الحقيقة هى الضحية فعلا في زمن الحروب، وفي اليوم التالي لانتهاء الحرب سنبدا التعرف على حقيقة ما جرى ووقع من كوارث.
ما لدينا من معلومات حتى اللحظة كخرطوميين نازحين او مطرودين او هاربين يمكن تشبيهه بعدم الاحاطة او السيطرة وبالعوم على بر الحقائق.
فتلك المدينة التي شكلت مراتع الطفولة والصبا واشجار الذكريات الخضراء الباسقة، ومسافة التحضر الممكنة، لم تعد كما كانت منذ اوقات طويلة وقل منذ عقود هيمنة حكم التفاهة وامساكه بتلابيبها. لكنها وفي اختناقاتها تلك تظل افضل حالًا مما هى عليه بعد الحرب. فعدد الموتى اكثر بمرات مما نتصور والخرطوم وبشهادة صديق عاد لها مضطرا يوم امس حكاية دمار وجثث على الطرقات ومقابر طارئة على جنبات الشوارع تقشعر لها الابدان، لم تجر على الالسن، ولم تحكى بعد.
الساعات الاولى للحرب شهدت مقتل اغلب شحاذي الاستوبات باطفالهم، ومن نجا منهم هرب الى موت آخر ، وباسباب أخرى.
عدد من سكان الخرطوم شرق قتلهم الرعب واحيانا الحرقة والالم والجوع.
نحتاج ان نوثق هذه المرة بشجاعة وان نتحمل المسؤولية امام الله والتاريخ. ويكفي تكذيبنا لشينة فتح الخرطوم عند المهدية. سنستيقظ على الصدمات الواحدة تلو الاخرى ولكن علينا ان نتعلم وفي مقدمة المطلوبين للتعلم ساستنا الابرار، واجتماعنا الثقافي والاجتماعي البائس، وثقافتنا السياسية الكئيبة. (وانا ما بجيب سيرة)الجنينة وبعض مدن ومناطق دارفور. الرحمة والمغفرة لك قدال وشعرائنا المجيدين محجوب وحميد فقد رحمكم الله مع كثيرين مضوا ولم يشهدوا ما جرى للبلاد من خراب بفعل الوعى الخراب. نداء للناجيين: اكتبوا سجلوا تجاربكم ووثقوا بكافة الاشكال لان ذلك يشكل مادة للبحث والرواية والافلام في يوم من الايام وهى، وفي جملة حصيلتها معارف حيوية مهمة للقادمين الى الحياة في هذا البلد التعيس المشؤوم بحكامه واداراته السياسية التي حكمت دون قدرات ومسؤولية وانسانية كافية.
wagdik@yahoo.com