بالنظر إلى الحالة المشابهة لما حدث لدينا في السودان من تمرد الدعم السريع على الجيش، فإن ما آل إليه تمرد قوات فاغنر على روسيا من حل وسط وحكيم بمعاونة الرئيس البيلاروسي، إضافة إلى الرؤية الحكيمة من الحكومة الروسية والرئيس بوتن التي جنبت روسيا نشوب حرب أهلية ومواجهة التمرد بطريقة ذكية ورؤية سليمة تعرف ما قد تسببه الحرب من إزهاق للأرواح ونزيف للجراح وضياع لممتلكات المواطنين الروس ودمار وتخريب للدور الحكومية ومساكن المواطنين وما يتبع ذلك من نزوح وتشريد ومعاناة كما حدث لدينا في السودان من جراء حرب عبثية ذاق المر من ويلاتها شعبنا وأضرت بالمواطن والوطن، وللأسف الشديد فإن حصادها الإليم والخسارة في الأنفس والممتلكات، ودخول الوطن في أزمة عامة خطيرة كشفت ما لا يدع مجالاً للشك عدم حنكة السياسيين والعسكريين السودانيين الذين كانوا شرارة لنشوب نار هذه الحرب، وقلة تجربتهم وضعف تبصرهم بخطورة الأزمات الطارئة، وتشير بوضوح لهزالة حصيلتهم التاريخية والمعرفية التي يتم اكتسابها من تجارب الشعوب وتقلبات الدهر، وهم للأسف لم يقدروا حجم الخسارة والدمار الناتج عنها، وابتعدوا عن العقل والحكمة للسعي الجاد للبحث عن حل لنجاة الشعب والوطن من شر نشوبها، وانجرفوا نحو غيبة الضمير وعدم المسؤولية الوطنية هادفين لتحقيق مصالحهم الذاتية والحزبية والعسكرية ضاربين الحقوق الإنسانية والحياتية للشعب السوداني المسالم بعرض الحائط دون اهتمام ولا رحمة ولا نظرة فاحصة وعقلية متزنة وحكمة صائبة، كما تصرف الروس بوعي وجسارة مع تمرد قوات فاغنر وأنجوا الشعب الروسي من نشوب حرب ضروس تضر بوطنهم وتهز مكانته الدولية كقوة ضاربة ومؤثرة في عالم اليوم..
وللنجاة من الحرب المشتعلة نارها الآن في الوطن، فالحل الناجز لها يكمن في اللجوء إلى الحكمة والعقلانية لا إلى الركون إلى الحل بالسلاح بغيبة الضمير وتوقير النفوس وتعظيمها والترفع عن الآخر الشريك في الأرض والوطن
فالحذر أولى لنا جميعاً والأعداء يتربصون ويغدرون بالجميع، فلا صليح للسودانيين إلا السودانيين انفسهم. فالقعاد في الأرض، وحلها بالتراضي والحكمة والأخوة، وبالنظر لمصلحة الجميع والوطن خير ألف مرة، ومحاولة الحل بالسلاح، وإن تم بعد تغييب العقل، فستعود الحرب أكثر شراسة في مستقبل الأيام…
………….