وسط الحرائق التي تجتاح العاصمة السودانية الخرطوم وأشكال التوتر والصراع والعنف في السودان والجرائم التي تجري في إقليم دار فور كان السعي والاهتمام من قبل الحكومة السودانية بزيارة روسيا، بخاصة أنها من الدول المهتمة بحالة الصراع في السودان بسبب بعض الملفات والمصالح، وذلك للبحث عن إيجاد إطار سياسي دولي مشترك داعم للمواقف السودانية من خلال زيارة نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، والعمل على تجنب التفاعل السلبي للقوى الإقليمية والدولية في التعاطي مع ملف الأزمة السودانية عند البحث في المشكلة، لتجنب التناقضات حول القضية المتعلقة بالسودان.
وهنالك اختلاف في وجهات النظر لكل من أمريكا وأوربا من جهة و روسيا من جهة أخرى في ملفات كثيرة حول العالم أبرزها الحرب في أوكرانيا، و تزامنت الزيارة في وقت تمردت فيه قوات الدعم السريع على الحكومة السودانية وتمردت قوات فاغنر على الحكومة الروسية، وكما هو معلوم أن القوتين المتمردتين تجمعهما مصالح مشتركة، قد يكون ذلك أيضا ضمن جدول أعمال الزيارة، ويعمل السودان على تجنب الاختلافات بين هذه القوى الإقليمية والدولية في ملف الأزمة، والبحث في المساعدة لحل التوتر والصراع والعنف في السودان وإيجاد إطار سياسي مشترك داعم للمواقف السودانية والعمل على توحيد المواقف -على الأقل- في حدها الأدنى، والسعي في هذه المرحلة لاصطفاف الشرعية الدولية في صالح شرعية السلطة القائمة في السودان، وعزل الدعم السريع واعتباره قوة متمردة. وأي مبادرة لتسوية الصراع في منبر الايغاد أو أي منبر آخر يحتاج إلى توحيد الإرادة الدولية وحصوله على شرعية من المجتمع الدولي والذي يرجى منه في مرحلة لاحقة المساعدات الضرورية لإعادة بناء ما دمرته الحرب أو المساعدة عند عرض أي موضوعات تتعلق بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي أُرتكبت بدار فور بمجلس الأمن الدولي.
لذا كان من المطلوب حراك سياسي ودبلوماسي مع الجهات الأخرى خاصة المؤثرة في مجلس الأمن الدولي والمحيط الإقليمي وأي اتفاق دون إجماع من كافة الأطراف الدولية المؤثرة مثل روسيا قد لا يكون لصالح الاتفاق، ويلاحظ ذلك في الأزمة السورية والليبية كيف كانت التناقضات والمواقف والمصالح بتلك الدول التي كانت تحرص على مصالحها في ليبيا أو في سورية، أو دول الجوار أو دول أوروبية تعمل على حماية تلك المصالح خارج سياق المنظمات الدولية دون اكتراث لحل المشكلة، وهو ما أضعف وأخّر احتمالات نجاح محاولات حلحلة الأزمة من قبل المجتمع الدولي والقوى الإقليمية في تلك الدول.