصبحوا بمثابة lifeline وأوكسجينا للبلد؟
رحم الله من رحلوا عن العبوس الغراره ممن سهروا على حمايتنا ورعايتنا، الذين آمنوا روعنا وطيبوا خواطرنا وصانوا حدودنا وأهلينا وأطربونا وثقفونا وألبسونا (دثار خزٍ ناعم الأسلاك منغوم الحفيف)، كان وجودهم بيننا مظلة أمان ووثيقة تأمين شاملة ضد المخاطر..
حليلم جبارين الكسور فرتاقين ام لبوس لويعة الفرسان..
أما الموز ف..
الأيام بتوريهو.
وماتنسوا التبرع لعلاج شباب الثورة وأسر الشهداء و المحتاجين.