لم يصل الدعم السريع إلى مدينة إلّا ودبَّ الخوف في روعها، جاب الرعب في ارجائها، هرب ساكنوها، خارت قوائمها، بارت حكمتها، فرّت شرطتها، وحار الحليم في محنتها من هول ما رأى من تقتيل للأفراد، سرقة للمقتنيات وانتهاك للحرمات. ما الذي يفسر مثل هذه التصرفات البربرية، بل ما هو المبرر للانتقام من مواطنين هم أغلبهم ضحايا الظلم والتهميش؟ التصرفات البربرية لها صلة بالطبيعة البدوية التي تقدس صفتي الفزع والمغنم (وقد شاهدنا ذلك في فترة المهدية)، أمّا المبرر فقد يجده علماء النفس في حالة الضحية التي تصبح الجاني في مثل هذه المنعطفات السياسية والاجتماعية الحرجة. هذه أسئلة مشروعة تكررها العامة وستظل مشرعة إلى حين لحظة التحقيق الذي يجب أن تتولاه الدولة بحياد. أمّا السؤال اللحوح السفوح الذي يكرره الناس هذه الأيام هو قولهم: لماذا تستنكف قيادة قبيلة الرزيقات ويستنكف مثقفوها من مجرد الشجب لهذه الأعمال الإجرامية وتتردد في انتقاد مثل هذه الطموحات المافيوية؟
القبيلة كمؤسسة أهلية اجتماعية ليس لها دور في تدريب وتأهيل أفراد الدعم السريع إذا افترضنا بأن مجرد التكوين كان خطيئة يحب التكفير عنها وليس التبعات التي نجمت عن التمرد أو الانقلاب الذي حدث في ١٥ أبريل. هذه الأفعال الإجرامية التي ارتكبت في حق المواطنين في وسط البلاد وغربها هي مسئولية الجنود والضباط الذين تم استيلادهم من “رحم القوات المسلحة” وما استحدثته الجبهة الإسلامية من تنظيمات كان الغرض منها حسم “التفلتات” في الهامش السوداني بتكلفة قليلة دون أن تطال الجيش الرسمي محاسبة جنائية، هي مسئولية النخب السياسية التي قننت وضع الدعم السريع في الوثيقة الدستورية، هي مسئولية النخب الصحفية التي تم استمالتها بالمال الذي قننت سرقته وزارة المالية في عهد الفترة الانتقالية (وما صفقة الفاخر منّا ببعيدة)، هي مسئولية البرهان الذي هيأ للدعم السريع الاستحواذ على مواقع استراتيجية في العاصمة، هي مسئولية رؤساء الدول المجاورة الذين اصطفوا أمام مكتب “القائد” لتلقي الرشاوى، هي مسئولية القيادات الخليجية التي آثرت الاستعانة بمرتزقة على التضحية بمواطنيها في حروب عبثية، هي مسئولية السوق الأوروبية التي عقدت صفقة لوقف النزوح عبر المتوسط كانت هي المحفز الفعلي للترويج لجريمة الاتجار بالبشر.
يود بعض الكتاب الموتورين والسياسيين المغرضين تناسي كل هذه الحقائق والملابسات والقفز فوق الوقائع لتحميل الرزيقات وعيال عطية وحيماد عامة تبعات هذه الجريمة النكراء التي تعددت التصدي لهجمات “الفلول” إلى التعدي لحرمات المواطنين، متعللين في تجنبهم على هذه القبيلة الباسلة ببعض التصريحات التي أطلقها ناظر الرزيقات محمود موسى مادبو ذات مرة على الهواء من مثل “حميتي خط أحمر” أو “بإمكاننا طي الخرطوم في ثلاث ساعات”، وفي سياقات حماسية لم تكن لها أي رافعة سياسية أو ركيزة مؤسسية، في حين أنها مجرد انفعالات وقتية كانت لها مبرراتها الموضوعية بالنظر إلى الحملة العنصرية التي كان يتعرض لها قائد الدعم السريع وإلى التجريف الذي كانت تتعرض له قوى الريف من (قحت) قبل أن تسمع قرع الطارق على باب غرفتها ذات الأبخرة الهوجاء والأنوار الحمراء. بل ذهب مروجو الفتن من أهل الوسط النيلي خاصة إلى اعتبار قبيلة الرزيقات قبيلة مارقة ذات طبيعة غريزية متوحشة جعلتها في صراع محتدم مع كل قبائل دارفور. لو كانت جريرة فئة معينة تعمم على شعب بأكمله ما برئت القبائل النيلية، والشوايقة خاصة، من كل العلل والأسقام التي أبتلي بها الوطن منذ تحالفهم مع اسماعيل باشا انتهاءً بتواطئهم مع كتشنر واستبسالهم في قمع كل حركات التحرر الوطني، الأمر الذي أورثهم حكم السودان وأوهمهم بأنّهم خلقوا ليحكموا وهيئوا ليسودوا.
لقد ولج الحقد واستقر في بؤبؤ قلوبهم حتى وصفوا الضعين بأنها “عاصمة الجنجويد” (بل اتخذ بعضهم مصطلح “الجنجويد” كصفة مرادفة للرزيقات)، علماً بأن شباب الضعين لم ينضم إلا مؤخراً للدعم السريع وذلك بعد أن ضاقت بهم السبل في بلدٍ يذخر باطنه وظاهره بالموارد، وظلوا يحرضون على قصفها بالطائرات بل همّوا بمحاصرة الأحياء التي يقطنها “الغرابة” في العاصمة، لكنهم انتبهوا لخطورة هذا النوع من الحماقة غير محمودة العواقب إذ تذكروا أن جُل الجند الذين يقاتلون في صفوف الجيش هم من الغرب وأن أي استفزاز من شأنه أن يستثير الغرب بأكمله وليس فقط الحزام الرعوي. وربما يكونوا قد تورعوا مؤقتاً عن فعله، لكنهم لن يحيدوا عن خطهم المعهود في هذا النوع من التفكير الكيدي والتأمري الخبيث. لو كانت هناك مدينة تستحق بجدارة أن يطلق عليها لقب “عاصمة الجنجويد” لاستحقت أن تكون “قندتو” التي تقع في ولاية نهر النيل، هذه المدينة التي خرجت عتاة المجرمين الذين أسسوا عصابات الجنجويد حتى اشتط أحدهم فأدعى الربوبية، الأمر الذي لم يسبقه إليه أحدٌ من المتكبرين الآخِرِين. المعروف في القانون أن جريرة المدبر والعقل المفكر أخطر من جريرة المنفعل أو ذاك المُؤتَمِر.
إن الجيش الذي ارتكب كل الإبادات في الهامش هو جيش جلابي بامتياز. لا أعتقد أن هذه العبارة تحتاج لتأهيل، مجرد التذكير. بإمكاني الاستفاضة في ذكر المؤمرات التي ارتكبتها عصابات المركز وأخص منها بالذكر “عصابة السبعة” (ستة شوايقة وسابعهم جعلي) التي كونها علي عثمان محمد طه (بيلو) والتي خططت لإبادة الزرقة في دارفور مستخدمة الأبّالة كساعد عضلي، لكنني أؤثر في هذه السانحة الاستفادة من العبر والدروس التاريخية وليس التنقيب عن الدسائس واجترار المحن التي لن تفيد إلا بالدرجة التي يدرك فيها جميع السودانيين أن مستقبل البلاد لا يمكن بل لا يجب أن يرتهن لصالح عصابة جهوية (جلابة أو غرابة)، قبلية (رزيقات، زغاوة أو شايقية) أو أيديولوجية (شيوعيين أو أخوان مسلمين)، وأن من واجبنا كمثقفين عضويين أن نسعى للتنادي لإحداث تسوية وطنية شاملة فالمعركة بين أبناء الوطن الواحد معركة صفرية مهما استبدت بها الأشواق الأيديولوجية أو تلك الشوفينية المانوية. لا يمكن لمعركة عسكرية أن تحسم في غياب رؤية أخلاقية أو توفر وجهة سياسية. ليس للبرهان وزمرته أي رصيد سياسي أو أخلاقي يهيأه لقيادة هذه المعركة بعد أن تسبب شخصياً في المأساة التي حلت بالوطن وذلك من جراء التدابير التي اتخذها والتي أعجزت وحداته العسكرية عن حماية المواطنين من غول قد تربى في كنفهم، وما زال العسكر متحصنين في حامياتهم تاركين المواطن عرضة للمهانة. فيا له من عار!
أمّا محاولة قيادة الدعم السريع التدثر بدثار الديمقراطية أو محاربة المجموعات الظلامية فكان يمكن أن يتقبل لولا تعدي جندها على حرمات الموطنين، طردهم، إهانتهم، استباحة مساكنهم، تدنيس مقدساتهم، وسرقة ذكرياتهم. نعلم أن جند الدعم السريع قد اكتفوا فقط بما قل وزنه وغلى ثمنه من ذهب ومال، لكنّ فعلتهم تلك قد افسحت المجال لعصابات النهب للقيام بما تبقى من مهمة. إن هذه السلوكيات كانت متوقعة من مجموعات تم استقطابها دون النظر إلى خلفياتها الاجتماعية وسلوكياتها الإجرامية. (يا عيب الشوم!!). لمن لا يعرفون تاريخ أسلافهم، فإنّ الجنيد (جد العطاوة والحيماد) كان إماماً للحرم المكي ومعلماً وفقيهاً حتى وافته المنية، لم يك قاتلاً أو سارقاً لمال الغير – خاصة ذهب المحلات، الأمر الذي وثقته كاميرات المحلات الخفية – أو مغتصباً لنساء الرجال (يقول النبي صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام، ماله ودمه وعرضه). لن نقبل أن تُرتكب الجرائم باسمنا بعد اليوم (NOT IN OUR NAME, NOT ANYMORE)، فليرضى من يرضى وليسخط من يسخط، إذ كنّا دائماً جنوداً للوطن ولم نكن يوماً مرتزقة لأحد ولم نقبل يوماً على المعروف أجرا.
إن الرزيقات الذين يصفهم قالة السوء بأنهم خميرة عكننة كانوا يوماً رأس الحكمة ومرفأ الكرم وبطانة الخير وخيل القايدة ومؤق العين وصوائر البر حتى ابتلوا بشراذم الاتحاد الاشتراكي الذين حلوا الإدارة الأهلية، ومقاطيع الانقاذ الذين دجّنوا ما بقي منها. كيف لا وهم من خاض معركة قدير بعشرة الف بعير، استشهد منهم ثلاثة الف مقاتل في سفح الجبل بكرري، كانوا محط الأنظار من قادة التيجانية والأنصار، أذهلوا الملك فيصل بمروءتهم وكريم فعالهم، استقبلوا جمال عبدالناصر بمئة الف فارس على ظهور الخيل التي تراصت اربعات بألوانها في جمع تاريخي برهد سبدو الذي لم تتخلف عن حضوره قبيلة من قبائل دارفور حتى قال قائلهم: عبدالناصر حضر جمعنا وعبود وِرِد عِدنا؟ هذا نزر يسير من كثير ذكرته كتب التاريخ ومنها ما اغفل إهمالاً أو عمداً. ما يهمنا الآن هو معرفة ما حدث. ما الذي أحدثته النخب المركزية حتى أحالت الأمر إلى يباب، فالأمر لا يقتصر على النخب الأيديولوجية بل يشمل أيضاً تلك الطائفية مع تفاوت في درجات المكر؟ كيف انقلبت الأمور رأساً على عقب؟
هناك شأن عام يفهمه أهل السودان جميعهم، كلٌ من واقع محليته وما حدث فيها في السبعة عقود الماضية (الثلاث عقود الأخيرة منها خاصة)، لكني سأبين الواقع عن كيف استطاع الإسلاميون ضرب التماسك الوجداني لأهل دارفور، وذلك من خلال الاستعانة بمجموعات رعوية (زرقة وعرب، إلى آخره) لم يكونوا حيناً من الدهر جزءاً من المكون الثقافي والاجتماعي لدارفور، بمعنى أنهم أقليات جاءت بهم ظروف الحروب أو المجاعات الإقليمية من الخارج أو ظروف الحروب الداخلية التي نشبت بسبب التنافس على المرعى، تزايدت هذه الأعداد مع اشتداد وطأة التصحر فوجدت الإنقاذ فيها ضآلتهم ووجدوا فيها ضآلتهم. بيد أن هؤلاء جميعهم جزء من الحزام السوداني الكبير الذي يتسع ويضيق حسب الظروف السياسية والبيئة. أنا لا أوافق مطلقاً على نظرية “عرب الشتات” لأنها تسعى للتنصل من المسئولية الوطنية وتحاول التبرؤ من الجريمة التي ارتكبتها النخب المركزية مستغلة النخب الوسيطة في تأجيج الصراع الدارفوري-دارفوري والذي استحال من بعد إلى صراع بين المركز والهامش ومؤخراً برز الأخدود المعنوي بين الحزام الرعوي والوسط النيلي.
لقد اقتنع الكل بأن الريف لن يهنأ ويعيش في سلام إلا إذا قُطعت رأس الحية في الخرطوم. لقد استغل حميتي بدهائه هذه التناقضات واستطاع أن يستثير حفيظة أبناء الغرب للقتال. يقول الصحفي محمد الربيع في مقال له بعنوان (أشاوس والفلول، ما بين الجغم الحقيقي وإنتصارات الأكاذيب) لا يخرج عن دائرة التحشيد والتحشيد المضاد التي أشرنا إليها في مقالات سابقة: “الجدير بالذكر أن أشاوس قوات الدعم السريع وهم من فئة الشباب والصبية صغار السن قادوا أمام الجيش العتيد صاحب المائة عام معارك أسطورية وقدموا ملاحم في البسالة والبطولة والفداء وقاتلوا قتال من لا يهاب الموت وصوروا كل ملاحمهم “لايف” من خلال شاشات هواتفهم الذكية “وجغموا ” جيش الفلول كما تجغم الأسود الضارية ضحاياها من الأرانب والغزلان وإستلموا منهم كل القواعد العسكرية بدءأً من القصر الجمهوري “رمز السيادة” الوطنية والإذاعة والتلفزيون والمطار وجياد واليرموك ومنظومة الصناعات الدفاعية والإحتياطي المركزي والمدرعات الشجرة والعيلفون ومعارك كردفان الكبري.” الأمر الذي لم ينتبه له الصحفي محمد الربيع أن المعترك العسكري الذي لا تقوده استراتيجية واضحة المعالم سينتهي إلى خسارة سياسية وقد تنتهي الخسارة العسكرية بنجاح سياسي إذا كان هناك بعد رؤيوي. إلى أي مدى سينجح حميتي في تلبية رغبة هؤلاء ” الأشاوس” في إقامة دولة العدل والمساواة؟ هل يطمح أن يكون “جيفارا السودان” بعد كل هذا الخراب؟ أي قيمة سياسية إضافية يرجوها من التوسع شرقاً، شمالاً أو غرباً؟
لم أنزعج مطلقاً عندما هاتفني أحدهم وأبلغني بأن ثمة معركة من شأنها أن تنشب بين الدعم السريع والفرقة ٢٠ في الضعين، بعد أن تمركز الدعم السريع في “أم ورقات” واستعد الجيش، معظمه من أبناء الرزيقات، في الثكنات، وذلك لأمرين: الأول أن قادة الدعم السريع يعلمون أن كسر شوكتهم في مثل هكذا معترك ستكون بالنسبة لهم بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، خاصة بعد أن أثبت الناظر عزمه في خطبة الجمعة بالمسجد الكبير بالضعين (بتاريخ ١٧ نوفمبر ٢٠٢٣) للدفاع عن المدينة مهما استدعى الأمر وانتدب الكل للدفاع عن الموروث والمحسوس، إذ أن المواجهة من شأنها أن تحدث فرقة بين العرب، لا سيما أن ٩٠ ٪ من سكان الضعين هم من الزرقة وأن مفهوم القبيلة هنا ثقافي إجتماعي وليس عرقي بمعنى أن كل من يعيش في دار الرزيقات هو رزيقي وجب حمايته. (أم ورقات هي عاصمة الثبات التي هزم فيها الرزيقات بقيادة مادبو ود علي جيش سلاطين باشا، أسروه وقتلوا من جنده ٦ الف مقاتل في أقل من عشرين دقيقة وذلك في عام ١٨٨٢ قبل أن يتبلور الوعي الوطني على الصعيد القومي، بمعنى آخر قبل ثورة المهدية في ١٨٨٤).
الأمر الثاني هو أن الضعين مؤمَّنة بأهل الله. جاء رجل من أهل البادية بعد أن سمع بوفاة الناظر إبراهيم موسى مادبو في شتاء ١٩٦٠ فوجده مسجياً وسمع لغطاً بين الأهل واختلاف حول الوجهة التي يجب أن يدفن فيها الناظر، قال لهم بفراسة الأعراب المعهودة: البلد البندفن فيها (أبو فانو) ما بتقطعها الخيل (يعني ما بتقوم فيها حربة)! هنا عزم الكل على نقل الجثمان ودفنه في دار الرزيقات. صدق أو لا تصدق، خربت كل دارفور ولم تخرب الضعين ببركة أوليائها وحكمة أهلها، ثباتهم، ووقفتهم الصلبة في النائبات. فهل تمتد حكمة النظارة متمثلة في آل مادبو وآل السلطان تاج الدين وآل دبكة وبابو نمر وإخوتهم عيال أبو سن والعجب أبو جن ومحمد سرور رملي وكل النظارات والإدارات لتنقذ أهل السودان من براثن الانحطاط؟
ختاماً، فشل الجيش المعوّل إليه في إنقاذ البلاد من التشرذم لأسباب كثيرة منها الأتي: غياب الرؤية السياسية، عدم توفر الإرادة الوطنية، الفساد المالي والإداري، غياب الكفاءة المهنية، عدم توفر الدعم اللوجستي والإعلامي والمالي، انعدام الروح المعنوية وانحسار الدافعية القتالية
تعدد مراكز اتخاذ القرار، ضعف التنسيق بين الوحدات العسكرية، انشطار الهرم القيادي رأسياً وأفقياً ، …… ، إلى آخره. هذا من وجهة نظر الحَكامة إذ لا تهمني الحماسة في هذه اللحظة التاريخية الحرجة. إنّه لمن المؤسف أن تكون لبعض الشخصيات التافهة التي لا تعرف تاريخ السودان وجغرافيته منصات إعلامية تنطلق منها للتأثير في الرأي الجمعي الذي أصبح في حالة توهان لا تؤهله للتمييز بين الخبيث والطيب أو الغث والسمين، هذه شخصيات هلامية بعضها تابع لجهات أمنية وآخر اصطنعته ظروف الفراغ الثقافي والخواء الفكري، فبات يروج لأفكار سامّة من شأنها أن تقضي على رأس المال المعرفي والاجتماعي والروحي والديني بأعتبارها مكونات المجتمع السياسي المدني الذي يحتاجه السودانيون للحفاظ على لُحمة وسُدة الوطن. تنتهي الحرب بانتهاء الأكذوبة التي توهم البعض أنّهم ذو أحقية في بناء الوطن أو حيازة الثروة والسلطة دون الآخرين. وتزدهر الأوطان عندما توقن بأن ثرائها في تباينها وأن قوتها في الاحتكام إلى الشرائع والدساتير والقوانين.
١٩ نوفمبر ٢٠٢٣
auwaab@gmail.com