العنوان أعلاه، لم يكن العنوان الذي كنت أنوي كتابته عن ندوة الملتقي العربي للفكر والحوار عن العلامة إحسان عباس ، فقد تم استبدال العنوان لما هو عليه الآن، بعد الندوة والمداخلات التي جرت من داخل وخارج القاعة، الأمر الذي أقنعني بتعديل محتوي المقال
وتناوله بشكل مختلف..وتلك ، في تقديري، سمة من سمات الندوات الناجحة.
أقيمت الندوة ليلة الثلاثاء الماضية ، الموافق الأول من أغسطس الجاري ،وهي ندوة حوارية عبر خدمة( الزووم اونلاين) حيث كانت سيرة المحتفي به ، تحت عنوان [ إحسان عباس حارس التراث والثقافة : إنجازاته العلمية وتأثيره في السودان بين [ 1950 و1970 ].
قامت بتقديم الندوة ، البريطانية الأستاذة روث أبوراشد، الباحثة في دراسات الترجمة والأدب العربي، ومحررة في مجلات ثقافية وعلميه متعددة، كما أدار الندوة الدكتور حامد فضل الله وكان إضافة حقيقية لفعاليات الندوة وجعلها ندوة ما منظور مثيلها..
تناولت الدكتورة روث، مسيرة العلامة إحسان عباس منذ طفولته المبكرة مرورا بمراحله الدراسية وتنقله بين الدول العربية حتي إستقر به المقام في السودان محاضرا في كلية غردون التذكارية( جامعة الخرطوم لاحقا) وجامعة القاهرة بالخرطوم، حيث أمضي نحو عشرسنوات، ومنها انتقل للعمل في الجامعة الأمريكية في بيروت،ولكن ظل قلبه معلقا بالخرطوم وأهل السودان وطيبتهم، وقد كتب في كتاب سيرته [ غربة الراعي] أجمل ذكرياته عن السودان.
عددت الباحثة روث ، في هذه الندوة ، الكثير من نشاطاته العلمية والثقافية والبحثية التي قام بها العلامة إحسان عباس ، سواء أكان ذلك في مجال عمله الجامعي ،أو اسهاماته في المشهد الثقافي عامة،حيث كان مقصده الأندية الثقافية بالخرطوم في ذلك الوقت وأشهرها النادي العربي ونادي الخريجين ..وكان يجد الود والتقدير أينما حل.كما عددت الإنتاج الفكري للعلامة إحسان عباس الذي استحق بموجبه لقب عميد المحققين العرب فقد تناول التراث العربي بالتحقيق التدقيق النشر والتعليق وكل طرق المراجعة والضبط، زهاء ستين عاما ، كما كانت له إسهامات في حقل الترجمة النقد العربي.
شارك في هذه الندوة واثراءها بالتعليق والإضاءة وماضي الذكريات الجميلة مع العلامة إحسان، عدد كبير من الكتاب والمثقفين العرب بجانب المثقفين السودانيين ممن عاصر المرحلة الأكاديمية للعلامة إحسان خلال عمله في السودان ، كان منهم الأستاذ الدكتور مدثر عبدالرحيم والدكتور عبدالله علي ابراهيم .
وجاءت مشاركتي عبر( تقنية الزووم ) من الدوحة، حيث كان هناك هاجس يؤرقني، وهو عنوان المقال الذي ألغيته:
[ هل غادر العلامة إحسان عباس السودان حزينا مكسور الخاطر ؟] وكان هذا الهاجس نتيجة لقراءات سابقة بعضها عربية واخري سودانية محلية تقول بتلك الرواية. وقد أردت ومن خلال هذه الندوة الحوارية التحقق من صدق أو كذب تلك الأقوال.
وذكرت أمام الندوة روايتين،الأولي تقول بأن سبب مغادرة العلامة للسودان هو انتهاء عقد عمله وهو ما ذكره العلامة نفسه في كتابه ( غربة الراعي). بينما تقول الرواية الثانية بوجود نفور بينه وبين أحد الأساتذة السودانيين ..وقد اتضح أنها لم تحدث اصلا أما الرواية الأولي التي حكاها العلامة إحسان بنفسه عن سبب سفره من السودان فهي الرواية الحقيقية كما جاء في رد الدكتور عبدالله علي ابراهيم باعتباره ( شاهدا علي العصر)..
وهذا الراي، هو ما يؤيده ايضا كتابات العلامة إحسان عباس عن السودان وأهل السودان وحبه لهذا البلد العربي الأصيل حتي بعد سفره واستقراره في بيروت..
وبذلك تأكد لي بما لا يدع مجالا للشك بأن العلامة إحسان عباس لم يغادر السودان مكسور الخاطر، بل غادرت في قلبه وعقله وذكريات كل الحب والتقدير، وظل يذكر السودان وأهله ومثقفيه بالخير في كل مناسباته الثقافية.
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@hotmail