يحتدم الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني على نيالا ثاني كبرى مدن السودان من حيث عدد السكان في قلب إقليم دارفور، حيث يحاول الطرفان تحقيق مكاسب عسكرية مع عودة المفاوضات بينهما.
فمنذ 15 أبريل الماضي لم ينجح طرفا الصراع السوداني في إحراز أي تقدم ميداني كبير يحقق الانتصار بعد أكثر من ستة أشهر من المواجهات العسكرية، ويبدو أن أي منهما لا يعتزم تقديم تنازلات على طاولة المفاوضات قبل أن يوجّه للطرف الآخر ضربة عسكرية قاصمة.
لذلك، سعت قوات الدعم السريع منذ الأسبوع الماضي إلى تغيير الوضع في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور والتي تقع على الحدود مع كل من جنوب السودان وإفريقيا الوسطى.
وبحسب قناة (العربي) رأى ضابط سابق في الجيش السوداني أن الصراع على مدينة نيالا سببه أنها “أهم مركز عسكري في ولايات جنوب وشرق ووسط دارفور”.
وأشار لوكالة الأنباء الفرنسية إلى أهميتها الاستراتيجية، إذ “يمكن استخدامها للإمداد خصوصًا مع وجود مطار بها”، مضيفًا: “من نيالا يمكن لقوات الدعم السريع أن تصل إلى الفاشر عاصمة شمال دارفور وزالنجي وسط دارفور والضعين بشرق دارفور”.
وتبعد نيالا حوالي 1000 كيلومتر غرب الخرطوم، ويربط المدينة ببقية أجزاء السودان خط سكك حديدية، وتحيط بها 4 مخيمات للنازحين على رأسهم مخيم “كلمة”، الذي يعد الأكبر في البلاد حيث يضم 300 ألف شخص.
بدوره، يرى الصحافي السوداني عز الدين دهب الذي نشأ بنيالا أن هذه المنطقة “أهم مركز اقتصادي لإقليم دارفور”، وأكبر أقاليم السودان والذي يقطن فيه ربع سكان البلاد البالغ عددهم 48 مليون شخص تقريبًا.
كذلك يلفت دهب إلى أن “مطار نيالا يمكن أن يشكل نقطة قوة في عملية الإمداد”.
وبينما كان ممثلو الطرفين في جدة للتفاوض، أعلنت قوات الدعم السريع الخميس عبر حسابها على منصة “إكس” عن “تحرير قيادة المنطقة الغربية الفرقة 16 مشاة نيالا بجنوب دارفور”، وهو ما يعني وقوع المدينة تحت سيطرتها.
كما أكد سكان من نيالا لوكالة الأنباء الفرنسية انتشار أفراد “الدعم السريع” في كل أرجاء المدينة، فيما أكد مصدر عسكري أنه “على مدى ستة أشهر تهاجم قوات الدعم مقر الفرقة 16، والأسبوع الماضي تمت مهاجمتها بحوالي 300 عربة قتالية”.
سبق ذلك، إعلان “الدعم السريع” في يونيو “الاستيلاء الكامل” على حامية عسكرية مهمة في منطقة أم دافوق الحدودية مع جمهورية أفريقيا الوسطى في جنوب دارفور، ما يعني بسط قوات دقلو سيطرتها على المنطقة من نيالا وحتى الحدود الغربية للبلاد.
وفي أغسطس المنصرم، أعلن الجيش السوداني مقتل قائد فرقة المشاة بنيالا.
وتأتي هذه التطورات العسكرية، بينما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أمس الأحد أن الولايات المتحدة والسعودية والهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق إفريقيا “إيغاد” والاتحاد الأفريقي، أعادت إطلاق المحادثات لوقف إطلاق النار في السودان.
فقد صرح المتحدث باسم الوزارة ماثيو ميلر: “ما من حل عسكري مناسب لهذا الصراع. ندعو القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع للتعامل مع المحادثات بشكل بناء مع حتمية إنقاذ الأرواح وتقليص القتال وإنشاء مسار للخروج من الصراع عبر التفاوض”.
واستؤنفت المحادثات بين الطرفين الخميس في مدينة جدة السعودية.