دخل القاعة كبير استشاري أمراض القلب في المستشفى الملكى بلندن الدكتور ضياءكمال الدين حفل تكريمه إثر زيارته للعراق … بعد غياب دام اكثر من 15 عاماً .وعند مدخل القاعة استوقفه منظر بائع جرائد كبير السن مفترشا جرائده على الرصيف. اغلق الطبيب عينيه ثم سرعان مافتحهما …
تذكر ملامح هذا الرجل العجوز المحفورة في ذهنه.
جرجر نفسه ودخل القاعة ثم جلس غير ان ذهنه بقي مع بائع الجرائد، وعندما نودي على اسمه لدى حلول فقرة تقليده وسام الابداع قام من مكانه، لكنه لم يتوجه الى المنصة بل توجه الى خارج القاعة، راح الكل ينظر اليه في ذهول، اما هو فقد اقترب من بائع الصحف، وتناول يده فسحب البائع يده، وقد فوجئ وقال : اتركنى يا ابني ماراح أفرش هنا مرة اخرى، رد عليه بصوت مخنوق: انت اصلً ماراح تفرش مرة اخرى، أرجوك بس تعال معي شوي.
ظل البائع يقاوم، والدكتور يمسك بيده، وهو يقوده الى داخل القاعة. تخلى البائع عن المقاومة، وهو يرى عيون الدكتور تفيض بالدموع، وقال : مابك يا ابني؟
لم يتكلم الدكتور وواصل طريقه الى المنصة، وهو ممسك بيد بائع الجرائد، والكل ينظر اليه في دهشة، ثم انخرط في موجة بكاء حارة، وأخذ يعانق الرجل ويقبل راسه ويده ويقول: انت ما عرفتني يا استاذ “خليل”؟
قال : لا والله يا ابني العتب على النظر … فرد الدكتور وهو يكفكف دموعه: انا تلميذك “ضياء كمال الدين” في الاعدادية المركزية … لقد كنت الاول دائماً … وكنت انت من يشجعني ويتابعني سنه 1966م، ونظر الرجل الى الدكتور، واحتضنه
تناول الدكتور الوسام، وقلده للاستاذ وقال للحضور : هؤلاء هم من يستحقون التكريم، والله ما ضعنا وتخلفنا وجهلنا إلا بعد إذلالنا لهم، وإضاعة حقوقهم وعدم احترامهم وتقديرهم بما يليق بمقامهم وبرسالتهم السامية، إنه الاستاذ خليل علي استاذ اللغة العربية في الاعدادية المركزية ببغداد .
قصة حقيقية فيها رد اعتبار لمن نذر نفسه لخلق جيل من العلماء والاطباء لخدمة المجتمع.