على وحي ذكرى العام الماضي قدمنا قراءة بانورامية قاربت الفنان الراحل مصطفى سيد أحمد مع البروفيسور الأميركي كورنيل ويست، وقد حاولنا إيجاد القواسم المشتركة في مشروعيهما ذات السمات الثقافية، والفنية، والفكرية. وفي بداية هذا العام الجديد التي نتظلل فيها بذكرى مصطفى نحاول بحث المشتركات بينه وبين زميله المبدع الراحل عبد العزيز العميري. وكلاهما قد رحلا في سن مبكرة بعد أن شغلا الساحة الغنائية والثقافية بكثير من إبداعاتهما. فهما قد درسا في المعهد العالي للموسيقى والمسرح. إذ كان العميري قد تخرج في مجال التمثيل بينما لم يكمل مصطفى أعوامه الأكاديمية لظروف شتى. ولكنهما نجحا بدرجة قصوى في توظيف المواد العلمية التي تحصلا عليها. فقد استفاد مصطفى من دراسة الصوت، ومن ثم انفتح المجال أمامه للتلحين، وتطوير قدرات الاستبصار الفني، وأدائه الصوتي، وتصوره لكيفية تخلق الموتيفات اللحنية في تفاعلها مع الإيقاع. على أن العميري برع في مجال التمثيل، والإخراج، وانفتح أيضا أمامه مجال لتطوير أدائه المسرحي، وشحذ أخيلته الشعرية. ولو أن مصطفى لم يكن بعيدا عن المسرح، وقد مارس بعض التمثيل، وشارك بصوته في مسرحيات “دنيا صفا..دنيا انتباه” و”ضو البيت” فقد وقفنا على أعمال العميري من خلال أبرز مساهماته في “وادي أم سدر” و”تاجوج” و”المهدي في ضواحي الخرطوم”، وكذلك محطة التلفزيون الأهلية في مستهل ثمانينات القرن الماضي. وبرغم وضوح تأثرهما بالأدب، والشعر، ولكنهما جلسا لامتحان الشهادة السودانية عبر المساق الفني. ولاحقا عملا في مصنع النسيج السوداني لكونهما من هواة الرسم، ولكن لصعوبة حصر مبدعين مثلهما في زمن الوظيفة، وطبيعة روح التمرد التي سمت شخصيتهما، لم يستمرا طويلا في المهنة. وبرغم قصر عمرهما الفني، فإن الاثنين شكلا تجربتين متمايزتين في حقل الشعر، والغناء، والمسرح. فأفضل ما يقوله نقادهما عنهما إنهما منحا المبدعين الآتين بعدهما واحة للتأمل، والاستزادة، والاستلهام. فكل من دخل مجال الإبداع ليضيف بحاجة، حقا، إلى إدراك سيرتهما الذاتية حتى إن لم يستسغ إبداعهما. وذلك لمعرفة سر تميزهما، وكيف أن الإبداع لا يقاس بالتراكم فحسب، وإنما بالنوع أيضا، وكيف أن هناك كثيرين يهدرون طاقتهما في التقليد، والتأليف، دون أن يدركوا سر الصنعة، أو الذهنية العامة التي ينتخبون لها الأعمال الفنية. ذلك باعتبار أن مصطفى والعميري أدركا جماليات اللحن قبل أن ينهلا من معين الحداثة بمهارة، ولقد حاولا تطبيق ثيماتها على تلك الحقول الفنية بشكل عميق، ومرتبط بالسودانوية، أشد الارتباط. إنهما قبل أن يكملا الثلاثين من العمر بدت شهرتهما ذائعة الصيت، وعرفا بأنهما يملكان أجمل الأصوات التي أعقبت الجيل السابق. بل إن أعمالهما الخاصة تجاوزت العشرات، هذا فضلا عن هوايات فرعية أخرى. ويبدو أن مصطفى والعميري كتبا الشعر الذي يبني فوق تراث الشعر الغنائي الذي تعارفنا عليه عبر ما نسميها أغنية أمدرمان. لم يكن العميري ملحنا بذات الطريقة الكثيفة التي أتبعها مصطفى. ولكنه كان يكثف في كتابة الشعر العميق، والجزل المعاني. وكما يعلم الكثيرون أن مصطفى غنى واحدة من أجمل كلمات العميري وهي “في الممشى العريض” وكذلك غنى له حمد الريح، وسيف الجامعة “يا نديدي”، وآخرون. وربما لو امتد الزمن به لشهدنا نضوجا في تصوراته اللحنية خصوصا وأنه قد مات عند الخامسة والثلاثين من العمر. ولعلنا ندرك أن مصطفى نفسه قد شكل قفزة نوعية في أعماله الباكرة حين بلغ من العمر ثلاثة عقود. ولكن يبدو أن القدر لم يمهل المبدعين ليعيشا عمرا مديدا لنرى ما إذا كانا سيضاعفان أعمالهما الغنائية، والشعرية، والمسرحية، ويواصلان تجويد التنغيم . فهما يمتازان بقدرة عالية على إحداث التطريب نظرا للمدى الصوتي العالي الذي يتبدى في غنائهما، وربما يمثل هذا الأمر النقطة المحورية في كل تاريخهما الفني. الأستاذ يوسف الموصلي الذي قام بتوزيع إلبومي “الحزن النبيل” و”البت الحديقة، فضلا عن علاقته التي كانت ممتدة بالعميري، لا شك أنه الأقدر على فذلكة هذا الحكم الفني العلمي. فالموصلي يقول إنه “ليس من الصعوبة بمكان المقارنة بين صوتي الراحلين مصطفى سيد أحمد وعبد العزيز العميري، فهما يلتقيان في منطقة القرار الأعلى الذي اصطلح عليه بـ”باريتون”، حيث يتساويان..بينما العميري أعمق في هذه المنطقة، غير أن صوت مصطفى يمتد حتى إلى منطقة “التينور الأول” مثلما اصطلح الموسيقيون..ويتفوق مصطفى في أداء المقامات غير الخماسية، لذا فهو يتميز عن عميري باتساع المساحة، بل وقوة الصوت، وعلى كل فإن صوتيهما في رأيي جميلان، وعميقان، ومعبران الى الحد البعيد..” -2- إن نشأة المبدع في محيط البيئات التي ساهمت في تراكم وعيه لا بد أن تنعكس تبعا على مستوى إبداعه. فالمبدعان نشآ وسط أسرتين يجيد بعض أفرادها قرض الشعر. فالعميري كما يقول شقيقه شريف في حوار مع الأستاذ عثمان الإسباط “من أسرة تتنفس شعراً وأدباً، فوالدته فاطمة محمد عبد الحميد أبو شنب كانت شاعرة مجيدة، وكذلك شقيقته الأستاذة سعدية العميري”. أما مصطفى فشقيقه الذي رحل مبكرا، مقبول، قد سبقه في كتابة الشعر، وقد تأثر به إلى حد ما وقد غنى له “السمحة قالوا مرحلة”. وربما من هنا جاء اهتمام مصطفى والعميري بكتابة الشعر، وتذوقه، وتلحينه. وهو على كل حال شعر من ذلك النوع الذي يتلمس أوجاع الناس بقدر اقترابه من عاطفتهم، ويتسامى بالمضامين بحجم أخذه في الحسبان التطورات الجديدة المنعكسة على صفحة الحياة، ما يستلزم تعبيرا جديدا في الرؤى، والأخيلة، والموقف الإنساني.
يقول الأستاذ ناجي أحمد الصديق: “ولد كلا الرجلين ونشآ خارج العاصمة، وتشبعا بعبق الريف الطاغي بسهول الجزيرة، ونجوع كردفان. وكلاهما كانا من أواسط الناس، وسوادهم الكادح. وكلاهما قد بدأ التعليم في قريته، وكلاهما قد تمرد على الوظيفة، والمهنة، واتجها الى حيث يسوقهما الميل الفطري القديم..”. لقد رفدت المدن السودانية، وأريافها، مجالات الإبداع بالكثير من المضامين، والأشكال الفنية. وإذا أجلنا النظر في عموم الإبداع السوداني لوجدنا أن منتجيه المميزين هم الذين تحدروا من خارج العاصمة. وإن كان مصطفى هو ابن القرية، ود سلفاب، وأن العميري هو ابن المدينة، الأبيض، والتي بها مساحات أوسع للمنشط الثقافية والفنية، فإن مصطفى ظل لقرب مسافة القرية من الحصاحيصا ينمي ارتباطا كبيرا بالمدينة، إذ تجمعه علاقة حميمة برموزها الفنية، والثقافية. كما أن نضوجه الفني برز من خلال مدينة بورتسودان التي منحته لأول مرة الفرصة للوقوف أمام الأوركسترا وشجعت بداياته الأولى. وهكذا ظل ارتباطه أيضا بمدينة الثغر مؤكدا من خلال دراسته الثانوية هناك. وربما ساهم هذا التعدد الجغرافي في التجوال في شحذ ذاكرته الفنية، خصوصا أن أصوله ترتبط بمنطقة الشايقية والدناقلة. أما العميري فإنه لا بد كما ذكر الأستاذ ناجي قد ارتبط بنجوع كردفان، إذ إن الأبيض بخلاف أنها تمثل السودان المصغر من حيث تكوينها الإثني سوى أن المكون الريفي يتجسد في أعمال مبدعيها. ولا ننسى أن معظم الذين أتوا من المدينة ينتمون إلى الريف، بدءً بعبد القادر سالم، وصديق عباس، وعبد الرحمن عبدالله، وإبراهيم موسى أبا، هذا إن لم نقل أن أغنياتهم نشأت على موتيفات ريفية لأغاني الحوازمة، والحمر، أو بقية مدن دار الريح الكردفانية. وإذ إن أصول مصطفى تعود إلى الشمال حيث منطقة الشايقية لكنه لم يولد أو ينشأ هناك. وظل ارتباطه بالجزيرة عميقا بأكثر من الارتباط بالشمال، بالدرجة التي جعلته في كثير من أحاديثه يتحيز إليها بوصف نفسه تربالا يرتبط أشد الارتباط بالأرض. أما العميري فتعود أصوله إلى منطقة دنقلا، وهو أيضا لم يولد، أو ينشأ، هناك وظل وفيا لمنطقة الأبيض برغم ارتباطه بالعيش بحي أبروف. فالأستاذ طاهر محمد علي يقول إنه “يحلو لأهل كردفان، وتحديداً مدينة الأبيض التباهي بابن المدينة المبدع عبد العزيز العميري، وهكذا أهل أم درمان الذين يعتبرون أن مدينتهم هي الأخرى لها فضل على هذا الفنان الذي ألهمته البقعة فأخرجت من جعبته الرقة، والحس المرهف، والطبع الرزين، يمشي في مساحاتها مثلما مشى بين أزقة وأحياء الأبيض وصولاً إلى مصنع النجوم فرقة فنون كردفان..”. هذا الانتماء الجديد للعميري لأمدرمان، ومركز شبابها، قابله الانتماء الجديد لمصطفى إلى مدينة الخرطوم حيث وجد الديم ولاحقا امتداد الدرجة الثالثة حيزين لمجاورة أقرب أصدقائه. ولئن تقترب سكناه هناك من مركز شباب السجانة وفرقة الخرطوم جنوب للغناء والموسيقى فقد انتمى إلى عضوية الناديين، وتعاون مع عازفين، وملحنين فيهما. والملاحظة الثانية أن مصطفى والعميري أوجدا تواصلا مميزا مع أهالي الأحياء التي قطنا فيها. فهما يمتازان بالتواضع الجم، وتنمية العلاقات الإنسانية وسط غمار ناس الحي. وما عرفه اللصيقون بمصطفى أنه لم يكن يأبه كثيرا بالمال، أو تكديسه، وإنما كان يصرف كل دخول حفلاته على الأهل، والأصدقاء، وغيرهم ممن لا تجمعه صلة بهم. وأحيانا لا يجد الفنان ما يسد به الرمق في ذلك البيت الذي ضمه مع عدد هائل من أصدقائه، وهو ما عرف ببيت العنكبوت. كان مثل زميله العميري الذي لا يني من السير في حواري أمدرمان دون أن يستعين بعربة. وكانت المواصلات العامة وسيلته للتداخل مع الأصدقاء البعيدين. فالعميري كما يقول الدكتور محمد علي بابكر قد كان “يتشكل ببساطة في لوحات الحياة اليومية في أبو روف، أحياناً يصادفك راكبا مع نساء في (ضهريّة)، بوكس بحمولته ماشي في الاتجاه الذي يقصده للعزاء، وتارة جالس في حجر يصطاد السمك جوار مركب خاله حسن، أحياناً أخرى (يدفر) مع آخرين عربة متعطلة في شارع البحر، وبعد النجاح في تحريكها (ينط) معهم يصل إلى الإذاعة..”. هكذا هو حال مصطفى أيضا. فحين يذهب إلى ود سلفاب يرتدي جلابيته، ولا يني من الذهاب إلى المزارع يحمل بيده الطورية ليسهم في تنظيف زرع هذا، أو حصد مزرعة تلك، على حد تعبير الذين عرفوه في القرية. -3- في حوار أجراه الأستاذ بدر الدين الأمير مع مصطفى قال الفنان إن حياته في بورتسودان، بجانب استغلاله القطار جيئة منها وذهابا إليها علمته مدى معاناة السوداني في واقع مزرٍ، وأليم، يسيطر فيه أنصاف الموهوبين في كل قطاعاتها. قال لا فض فوهه بصورة روائية: “بورتسودان كانت بلد ا مختلفا..توجد مجالس على الشاطئ تشكل مرتعا للخيال حيث ينفتح الأفق على ماء البحر الزرقاء والأشباح التي تتراءى من حركة الموج ما قبل الحاجر المرجاني..رائحة الكشيب ملأت بها خياشيمي، ذلك العطر الشعبي للهدندوة..أوهاج..وأدروب ..الهدندوي الذي يضيق به الحال إلى درجة أن يمد يده لسؤال الآخرين، ولكنه يفعلها في كبرياء ويد أخرى قابضة على مقبض الشتوتال، تحفزا لأي شكل من الإهانة ـ أو الإساءة يمكن ـ أن يتلقاها من هذا الذي يسأله.. تربت، ونبتت، معانٍ كثيرة وأنا أركب القطار من الخرطوم عابرا الفيافي، والوهاد، والأنجاد.. والأطفال الذين يجرون وراء القطار في انتظار أن تُرمى لهم قطع الرغيف، وقد ضربهم الجفاف..وقطار البضائع يحمل من حبوب، وخيرات، البلاد عابرا هذه الأراضي الحارقة بالجوع والمسغبة ليصدر خيرات البلاد إلى الخارج من بورتسودان..” إذا كان ذلك هو مصطفي بكل ضيمه نحو هذا الحيف الذي تعاني منه قطاعات اجتماعية بعيدة عن مركز السلطة، وثروتها، فإن العميري المرهف كان مثله يغني للقيم الإنسانية علي لسان الشاعر قاسم الحاج: أشقى القى وأبقى بهجة ** في النفوس لي كل مناضل وأبقى للمعتل علاجو ** وأبقى للفلاح سنابل وأبقى للثوار سلاحم ** اعتي من قصف القنابل وأبقى للكادح الملوح ** كل حد موفور وعادل وأبقى زولاً ليهو قيمة هكذا التقى المبدعان في بحثهما عن جمال البلاد، وعبرا عن أشواقهما الإنسانية الفائضة نحو تحسن أحوال مواطنهما الذي دهست عجلات الحياة السريعة استقراره، ومزقت حروب الساسة أحلامه، وتركته يهجر دياره لتنقطع آصرة القربى بمناطق الأجداد. فمصطفي، والعميري عاشا بهذا الوفاء للأرض التي أنبتتهما بحس مرهف وعمقت محبتهما لها حداثة الكلمة، والتمرد علي السلطات القابضة، وبذل الروح للناس. وربما سيمر زمن طويل قبل أن نجد متشابهات إبداعية لهما من حيث سعة أفقها، ورغبتها في تثوير الإبداع، وقدرتها على إبراز الجمال السوداني. لقد جاءت وفاة العميري في ليل الرابع من يوليو 1989، وقد تقاربت مواعيد وفاته مع وفاة الشاعر الكبير محمد عبد الحي، إذ إنه غادر دنيانا بعد شهر تقريبا من سقوط سلطة النظام الديموقراطي. وقد تم نعي العميري من خلال نشرة الثالثة بإذاعة أمدرمان إذ توفى ليلا كما هو حال مصطفى أيضا. وإذ إن مصطفى كان يعاني من آلام كليته بعد إجراء عملية ناجحة في روسيا فإن العميري قد أصيب بانفجار القرحة التي داهمته آلامها في ذلك الليل البهيم، ولم يكن متاحا بسبب قرار حظر التجول التحرك به عاجلا إلى المستشفى فمات في الصباح البكر. أما مصطفى فقد سقط مغشيا عليه أثناء تناول طعام العشاء، ولم تكن هناك فرصة لإسعافه وتفاجأ الناس في الصباح أن روحه قد فاضت إلى بارئها. وقد شكل رحيلهما غصة في حلوق أصدقائهما المقربين، وعموم الذين كانوا يرجون منهما مراكمة الصيغ الفنية الموحية التي برعا في إنتاجها. فضلا عن ذلك فإن ذهنهما الفني المتقد قد ألهم كثيرين في المجال، وغير المجال، للتعلم من تجاربهما في الاعتماد على مشروع فني يرتبط بالأرض، وبقضايا التنمية البشرية والثقافية. فالمخرج الراحل الأستاذ محمد سليمان دخيل الله يقول إن العميري قد “غنى للأرض بمحبة وبنجومية..فنان شامل كان باكره دائماً عنده أحلى، وقد فتح جراحاته صوب الشموس لكي تنضج وعانق القمر في أحلامه ورؤاه وكان تبلدية تتطلع أوراقها للعلا.. ودائماً ما يطرح أسئلة ويقول إنها ليست للإجابة إنما للتفكير..” إن قيمة التحرر الفني التي اتضحت عبر مسيرتي مصطفى والعميري لم تكن إلا ارتباطا قويا بالأرض، والوفاء لإنسانها بالشكل الذي يثور معطياته الثقافية لصالح البناء الوطني. وهكذا أدركا أن الفنان طاقة أنبتتها الأرض ولا بد أن يخضر، ويينع، حتى يثمر وعدا، وقمحا، وتمنٍ، كما قال الشاعر محمد المكي إبراهيم. ولقد تعلم جيلنا من خلال التجربتين الفنيتين أن الحداثة تمثل الرهافة في التعبير عن قضايا غمار الناس الذين طحنتهم آلة البؤس السياسي الذي يبس الحقول المنتجة، وحقن النفوس الأبية بالكراهية لصالح رأسمالية طفيلية سيطرت على مناحي الحياة، ولعلها هي التي حطمت كبرياء الكرام من السودانيين، وجعلتهم يتصادمون في الفراغ، وعند العتمة كذلك.