تدخل الحرب العبثية في السودان شهرها السابع والأوضاع تسير إلى أسوأ فيما تزداد الممارسات فظاعة، والضحية الأول والأخير هو المواطن السوداني، ولكن بالرغم من العتمة والظلام الحالك هناك مؤشرات بقرب نهاية الحرب.
من الواضح أن دعاة استمرار الحرب وغلاتها المتشددين باتوا في انحسار لأسباب سياسية وتنظيمية وعسكرية ، فالحركة الإسلامية السودانية لم تعد على قلب رجل واحد وعادت الانشطارات الأميبية تنخر في جسدها ، وغياب التماسك أحدث شرخاً واضحاً في إمساكها بكل مفاصل الأمور خاصة بعد تباين الرؤى والخط السياسي بين مجموعة الحزب وجماعة الحركة وظهور ذلك جلياً خلال إجتماع الشورى الأخير الذي عقده المؤتمر الوطني (المحلول) مؤخراً.
الخلافات التي عادت ضاربة بشدة صفوف الإسلاميين بدأت تشجع بعض القادة العسكريين على كسر الطوق والبحث عن حلول خارج الصندوق ، ولن يستطيع الإسلاميون السيطرة على (لجامهم) والإمساك بالعقد المنفرط لأنهم لم يحدثوا فارقاً على الصعيد الميداني.
في المقابل لم تعد تهديدات الحركة الإسلامية بتغيير القيادة العسكرية بعبعاً يخيف جنرلات الجيش لأنهم أدركوا ببساطة أن محاولات التخريب المعنوي التي يقوم بها نشطاءها لتخويفهم لم تعد لها ركائز على الأرض فقط عليهم الحذر ووضع الأهداف في المراقبة مع عدم الالتفات للشائعات.
التحركات المحمومة والزيارات السرية التي شهدتها عواصم إفريقية وعربية من قبل العسكريين شاهد عدل على كسر الطوق والقفز فوق السيطرة ومن المؤكد أن الهدف الأول والأخير منها (أي الزيارات) هو استئناف التفاوض دون إراقة لماء الوجه ، ولن يستطيع أحد وقف مدها ما دام أنه ليس هناك نصراً تحقق أو دعماً قدم لحكومة تحاصرها الأوبئة و(الجنجويد).
طلقة رحمة العلاقة بين قادة الجيش والإسلاميين ستطلق الأيام القادمة فما عادت الوشائج الرابطة بين الطرفين متينة بل أوهن من خيوط العنكبوت ، وما عاد التهديد والوعيد من المنتمين لكتيبة البراء مجدياً لأنها غير قادرة على فرض وجودها وحقيقة تضخيمها أضحت مكشوفة.. وصحيح (الدعاية) مفيدة في التوجيه المعنوي ولكن عبرة المعارك بالنهايات.
الحركة الإسلامية تواجه أزمة موارد أيضاً فهي لن تستطيع دفع كلفة نفقات الحرب على المدى الطويل ، والآن المعاناة بلغت مداها وسط عضويتها في الداخل والخارج ولن تنجح اللجان التي كونتها لمحو أثار الحرب وسط عضويتها في مصر وتركيا أما على الصعيد المحلي كل أعين الشعب السوداني تراقب وزير المالية جبريل إبراهيم المتحالف مع الحركة الإسلامية.
الحركة الإسلامية لن تجد حتى حبلاً لتنشنق به وعليها أن تثوب إلى رشدها لأن الطريق الانتحاري الذي تسير فيه يكلف البلاد مزيداً من الضحايا ولكنه لن يطيل أمد الحرب أكثر من ذلك وستقف قريباً نتيجة كثير من المؤشرات التي ترفع عقيرتها سواء بالتقدم المضطرد على صعيد توحيد القوى المدنية تحت مظلة جبهة عريضة لوقف الحرب أو السباق الدولي بضرورة إيجاد حل للأزمة بالسودان بعد دخول أطراف دولية علناً خاصة بعد تداعيات أحداث غزة الأخيرة ، هذا فضلاً عن التململ الشعبي نتيجة إحساس الشعب السوداني بالضياع ، وفقدان جرعات التخدير التطمينية لحملات (بل بس) لصلاحيتها.
الجريدة