كَيْفَ الْلِقَاءُ وَقَدْ شَطَّتْ بِنَا السُبُلُ
وَذَرَّفَتْ مِنْ دَمٍ فِيْ لِيْلِهَا المُقَلُ
وَكَيْفَ نَنْسَىٰ بِتِلْكَ الدَّارِ لَمَّتَنَا
وَهَلْ بِمَأْسَتِنَا يَحْيَا بِنَا أَمَلُ
مَرَابِعُ الرُّوْحِ مَا جَفَّتْ شَوَطِئُهَا
وَذِكْرَيَاتٌ لَنَا فِيْ الصَدْرِ تَشْتَعِلُ
يَا دَارُ فِيْكِ تَرَكْنَا بَعْضَ مُهْجَتِنَا
فَهَلْ لِلُقْيَاكِ يَبْقَىٰ عِنْدَنَا أَجَلُ
تَبْكِيْ الزَّوَايَا فَكَمْ ضَمَّتْ لَنَا قِصَصَاً
وَفِيْ الفَنَاءِ خُطَىً لَمْ يَمْحُهَا هَطِلُ
وَفِيْ الشَّبَابِيْكِ آهَاتٌ مُخَبَّئَةٌ
الْلَيْلُ يَعْرِفُهَا وَالشَّمْسُ وَالظُلَلُ
غُصْنٌ يَمُدُّ عَلَىٰ الجُدْرَانِ أَذْرُعُهُ
مُرَحِبَاً بِضِيُوْفِ البَيْتِ إذْ وَصَلُوُا
لِلْعِزِّ قَدْ نُذِرَتْ تِلْكَ الدِيَارُ فَكَمْ
فِيْ حُبِّهَا شَبَّتْ الأَخْلاَقُ وَالمُثُلُ
عِنْدَ الوَدَاعِ إنْثَنَتْ جُدْرَانُهَا أَلَمَاً
وَدَّتْ لُوْ أُحْتُمِلَتْ فِيْ رَحْلِ مَنْ حَمَلُوْا فَكَيْفَ لَمْ تُزْهَقِ الأَرْوَاحُ حِيْنَ نَأَتْ
وَكَيْفَ لَمْ يَنْفَطِرْ قَلْبٌ إذْ إرْتَحَلُوْا
حَتَّىٰ الحِجَارَةُ قَدْ حَنَّتْ لِسَاكِنِهَا
فَكَيْفَ بِالْقَلْبِ إذْ ضَاقَتْ بِهِ الحِيَلُ
يَا صَاحِ لاَ تَحْسَبِ الجُدْرَانَ مِنْ حَجَرٍ
بَلْ أَنْفُسٌ فِيْ سُكُوْنِ الْلَيْلِ تَبْتَهِلُ
للهِ نَشْكُوْ إذَا مَا الشَّوْقُ أَوْجَعَنَا
أَرْوَاحُنَا رَحَلَتْ فِيْ إثْرِ مَنْ رَّحَلَوْا