احدى المشكلات الاعلامية المتفاقمة يوما بعد يوم تقوم في آتون المعارك المحتدمة تعبر عن نفسها في ان هنالك من الاعلاميين الذين يصنفون كقادة راى عام ويقدمون انفسهم كحاملي روشتات لا تخطي العلاج لاي معضلة مهما كانت. هؤلاء ترتبط مصالحهم اما بنحو مباشر او اخر ملتو باحد الطرفين ولكنهم يعبرون باحتراف لتوظيف ما يمكن وصفه ب (الزعم السريع) – بامتلاك الحقيقة كاملة غير منقوصة وتوظيفها لخدمة طرف دون الاخر، وبان غيرهم منزوعين الملكية او الاحاطة بها ويجب عليه تصديق ما يقولون.
ما يحب التذكير به مرارا وتكرارا ان الحقيقة، وكما قيل، ضحية للحروب وانها تحتاج الى بحث مضن، ومعاناة خلاقة لا تكتفي باخذ المعلومات وصناعتها بأمانة فائقة ولكنها ترفض تغذيتها باثبات حدوثها بالحصول على وثائق وسجلات حركتها وهو ما يعرف بالاستقصاء وبالصحافة او الاعلام الاستقصائي الذي يظل يشكو لطوب الارض من غياب الدعامات اللازمة، وصعوبة الاستبسال، ليس فقط في فضاء الحرب الدائرة حاليا بانحاء عديدة من السودان، ولكن في فضاء الحياة السودانية بصفة عامة بسبب تجذر تاريخ طويل من علاقته الممتدة ، المتناهية، والمتماهية مع التعمية، والترميز، واحيانا التورية دون الابانة والافصاح، والاخفاء القسري للمعلومات خشية الحقيقة نفسها.
فنحن وباغلبية ساحقة ، ودون اطلاق قول في ذلك ، وبما اثبتته التجربة والتجارب العملية الفاشلة في اطار اجتماعنا السوداني المستشكل، العام، ضالعون في النفاق والمجاملة على حساب الحقيقة وقول الحق والخوف من نتائج النطق بهما وهو ما تفسره سيطرة ثقافة التعصب والعصبية، والمحسوبية، والانحياز والتحيز والقابلية الجينية في تربية الاكاذيب ومناصرة الأساطير وتبنيها بالقوة والسلاح وكتائب المقاومة وتتبع اثار اقدام سبقتنا في المشي الخاطي على طرق وطرقات خاطئة ، لعناوين خاطئة.
اننا، ودون توفير الرغبة في الاختراق والابتكار باتباع التفكير التحليلي العلمي النقدي سوف لن نغير من اوضاع اعراب ثقافتنا بخطاباتها المتعددة، وكذلك اعلامنا الذي يتغذى من خطاياها ووحشية الانتهاكات المفعمة بها.
كل هذا وذاك يعمل على تربية الحرب ذات نفسها ايضا، ويصنع الدوار والخيبة في وضع الاجابات الصائبة المفيدة على اسئلة التقدم وتنمية الاعلام السوداني البالغ الاحتياج لدعم المصداقية والنزاهة في عملياته وانتاجيته التاريخية والراهنة بشتى الوسائل والوسائط المتوفرة.
wagdik@yahoo.com