أعلنت قوات الدعم السريع في السودان أنّها منفتحة على وقف طويل الأمد لإطلاق النار مع الجيش، حيث عرضت رؤيتها “لتأسيس الدولة السودانية الجديدة”، في مبادرة يُمكن أن تُحيي الجهود الرامية إلى إجراء محادثات مباشرة بين طرفي الصراع.
وجاء البيان بعد وصول رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان إلى بورتسودان، أمس الأحد (27 أغسطس 2023م)، في أول جولة له خارج العاصمة منذ اندلاع القتال، على أن يتوجّه في زيارة إلى السعودية ومصر لإجراء محادثات.
وأبدى قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، استعداده للتفاوض مع الجيش حول شكل الدولة السودانية المستقبلية، متجاوزًا الجوانب الفنية لوقف إطلاق النار الدائم والتي عرقلت جهود وساطة برعاية السعودية والولايات المتحدة.
وأضاف البيان أنّ “الحرب التي تدور في السودان هي انعكاس أو مظهر من مظاهر الأزمة السودانية المتطاولة، وهو ما يستوجب أن يكون البحث عن اتفاق لوقف إطلاق نار طويل الأمد مقرونًا بمبادئ الحل السياسي الشامل، الذي يعالج الأسباب الجذرية لحروب السودان”.
وبموجب رؤية “تأسيس الدولة السودانية الجديدة”، تشمل قضايا التفاوض: اعتماد نظام حكم فدرالي وحكومة مدنية تمثل كل أقاليم السودان، وإقرار تأسيس جيش سوداني جديد بغرض بناء مؤسسة عسكرية واحدة تنأى بنفسها عن السياسة، وتصفية الوجود الحزبي والسياسي داخل الدولة، وتدابير التحوّل الديمقراطي على غرار الانتخابات، والنظام الفيدرالي وهياكله ومستوياته وسلطاته، وتقسيم الموارد، والعدالة الانتقالية.
ويبدو أنّ الوسطاء الإقليميون متقبّلون لفكرة أن يضطلع العسكريون بدور في الحكومة الانتقالية في المستقبل. لكن جون جودفري سفير الولايات المتحدة لدى السودان، وأحد الرعاة الرئيسيين لعملية الانتقال للديمقراطية بعد انتهاء حكم البشير، كتب يوم الجمعة على منصة “إكس” يقول: “على المتحاربين الذين أظهروا أنهم غير مؤهلين للحكم إنهاء الصراع ونقل السلطة إلى حكومة مدنية انتقالية”.
من جهته، أوضح عباس إبراهيم، الكاتب الصحفي السوداني، أنّ الملفت في رؤية حميدتي أنّها تحدّثت عن الحل الشامل، لا رؤية سياسية، وهو ما يؤشر إلى أنّ قوات الدعم السريع لا تزال تحافظ على نفسها ككيان عسكري لا كمنظومة أو حركة سياسية.
وقال إبراهيم، في حديث إلى “العربي”، من لوسيل، إنّ قوات الدعم السريع كانت منذ بداية الحرب هي السبّاقة والمبادرة لتقديم أطر أو سرديات لشكل الحرب.
ورأى أن طرفي الحرب في السودان وصلا إلى نتيجة أن أيًا منهما غير قادر على إنهاء الحرب، وأنّ الحلول التفاوضية هي الأفضل للوصول إلى حل.
وأوضح أنّ مبادرة حميدتي بحاجة إلى أن تقترن بأفعال.
ومنذ 15 أبريل الماضي، يشهد السودان قتالًا عنيفًا بين الجيش وقوات الدعم السريع، أودى بحياة المئات، وأدى إلى نزوح الآلاف من مناطقهم.
وحذّرت الأمم المتحدة من “كارثة إنسانية لها أبعاد هائلة”، مع تزايد الجوع وانهيار الرعاية الصحية وتدمير البنية التحتية.
كما تواجه قوات الدعم السريع وجماعات متحالفة معها تهمًا بارتكاب التطهير العرقي في ولاية غرب دارفور.