سرقوا منا الزمان العربي
سرقوا فاطمة الزهراء من بيت النبي
يا صلاح الدين باعوا النسخة الأولى من القرآن
باعوا الحزن في عين على
يا صلاح الدين باعوك وباعونا جميعا
في المزيد العلني
نزار قباني
الكلمتان عاليه تنتسب الى تراث وأدبيات الأنثى عندنا ولذلك لا يعتد بها الكثيرون ليس بالطبع تقليلا من شأن المرأة بقدر خطأ الركون الى صحتها ودقتها سيما وأنه لا توجد مرجعية تؤكد التفاصيل التي تتحدث عنهما حيث ان العاطفة تتحكم في المرأة أكثر من الرجل ربما لاختلاف التكوين الفيسيولوجي بينهما .. الآن وفي الصمت المريب الذي يسربل المشهد السياسي وغياب أي صوت للحكومة التي تفترض أن تتحدث باسمنا والتي نزحت من الخرطوم الى بورتسودان دخلنا حوش النساء مرغمين نزاحم بالأكتاف أضعف خلق الله .. الكلمتان ( الشمارات والقوالات) وحتى عهد قريب كانتا تستخدمان لتقليل رجل من شأن رجل آخر يناقشه في قضية فيحسمه بالقاضية ( أتكلم كلام رجال خليك من قوالات النسوان) .. الآن أصبحتا مرجعية بعد أن انتهى الزمان بالسودانيين ذكورا ونساء الى الاستعانة واللجوء لهما لتفسير ما يجري على الساحة بل ان الرجال فاقوا النساء في هذا المضمار نتيجة رفض الحكومة أو عجزها عن وضع النقط على حروف الغموض الذي يحيط بنا في الحرب اللعينة التي دخلت الآن شهرها السابع .
(2)
حتى الآن فان الرأي العام السوداني تفرق أيدي سبأ حول الكيفية التي لجأ اليها البرهان للخروج من المخدع ( bed room) الذي كان يأويه قرابة الأربعة أشهر رغم الحراسة والحصار المضروب حوله من قوات الدعم السريع فمن قائل أن الرجل تمكن من تحرير نفسه بخطة محكمة (ضربة معلم) شاركت فيه الاستخبارات العسكرية بطائرة مروحية (كاتمة صوت) أربكت حسابات العدو ومن قائل ان العملية كلها تمت بطبخة واتفاق مسبق من المسهلين facilitators للسماح لرئيس مجلس السيادة للمشاركة في جولات الحوار في جدة . والسبب كما يعلم الجميع أيضا لجوء الناطق الرسمي لاستراتيجية الشفاه المطبقة closed mouth strategy الأمر الذي يسقط المواطن فريسة بين أنياب الاشاعة وهي صناعة أخبار زائفة تعتبر بكل المقاييس أسلحة خطيرة نفتك بالأمة وتفرق أهلها حيث يسيء ظن بعضهم ببعض ويفضي الى عدم الثقة وأكثر الأمم تصديقا للإشاعات هي الأمم الجاهلة الفاشلة مثلنا التي تتحكم فيها النظم الدكتاتورية .
(3)
الآن فان السودان خارج تغطية (رادار) وسائل الاعلام العالمية من صحافة وقنوات فضائية فقد تراجعت أخبارنا الى المؤخرة .. بلادنا الآن أشبه بالبعير الأجرب الذي لا يقترب منه أحد بل أن حتى أخبار غزة نفسها التي لا تصل مساحتها مساحة العاصمة المثلثة احتلت الصدارة فيما اكتفى العالم بالفرجة من بعيد لبلد كامل عضو في الأمم المتحدة والمنظمات العالية الأخرى الدولية والإقليمية وهو ينزلق الى شفير هاوية التمزق ..فهناك اجماع دولي بأن الذي يحدث في السودان ما هو الا صراع على كرسي السلطة بين جنرالين شبعا حتى التخمة من الادانات ولكن (البرهان) أول من تعرض وجهه لإشهار بطاقة حمراء منذ انقلابه على حكومة حمدوك بل ان عضوية السودان حتى في المنظمات الإقليمية (الاتحاد الأفريقي والايجاد) مجمدة.
(4)
ان الذي يرفع حواجب الدهشة أيضا ان الحاميات ومقرات الجيش والحاميات والمدن في دارفور وكردفان تتساقط في يد عصابات الدعم السريع التي تتسع رقعة سيطرتها دون أن نسمع كلمة تنويرية من المتحدث الرسمي باسم الجيش كما تتم هذه المخالفات والاختراقات أيضا أمام صمت تام من رعاة التفاوض في جدة رغم الاحاديث التي راجت مؤخرا بوجود آليات رقابة متقدمة ترصد عبر الأقمار الصناعية ما يدور من مخالفات وقف اطلاق النار مما سيشجع ويدفع قطع شك ميلشيات الدعم السريع لرفع سقوفاتها على طاولة التفاوض كما تجلى ذلك واضحا في اللغة الاستفزازية الاستعلائية التي تحدث بها (حميدتي) أمام جنوده واضعا حدا لشائعات وفاته .
(5)
اذا كانت هناك ثمة إيجابيات من حديث (حميدتي) رغم ان البعض لازال يعتبر ظهوره خدعة تم غزل خيوطها بالذكاء الاصطناعي فهو لم يهدد بإعلان حكومة عاصمتها (الخرطوم) اذا أعلن البرهان حكومة من (بورتسودان) كما ان قائد الميلشيات المتمردة حرص على الضرب بيد من حديد المتفلتين الذين ارتكبوا جرائم يندى لها الجبين ..ظهر ذلك أيضا في حديث ضباطه للأسرى حيث تعالت كلمات وعبارات (نحن كلنا مسلمين وكلنا أخوة وستجدون منا كل الاحترام والتقدير) .
(6)
هذه التطمينات واللغة الناعمة رغم ايجابياتها تأتي بعد خراب سوبا ومالطا فحرائقها لازالت مشتعلة في نفوس الضحايا الذين انتهكت أعراضهم و فقدوا كل ممتلكاتهم قبل أن يتفرقوا في الشتات شذر مذر فهي نيران لن تطفئها مياه المحيطات ..ولكن الأكثر وجعا هو الصمت المريب الغريب من الحكومة تجاه ما يجري أمام الشعب السوداني الصابر المحتسب الذي دخل الآن في حرب نفسية والشكوك تنهش في نفسه ان كان له وجيع يمكن أن يسترد له الأرواح التي ازهقت والكرامة التي اهدرت وشقاء العمر الذي يباع في مزادات أسواق النيجر وتشاد ومالي .
oabuzinap@gmail.com