استمعت عبر تسجيل صوتي لسيدة فاضلة، زوجة لاحد السودانيين المغتربين بالمملكة العربية السعودية تحكي فيه عن فقدانهم لكل محتويات منزلهم من اثاث وحاجيات تخصهم قضوا وقتا طويلا كأسرة لشرائها بحلم العودة يوما ما والعيش براحة واستمتاع بمنزلهم بالخرطوم. واكثر ما تألمت لسماعه هو انهم الغوا العودة بالاجازات عددا من المرات لتقليل الصرف وتحويل مبالغه لتجهيز البيت.
امثال هذه السيدة او الاسرة ربما يفوق مئات الالاف اذا لم يتجاوز المليون من اسر عاشت حياتها بكد واجتهاد بالغربة وداخل السودان بغرض تيسير المستقبل الخاص بهم، وفي ذلك قد يكون تحويل توفيراتهم الى ذهب او دولار احتفظوا به بالبيوت او خزانات المصارف. هؤلاء الناس ليسوا ب(كيزان) او لصوص، او مرتشين، اوحكوميين حولوا المال العام لمصلحتهم، بل اناس راؤوا في الحياة دار تنافس فشمروا سواعد الجد، ورفعوا من درجة المسؤلية الشخصية فكدوا ووجدوا.
وهنالك شرائح بذلت الغالي والنفيس لاجل تحسين مستواهم الاجتماعي عن طريق التطور التعليمي وسافروا وقضوا اصعب السنوات لاجل التحصيل العلمي فقدوا شهاداتهم وربما وثائق تكريمهم من مؤسسات عالمية واقليمية ومحلية لما قدموه من اعمال ونالوه من تفوق في تخصصاتهم ومجالاتهم المهنية تجدهم قد واجهوا نفس المصير. هؤلاء جميعهم جزء من ضحايا الحرب والحقد الرعوي الذي استدرجته فاجتاح العاصمة الخرطوم دون ان يتوفر لدى الغزاة اي تنوير او بناء اخلاقي يجعلهم على قدرة في التمييز بين العدو السياسي والمواطن العادي الشريك في الوطن ومصائب الدولة.
الدعم السريع كقوة عسكرية تظل متهمة بذلك مهما اتت بتبريرات من قادتها بان ذلك من التفلت والغش بازيائهم . انهم يواجهون حاليا معضلة قانونية عسيرة وحقدا موازيا من الضحايا الذين لن يغفروا بسهولة ما جرى.
اما المؤسسة العسكرية كطرف اخر فيتحمل وزر ترك المدنيين دون حماية وكذلك التربية المتوحشة وادخالها في الحياة العسكرية والسياسية بالسودان حتى شب الذئب على الطوق وهجم لاكل الراعي.
الصدمات الان ليست في في انباء دخول الغرباء الى البيوت وسرقتها ولكن في الغد عندما يعود الناس الى بيوتهم ويرون بام اعينهم ما جرى لها من نهب مروع واذى بليغ ربما يمنع الكثير من اصحابها النوم فيها على الاسرة والعناقريب او غلق الابواب الخارجية والداخلية من ورائهم لاستدراج شعور نسبي بالأمن والأمان.
هذه الحرب وفي افضل الاحوال فتنة بين البيت وصاحبه وبين المدن وقاطنيها الاصليين الذين يستوجب عليهم التدبير لطاقات تحمل اشد مما يتوقع عندما يعودون غدا. المعضلة في اليوم التالي لتوقف الحرب عندما يتحسس السودانيون جراحهم الغائرة نتيجة هذه الحرب وانفراط عقدهم الذي تضاعف مرات ومرات بعد ان خرب الاخوان (المسلحون) حياة مدنهم واباحوا واستباحوا دمائها.
wagdik@yahoo.com