كتبت سناء حمد العوض في صفحتها على موقع فيسبوك ما يلي” سألني بعضهم مُلحاً متى في ظنك تنتهي هذه الحرب ؟! ، سكتُ اتدبر الاجابة ، ثم توكلت على الله وقلت ما أؤمن به ..بعيداً عن التفاصيل والحيثيات …ان لدي يقين ان هذه الحرب ستنتهي حين تستوفىَ قائمةٌ من الأنفس اراد الله ان ينقضي أجلها فيها ، وستنتهي حين يستوفي أهل السودان موجبات النصر ( ان تنصروا الله ينصركم )… وستنتهي حين يعي عامة الناس حكمة تغيّر حالهم ومحالهم ..هذه الحرب اختبارٌ لنا جميعاً لنتفكّر وبين الأوبة والتوبة معقود الفلاح و يوم نعبر هذا الاختبار نجاحاً …يأتي النصر .”
هذه الكوزة سناء حمد العوض التي كانت وزيرة دولة بوزارة الخارجية في عهد المخلوع، كعادة الكيزان في اللولوة والاستهبال بالخطاب الديني تتهرب تماما من ربط الحرب بجذرها الموضوعي المباشر وهو صراع تنظيمهم الخاص ممثلا في مركزه الأمني والعسكري مع مليشيا الدعم السريع التي صنعها ذات التنظيم لخدمة مشروعه القمعي الاجرامي. وهدف الحرب هو اعادة الكيزان للسلطة، فما دخل اهل السودان في هذه الحرب التي لم يختاروها ولم يستشيرهم فيها أحد حتى يكونوا مطالبين باستيفاء شروط النصر فيها!
هذه الحرب ليست بين سودانيين وغير سودانيين وليست بين مؤمنين وكفار!
انها حرب اللصوص والقتلة والمجرمين فيما بينهم حول الغنائم! وما الغنائم الا موارد اهل السودان المغصوبة بالحكم الاستبدادي العسكري!
ولذلك لا نصر محترم ينتظره سوداني محترم او مسلم محترم من حرب كهذه!
النصر الذي ينتظره عموم السودانيين المكتوين بويلات هذه الحرب هو ان يضرب الله الظالمين بالظالمين ويخرج اهل السودان من بينهم سالمين او بأقل خسائر ممكنة!
وحتى إذا كانت الكوزة سناء تقصد بأهل السودان الفصيل السياسي الذي تنتمي إليه، فهذا الفصيل لا يحتاج الى خطاب المواعظ الدينية المرسلة حتى يحقق النصر المتوهم!
النصر الحقيقي هو ان يتعلم الكيزان من الهزيمة المرة التي يتجرعونها الان الدرس الصحيح وهو باختصار، عندما تقسم وطنك إلى فسطاطين ،فسطاط التنظيم وفسطاط بقية الشعب، وتعمل على قمع وافقار وافساد الفسطاط الثاني وتريح ضميرك بأن اهله هم الكفرة الفجرة وكل جريمة بحقهم حلال، فتعمل على تقسيمهم قبليا واثنيا ومناطقيا وتعمل على افسادهم سياسيا لتتمكن من السيطرة على الوطن عبر اضعاف من هم خارج فسطاط التنظيم الكيزاني، سوف تكون النتيجة ان جرثومة الضعف والانقسام والافساد بالمال التي زرعتها بعناية في جسد ذلك الجزء من الوطن سوف تصيبك انت في فسطاطك الذي توهمت انه فوق الجميع ولديه من الدين ما يعصمه! فهو فوق البشر العاديين! ولا تسري عليه قوانين الاجتماع البشري العادية!
حميدتي الان يوجه ضربات موجعة للكيزان في مراكز قوتهم الأمنية والعسكرية، هذه حقيقة شاخصة ملموسة،لماذا نجح في ذلك؟ وكيف استطاع من الناحية الفنية البحتة هزيمة حركة سياسية حكمت السودان ثلاثين عاما؟
ببساطة وباختصار شديد لان سوس الرشوة والفساد والبيع والشراء على عينك يا تاجر ضرب الدوائر الخاصة للكيزان داخل الاجهزة الأمنية والعسكرية! ولأن هذه الأجهزة الأمنية والعسكرية ظلت خارج اي رقابة او مساءلة ناهيك عن محاسبة ، الأجهزة الأمنية والعسكرية كانت الإله المعبود من دون الله في عهد الكيزان، ظلت تعمل في الظلام الدامس، اجتهدوا في تحصينها من أشعة شمس السودان المباركة التي تقوي العظام وتقتل الجراثيم وتقضي على العفن أولا باول، فكانت النتيجة ان اي مخابرات اقليمية او دولية اخترقت قلاع الكيزان الأمنية والعسكرية الحصينة التي حصنوها فقط من رقابة الشعب السوداني ولم يحصنوها من الاختراق الاجنبي ولم يحصنوها من فساد واستكبار ورعونة منسوبيها الذين ولغوا في الدم الحرام والمال الحرام وتحولوا إلى كائنات منزوعة الولاء لأي قيمة وطنية او حتى ايدولوجية، الولاء فقط للمصالح الذاتية الموغلة في الأنانية، الولاء لمن يدفع اكثر ولمن هو للسلطة أقرب، هذه هي البيئة السياسية والاخلاقية التي انتجها مشروع الكيزان، حميدتي ابن هذه البيئة فهي البيئة التي استوعبها جيدا واتقن بمهارة فائقة فنون اللعب وفق منطقها وشروطها، وسلك دروبها المحلية والخارجية، وعلى هذه الخلفية حارب الكيزان بذات اساليبهم بل وبجزء من كوادرهم الأمنية والعسكرية إضافة إلى الميزة التفضيلية لقواته بعددها الكبير وشراستها في القتال.
حديث الاوبة والتوبة في سياق هذه الحرب يحتاجه الكيزان الذين ورطوا الجيش في مواجهة عسكرية صعبة ومكلفة ويطالبون الشعب السوداني بالاصطفاف خلفهم زعما بأن الحرب بين جيش وطني ومليشيا وهذا الشعب وهم يستنفرونه لخوض معركتهم لم يقدموا له أي خطاب سياسي يحترمه ولو من باب الاستهبال! لم يعتذروا له عن صناعة المليشيا وتمكينها لم يقدموا اي وعد بنظام ديمقراطي وعدالة انتقالية واصلاحات للعطب الذي سببوه لكل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، فالشعب في عرف الكيزان تابع ذليل طوع أمرهم يتبع وجهتهم تحت الابتزاز والارهاب! ومن فرط بجاحتهم اطلقوا التهديدات الاستئصالية للاحزاب والقوى المدنية وكل صاحب رؤية مختلفة عن سرديتهم لهذه الحرب الأمر الذي يعني ضمنا ان مشروع الكيزان بعد النصر المتوهم سيكون ذات مشروعهم الاستبدادي البائس!
الدول الاستعمارية عندما استعانت بجيوش المستعمرات في الحرب العالمية الثانية وعدت المستعمرات بالاستقلال! أما الاستعمار الكيزاني فيطالبنا بخوض حروبه بدون اي وعد! بل تحت الوعيد والابتزاز بوطنية هم ابعد الناس عنها!