“عبيط تركيا” عبد الحي يوسف قال إن على السودانيين التبرع للقوات المسلحة..! وهو لا يعلم أن السودانيين خرجوا من منازلهم (بملابسهم الداخلية) مطاردين أو هم محبوسين داخلها بلا غذاء ولا دواء ولا مرتبات..حيث أن وزارة المالية كما يقول تقرير صحيفة “الشرق الأوسط” أوقفت صرف المرتبات عن الناس وقصرتها فقط على حاملي السلاح..وان وزير المالية وطاقمه وكبار مساعديه ذهبوا إلى القاهرة في عطلة العيد..وان محافظ البنك المركزي يقيم في بورتسودان ويتعامل مع موظفيه بالواتساب بعد توقف الخدمات الاليكترونية..! وربما نجد عذراً لعبد الحي (لأسباب إنسانية) تتعلق بالضمور العقلي وانسداد الحالب المؤدي للضمير..ولكن هناك قصة أخرى عن (العقلاء)..!
تكمن القصة في أن التودد للاخونجية والإنقاذيين والانقلابيين بسبب (أكل العيش) يقلب الحقائق ويجعل من هم في منزلة الأستاذ الجامعي أضحوكة مهما تظاهروا بالوقار..! فمن الاستهزاء بعقول ملايين المشاهدين عبر القنوات الفضائية أن ينبرى أحدهم (في منتدى قناة الجزيرة) وهو لا يكاد يخفى تعريضه بثورة بلاده التي يتغني العالم بشبابها وشعاراتها وأهدافها..ليهزأ بالوقائع الراسخة وبأمانة العلم فيقول وهو الأستاذ الجامعي (المرموق) ما معناه أن السودان (تحت انقلاب البرهان وبعد ثلاثينية الإنقاذ) أفضل حالاً من الهند..! لمجرد أن محاوره (الأستاذ محمد سليمان) الذي يقف في صف الثورة السودانية قال إنه ليس كثيراً على السودان أن يكون في مصاف الدول الديمقراطية مثل الهند التي تعج بالاثنيات والديانات واللغات والملل والنحل وملايين البشر..بل ملياراتها..!
دكتور إبراهيم محمد زين قال إن المشكلة في كل هذا الخراب وهذه الدماء في السودان تتمثل في ضرورة إنهاء (العنف اللفظي)..! وظل يدور حول هذه العبارة مثل دوران (عصّارة الزيت) وهو يقصد بالعنف اللفظي حسب مرمى حديثه إدانة أنصار الثورة لصنائع الإنقاذيين..ولم يسجل الأستاذ الدكتور كلمة واحدة في إدانة (العنف المادي) والموت الأحمر والمذابح الدموية والقتل بالراجمات والسحل والقنص والاغتصاب.. بل كل المشكلة عنده في (العنف اللفظي) وعدم استلطافه فضح جرائم القتلة…! وظل يناصره في ذلك الهروب من الحقائق زميله الدكتور حامد التجاني بوصفه أكاديمياً خبيراً في اقتصاديات التنمية..! وهما يرددان كلاماً خبيئاً (معناه ليست لنا عقول)..! هل يمكن نسيان ما فعلته الإنقاذ بالبلاد والعباد..وجماعتها هم من يديرون هذه الحرب الآن..!
هذا هو المحك الصعب: أين تقف من وطنك عند المنحنيات العسيرة والدواهي الكبرى..؟!!
كيف اتفق أن يكون هذا هو التحليل العلمي لأستاذ يحمل درجة عليا من الشهادات العلمية…ويفهم في الاجتماعيات والإنسانيات والسياسة والاقتصاد ومقارنة الأديان (ولك أن تعجب كيف غابت المقارنة بين (الجوهر والرماد) وبين (دمغ المنكر ومناصرة الباطل) وبين الانقلاب والقهر في مقابل الحرية والكرامة الإنسانية وبين (النهبوت وانحلال الدولة) في سودان الإنقاذ والانقلاب في مقابل القوة الاقتصادية والتقنية والتنموية في الهند (بلد غاندي ونهرو) ..!
.. هكذا يكون الدفاع عن خط الفلول..كل المشكلة في العنف اللفظي..! يا لرشاقة هذا المصطلح اللطيف..! ويا لهذه القسوة في وصف جرائم الإنقاذ والاخونجية وانقلاب البرهان (الناعم)..!
كل هذه المذابح والدماء المُراقة في بر السودان سببها (العنف اللفظي ضد القتلة)..! العنف الفظي هو الذي قتل الناس..وليس (العنف المادي) بالدبابات والراجمات والدانات التي يسحل بها الإنقاذ وانقلاب البرهان الناس في الشوارع والميادين والبيوت…كل هذا سببه العنف اللفظي ضد الاخونجية وجنرالات الانقلاب المساكين الأبرياء…وهؤلاء الأساتذة الموقرين يغلقون عيونهم ليتحدثوا عن تقدم السودان على الهند تحت حكم الاخونجية والانقلاب..الهند التي تحتل (المقعد الخامس) عالمياً من حيث المؤشرات الاقتصادية..بينما السودان هو (الخامس بالمقلوب) في مؤخرة قائمة العالم بعد أكثر من 206 دولة..!
ثم يقول الدكتور (وبكل هدوء) انه على ثقة بأن جيش البرهان سينتصر في النهاية على المليشيات..المليشيات التي غذاها البرهان بيديه من دماء السودانيين ..! وتفسير قوله إن البرهان سينتصر على أشلاء السودانيين..!
وللأمانة ليس هناك خطاب (عنف لفظي) ضد الاخونجية والانقلابيين إنما هو خطاب (تقرير واقع) عن الحقيقة..فالسودانيون لم يتجنوا على الاخونجية والانقلابيين.. فقط تحدثوا عن مذابحهم التي شهدها كل العالم (هل هذا عنف لفظي؟) وتحدثوا عن إجرامهم وسرقاتهم التي أقرت بها كل المراصد المحلية والعالمية (بل أقر بها لصوصها أنفسهم)..! .فهي لم تكن سرقات سرية إنما هي نهب علني على رءوس الإشهاد…يتباهون به ويتفاخرون..ويعدونه عنوان ذكاء ودليل فهلوة و(موضع سجدة)..!
هل يجهل أستاذنا كل هذا…؟! ألم يسمع عن نهب القروض والبنك المركزي والأراضي وغسيل المخلوع للأموال و(99 كرتي)..؟! وهل وصم اللصوص بالسرقات المثبتة من باب (العنف اللفظي)…؟! وهل من العنف اللفظي المناداة بالمحاكمة العادلة لحرامية الإنقاذ وناهي موارد الوطن ومجرمي الحرب والمغتصبين وقتلة الأطفال والشباب..؟!
أين الضمير وأمانة العلم عند أهل ..؟! وهل يمكن أن تتغيّر المبادئ والقيم الإنسانية بتغيّر الوظيفة ومكان الإقامة وعنوان المُخدّم .!!.. سبحان الله من هذا الهدوء الذي يظهره بعض الناس وهم يلقون بالترهات باعتبارها من فصوص الحكمة وفصل الخطاب.. وفي كل الأحوال سيخرج السودان من رماد الحرب بفضل شهدائه وشبابه وثورته بإذن الله…الله لا كسّب الإنقاذ..!
murtadamore@yahoo.com