غدا تيدخل الحرب شهرها الثالث، فما هي الحصيلة المحسوسة والملموسة لشهرين من المعارك الضارية؟ الدمار الشامل لمنطقة وسط الخرطوم، وحرق جميع الأسواق، وسقوط أكثر من 1800 قتيل من المدنيين (وربما ضعف هذا العدد من المقاتلين)، مصرع أكثر من الف شخص في الجنينة وكتم وزالنجي ونيالا، وهي المدن التي تتعرض لغزو جنجويد الدعم السريع، وفاة جميع – أكرر جميع- مرضى الكلى في الجنينة، ونزوح أكثر من مليون شخص من العاصمة، ولجوء اكثر من نصف مليون شخص الى مصر واثيوبيا وتشاد وجنوب السودان، وسيطرة الدعم السريع على الحدود الجنوبية الغربية مع افريقيا الوسطى، ووقوف آلاف السودانيين على عتبات مكاتب الأمم المتحدة في مصر يستجدون العون الغذائي، وتمزيق مصر لاتفاقيات الحريات الأربع مع السودان واشتراط حصول السودانيين من سن يوم الى سن ما قبل الموت على تأشيرات مسبقة بعد دفع كل شخص ل300$ للحصول على تصريح أمني يعقبه دفع رسوم التأشيرات، زحف قوات الحلو شمالا وتوسيع “المنطقة المحررة”، نهب محتويات 36 بنك في العاصمة و16 بنك في دارفور، تعرض آلاف البيوت للنهب وتدمير المحتويات، تعرض عشرات النساء للاغتصاب، تفشي الاضطرابات النفسية بين الأطفال لهول التجربة، تحول آلاف المواطنين الى لصوص يبيعون ما سرقوه علنا في مختلف المواقع، تدمير كافة المصانع المنتجة في مدن العاصمة الثلاث، وتدمير مئات العربات والمركبات والآليات العسكرية والمدنية، انهيار الخدمات الطبية، (بالأمس عصفت قذائف طائشة بروح د. عبد الرحمن عباس اختصاصي المخ والأعصاب ود. حسن جابر في مستشفى بست كير)، سرقة سيارات مئات المواطنين من قبل الجنجويد واستخدامها للتمويه كي لا يتعرضوا لضربات الجيش او تهريبها الى جنوب دارفور، والفشل المؤكد للموسم الصيفي للزراعة لعدم وجود الوقود والسماد والمبيدات، وقروض التمويل، والقائمة تطول وليس هناك قائمة إنجازات تضاهيها لأيٍ من الطرفين المتحاربين، ولم يصدر عن القوات المسلحة بيان حول سير المعارك منذ شهر، بينما الدعامة يعتمدون في الدعاية على الصور التي يلتقطها من يشاء متى شاء وبثها عبر واتساب وفيسبوك، وبالتالي يصعب تصديق محتواها
مهمة الجيش الرسمية هي الدفاع عن التراب الوطني ومن يعيشون فوقه وليس تحته، ولكننا لا نلمس لجنوده وجودا على الأرض للدفاع عن الأرواح والأرض والعرض، في وقت يمارس فيه الجنجويد أبشع الجرائم في الأحياء السكنية، وقيادات الجيش والدعامة تعرب عن رغبتها في وقف الحرب، ولكن فقط من باب استرضاء المجتمع الدولي، وليس حقنا للدماء وحفاظا على ما تبقى من الوطن، فالأمر يتعلق عندهما بالسلطة والثروة، وحميدتي الذي كان العدو الأول للقوى المدنية، يريد أن يكون الرجل الأول في جهاز الدولة متسلقا على أكتاف المدنيين، وياما ناور البرهان وكذب وخرق الوعود والعهود ليصبح هو رأس الدولة بلا شريك، وسيظل كل منهما حلو اللسان عندما يتعلق الأمر بتهدئة الوضع، ولكن قليل الإحسان على أرض الواقع
الوضع ينذر بالمزيد من الخطر، فهناك جيوش أخرى ترقب الموقف لتحدد متى تنزل الساحة (جيوش مناوي وجبريل والهادي ادريس ونمر وأبكر وجلاب وعقار وتمازج ثم جيشا كيكل في البطانة وضرار في الشرق)، ودائرة الحرب ستزداد اتساعا ما لم يجلس قادة الجيش والجنجويد لإنهاء الحرب وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعد ان يعترفا بأن سحق الطرف الآخر تماما ليس واردا كما تثبت وقائع شهرين من الاقتتال، وأقول مجددا لمن ينادون بمواصلة القتال حتى تدمير قوات الدعم السريع بالكامل، ان مثل ذلك التدمير لن يحدث، لأن الدعم السريع جيش كامل العدة والعدد والعتاد، جنوده متمرسون في القتال من أجل المغانم، ولو انهزموا في موقع ما سينتشرون مثل فيروس الكورونا في مواقع أخرى ليهلكوا أهلها وما عليها، ولا سبيل لخلع أظافرهم وأنيابهم إلا بالتفاوض في وجود شهود عدول، وما لم يحدث ذلك قريبا سيتم وضع السودان تحت البند السابع، وتأتي قوات صنو اليوناميد لتنتشر في مدننا وقرانا