يسرني جدا ان اختتم اسبوع فقيدنا العزيز جدا الموسيقار الفنان محمد الامين بإعادة نشر لمقال توثيقي طويل وكنت قد نشرته بعدة صحف كنت اتعاون معها وهي صحيفة الخرطوم بالقاهرة والشرق القطرية والصحافة بالخرطوم وذلك عندما كنت اعمل بدولة قطر منذ العام ١٩٩٨ الي ٢٠٠٣م ، حيث تم جمع كل تلك الكتابات عن الفن الغنائي السوداني في سلسلة اربع كتب من الحجم المتوسط ولكن صدر منها الجزء الاول فقط من ١٧٦م صفحة وقد اشرف علي طباعته في العام ٢٠٠٠م الراحل الكبير والصديق الحبيب الاستاذ السر قدور والذي كان يتعامل مع مطابع محددة بشارع شريف بالقاهرة والذي لايبتعد عن مكتبه انذاك .. قبل ان يعود قدور الي السودان بعد هجرة امتدت منذ العام ١٩٧٣م وحتي عودته في العام ٢٠٠١م .
وقد اقمنا احتفالية بالقاهرة بمقر جريدة الخرطوم عند استلامنا للكتاب بعد شحنه الي الدوحة في حفل شاي وتورتة ومرطبات .. ووزعنا نسخ منه الي الزملاء الصحفيين هناك .
ثم تم توزيع الكتاب بدول الخليج بعد ان اقمنا احتفالية له بصالة مركز اصدقاء البيئة بالدوحة وقد كان الاخ الفنان والملحن عادل التجاني يشرف علي ذلك المركز .. وقد جاء اقتراح الاحتفال بصدور الكتاب من صديقي الراحل بروفيسور احمد عبدالله بابكر ودالمتعارض وقد كان رئيس قسم الجغرافيا بكلية الاداب بجامعة قطر.
فكانت ليلة من ذات الليالي وقتذاك .
وبعد رحيل مبدعنا الكبير الموسيقار محمد الامين فانني تذكرت ذلك المقال الطويل فقمت بنسخه من موقع ودمدني علي الانترت .. ذلك الموقع الجميل الذي كنت انشر فيه مقالاتي عن مبدعي ودمدني قبل اكثر من عشرين عام .
في باب شخصيات هامة بعنوان( مبدعون)
wadmadani.com
وذلك لم يرغب في زيارة هذا الموقع .
وإلي نص المقال :
كيف إعتلي الفنان محمد الأمين القمة الفنية ؟؟
بقلم: الكاتب والناقد الفني
صلاح الباشا
الدوحه :—
كانت البداية في ودمدني تلك المدينة التي ظلت دوماً تعطي و لكنها لا تقبض ولم تستلم مطلقاً ، ربما لأن الله تعالي قد وهبها خاصية العطاء، وياله من عطاء ، حيث كان ولا يزال عطاءً يسع كل شيء ، السياسة والفكر،الطب والهندسة، الرياضة والفنون بمختلف ضروبها، وأهل الطرق الصوفية وإنشادهم اللامتناهي .. فكان الكاشف وعلي المساح ، ثم عمر أحمد الذي رحل سريعاً في عمر الصبا بعد ان ترك لنا تلك الخالدة(كان بدري عليك تودعني وأنا مشتاق ليك) . وصاحب حنتوب الجميلة الراحل الفنان الخير عثمان ،والبقية كثرٌ، ولم تتوقف ودمدني فكان أبو الأمين هدية ودمدني لكل أهل الإبداع في السودان وكان فضل الله محمد الذي رافق بجديد مفردات أشعاره ميلاد هذا الفنان الذي دخل الساحة وقد كان عملاقاً متسلحاً بما تحتاجه المنافسة من أعمال كانت مبهرة .لذلك إعتلي القمة ولم يتزحزح عنها قيد أنملة حتي الآن .
الفنان محمد الأمين حمد النيل الطاهر الإزيرق، أو كما يحلو لأهل ودمدني أن يطلقوا عليه كلمة(وداللمين) ومعجبيه أيضاً يقولون(أبو اللمين) ، وحسن الباشا وحسن محمد احمد يلقبون بكلمة( الباشكاتب). نشأ محمد الامين منذ صغره متعلقاً بالفن والموسيقي في تحركات طفولته مابين أهله ودار أبيه وأعمامه في ودمدني تارة وفي (ود النعيم) ضاحية ودمدني حيث توجد الجذور الأولي مرات أُخر . كان أعمامه من قادة العمل الوطني في رئاسة إتحاد مزارعي الجزيرة لعدة دورات قبل عقود طويلة من الزمان.
قال لنا صديق عمره الراحل المرحوم (حسن الباشا) مؤسس إتحاد فناني الجزيرة والذي إنتقل إلي رحمة مولاه في مايو 1997م ، أن محمد الأمين ومنذ في فترة صباه كان يهوي العزف علي آلة (المزمار) قبل إنتقاله إلي آلة العود ، وقد قال ابو اللمين انه تعلم عزف العود علي يد الاستاذ السر محمد فضل ان لم تخني الذاكرة. حيث أصبح فيما بعد من أهم عباقرة العزف عليه بتفوق شديد وبعدها تعلم النوتة الموسيقية في فرقة مايسمي بوليس النيل الازرق بودمدني حين كانت تفتح فصلا لتعلم النوتة .
اما البداية
فقد كان لمحمد الأمين خال يعمل رئيس حسابات بالإدارة المركزية للمياه بودمدني وهو الأستاذ(بله يوسف الإزيرق) ، وكان محمد يزور خاله هذا من وقت لآخر في العمل و قد بدأ الغناء وقتذاك وبدأ نجمه يلمع في المدينة حيث إشتهر بأغنية الحقيبة التي وضع كلماتها الشاعر الراحل صالح عبدالسيد(أبو صلاح) وهي أغنية (بدور القلعه وجوهرا) والتي ظلت مرتبطة بمحمد الأمين عندما وضع لها موسيقي راقية . وذات مرة وجد عند خاله هذا بالمكتب الشاعر المراجع(محمد علي جباره) الذي كان يأتي من الخرطوم لمراجعة حسابات هيئة المياه بودمدني وقد علم بموهبة محمد الأمين ، فما كان منه إلاّ ان شجعه للتقديم للاذاعة بام درمان لاجازة صوته وان يبدا ممارسة التلحين بنفسه وقد أهدي له قصيدة ( انا وحبيبي) ومقدمتها يا حاسدين غرامنا .. فألف لحنا بايقاع سريع .. واردفها بقصيدة ( وحياة ابتسامتك ياحبيبي وحياة عينيك) فكانت بمثابة جواز مرور عند سفره للخرطوم لإجازة صوته للتسجيل للإذاعة بأم درمان ، وكان لحنها يأخذ طابع الرومانسية والهدوء الذي يصحبه ايقاع ( تقيل) وبالتالي تعتبر اغنية استماع وليست ذات ايقاع راقص مثل اغنيته الاولي .
وتقول بعض كلماتها:
قبل ما أشوفك كنت فاكر الريد مستحيل
كنت تايه في طريق خالي وطويل
ليلي دون الناس كلو آهات كلو
من يوم ماشفتك قلبي للدنيا إبتسم
اشرقت دنياي
فارق ليلي هم
رحت أرعاك في منامي
وبيك أحلم.
فكانت مفردات تلك الأغنية فعلاً جديدة ، وفيها إنتقاليه من النمط الشعري الذي كان يسود الساحة الغنائية وقتذاك، لذلك كانت تلك البداية موفقة جداً للفنان محمد الأمين ، وجاءت الظروف لكي يتغني بها في فرح شاعرها محمد علي جبارة بالخرطوم.
وداللمين و بمقدرته اللحنية إستطاع أن يخلق لها ذلك اللحن الذي أثني عليه الجمهور والنقاد والمطربون أيضاً ثناءً جميلاً ، لأن اللحن كان في غاية الهدوء مما أتاح لمعاني الكلمات أن تبرز بوضوح للمستمع ويتضح جمالها .. كما لاننسي هنا (الصولة) بالعود التي صاحبت ذلك اللحن حيث أنها قد أعطت الإشارة للناس أن هذا الفنان يمتلك خاصية العزف المميز لتلك الآلة مما قاده إلي إستعمال عزف منفرد في عدة (صولات) لمجموعة من أعماله الغنائية التي ظهرت فيما بعد.
كان إنتقال محمد الأمين للخرطوم في عام ١٩٦٢ م حيث كان المرحوم اللواء محمد طلعت فريد وقتها وزيراً للإستعلامات والعمل( الإعلام حالياً) وقد أشرف الوزير علي قيام مهرجان مسابقات فنون المديريات التسعه المعروفة آنذاك ، بالمسرح القومي بأم درمان لكي تتنافس فيه فرق المديريات ( الولايات بلغة اليوم) في إبراز أعمالها علي المسرح ،وقد شاركت كل مديرية بأحسن مبدعيها في مجال الفنون والرقصات الشعبية ، حيث ظهرت رقصات الكمبلا ورقصات الجنوبيين وظهر العديد من المطربين كالفنان الطيب عبدالله من المديرية الشماليه مثلاً، وام بلينه السنوسي من كردفان .. فكان محمد الأمين من ضمن فرقة مديرية النيل الأزرق بودمدني المشاركة في المهرجان ، حيث كانت تلك المديرية محافظة كبيرة تضم الولايات الاربعه الحالية وهي (الجزيرة والنيل الابيض والنيل الأزرق وسنار ). وفيما بعد عُرفت بالأقليم الأوسط. وبعد إنتهاء ذلك المهرجان إستقر محمد الأمين بالعاصمة وكان يسكن بأم درمان بيت المال ومعه خليل اسماعيل وصالح الضي. والفنان أبو عركي البخيت كانةان إشتهر بأغنية عمر أحمد في البداية(كان بدري عليك) المذكورة سابقاً، ولم يكن الطريق إلي الشهرة ممهداً أمام ود الأمين ، فصبر صبراً شديداً وإجتهد إجتهاداً كبيراً في تقديم أعمال تقنع الجمهور وترسِّخ أقدامه في ميدان الفن حيث كانت الساحة تعج بالعمالقة وقتها وكانت المنافسة ساخنة والأجهزة محدودة والمردود المادي لا يكفي حتي للقمة العيش .
وعنذاك ظهرت أعماله الأولي (أنا وحبيبي) والمشهورة بإسم يا حاسدين غرامنا المذكورة آنفا ، وما أجملك التي كتبها شاعر ودمدني ( بدوي بانقا) ، والأغنية الاخري المختفية(مسيحيه) وبالطبع وحياة إبتسامتك وبدور القلعه.
أما شاعرنا الأستاذ فضل الله محمد فقد ظل إسمه مرتبطاً منذ وقت مبكر بتأليف الأعمال الغنائية للفنان أبو الأمين وهو لايزال طالباً ، حيث كانت فترة إنتقال محمد الأمين إلي العاصمة متقاربة مع فترة إنتقال الأستاذ فضل الله محمد من ودمدني الثانوية إلي كلية الحقوق بجامعة الخرطوم في عام 1963م ، وقد كان إنتاج فضل الله كثيفاً ومتتابعاً ، وقد شهدت حقبة الستينات كذلك إنتقال أعداد من عازفي الموسيقي من ودمدني إلي الخرطوم ، كعازف الكمان الراحل حسين عبداللهِ، ومن قبله بدر التهامي ، وبدر أنجلو، وإسماعيل يحيي (مندكورو) والحبر سليم ، وعازف الإيقاع عبدالله حبه وعلي أكرت.
كانت من أهم ملامح تلك الفترة الخصيبة هي أعمال تمجيد إنتفاضة أكتوبر الشعبية التي كان فضل الله محمد معايشاً لها كطالب نشط باتحاد الطلاب بالجامعة حيث كان للشعر الوطني مكانته في تلك السنوات من حقبة الستينيات ، وكانت الجامعة تذخر بالشباب من الشعراء ، كفضل الله وسبدرات وعلي عبد القيوم ومحمد المكي إبراهيم وكامل عبد الماجد ومحمد عبدالحي ، حيث تنوعت أعمالهم الشعرية الغنائية والوطنية أيضاً . ووقتها تباري الشعراء والفنانون في الأناشيد الأكتوبرية ، فظهر نشيد محمد الأمين الذي صاغ كلماته فضل الله محمد وهو بالجامعة طالباً والذي رافق أداؤه مجموعات من الكورال الجميل ، كانت مقدمته تقول:
أكتوبر واحد وعشرين
ياصحو الشعب الجبار
يالهب الثوره العملاقه
يا مشعل غضب الأحرار .
وهنا نجد أن الشاعر يصف تلك الصحوة التي إنتظمت الشعب وما رافق ذلك من أحداث إلي أن يصل بنا إلي حادثة إطلاق الشرطة للرصاص لفض ندوة الطلاب الشهيرة حول مشكلة الجنوب داخل ساحات داخليات (البركس) بجامعة الخرطوم ، والتي علي إثرها أستشهد طالب العلوم أحمد قرشي طه من قرية (القراصة) بالجزيرة ، كأول شهيد في تلك الأحداث في يوم امسية 21 أكتوبر 1964م .
وهنا يتألق الشاعر في وصف هذا الحدث في المقطع التالي:
من دم القرشي وأخوانه
في الجامعه أرضنا مرويه
من وهج الطلقه الناريه
أشعل نيران الحريه
بارك وحدتنا القوميه
وأعمل من أجل العمران .
وهذا العمل الغنائي قد أسهم في رفع إسم محمد الأمين عالياً كعمل مميز وسريع جداً يتناسب مع تلك الفترة التي كانت نشوة الإنتصار تطغي فيها علي مشاعر الجماهير ، وقد بدأ وقتذاك أيضاً نجم الشاعر فضل الله محمد يصعد إلي عنان السماء وسط الطلاب وفي الشارع السوداني العريض ، كما أننا في ودمدني وقد كنا وقتها في نهاية المرحلة المتوسطة هناك و عشنا أحداث الإنتفاضة في شوارع المدينة ، قد تملكنا الفخر والإبتهاج لأن محمد الأمين وفضل الله قد إمتلكا أحاسيسنا وإزدادت فرحتنا بهما كنتاج طبيعي (للإنحيازالجهوي) لمدينتـنا.
بعد ذلك العمل أصبح الفنان محمد الأمين رقماً في ساحة الغناء العاطفي والوطني لايمكن تجاوزه بسهولة ، وهنا جاءت تلك الأغنية الخالدة حتي اليوم والتي أسماها شاعرها فضل الله محمد(الحب والظروف) وقد إشتهرت شعبياً تحت إسم (قلنا ما ممكن تسافر) فكانت بداية كبيرة جداً في تلك السن المبكرة للشاعر،ووضع لها محمد الأمين ذلك اللحن الهاديء أيضاً الذي إبتدره بمقدمة موسيقية وبمعالجة وإستخدام واضح لآلة العود ، وقد ابرز فيها آلة الكمان أيضاً في (صوله) رائعة، وحتي إيقاع الأغنية كان أيضاً مميزاً، وقد كان الشاعر يخاطب فيهازخ (الجانب الآخر) بطريقة هادئة تشعرنا وكأنه يناقشه (بكل هدوء ورقة شاعرية) لإثنائه عن قراره في السفر حيث تقول المقدمة:
قلنا ما ممكن تسافر
نحن حالفين بالمشاعر
لسه ماصدقنا إنك بجلالك جيتنا زائر
السفر ملحوق ولازم إنت تجبر بالخواطر
لو تسافر دون رضانابنشقي نحن الدهر كلو
مابنضوق في الدنيا متعه
وكل زول غيرك نمِلـّو
ولقد تعمدنا هنا أن نلقي ضؤءاً كثيفاً علي أغنية ( الحب والظروف) هذه لأنها وبكل مقاييس الإبداع الفني والموسيقي تعتبر إضافة كبيرة وموفقة جداً في أعمال محمد الأمين الغنائية ، فساعدت علي تثبيت أقدامه أكثر في الساحة الفنية في فهي اغنية رومانسية بمعني الكلمة .. اي اغنية استماع وذات تطريب عالي .
ثم تأتي الذكري الثانية لإنتفاضة أكتوبر ، وكان يجب علي محمد الأمين أن يواصل إنجازاته في مجال الأغنية الوطنية بعد نجاح نشيده الأول الذي ذكرناه سابقاً، وكان علي الشاعر فضل الله محمد أن يقوم بتأليف إسهام جديد في تلك الفترة ، فأتي اشيد (الإنطلاقه)
ذلك النشيد الذي كانت حماسة كلماته تجبر محمد الأمين أن يواكب لحنياً قوة تلك الكلمات ، فأخرجها في طابع لحني كان قوياً يلهب المشاعر ، وبإيقاع موسيقي يأخذ شكل المارشات العسكرية ، فكانت الكلمات بالفصحي تقول:
المجد للآلاف
تهدر في الشوارع كالسيول
يدك زاحفهاقلاع الكبت
والظلم الطويل
المجد للشهداء
المجد للشرفاء
ثم تتواصل كلمات النشيد بنفس وتيرة الحماس ذاك ، إلي أن يأتي المقطع الذي يتحمل فيه الكورال الشبابي أداء الأبيات التاليه مع الفنان في قوة شديدة أعطت للعمل نكهة حماسية أكثر سخونة عندما يقول:-
الثورة إنطلقت شعاراتِِ ترددها القلوب
الثورة الحرية الحمراءُ شمسُُ لا تغيب
الثورة التحريرُ تـُرجـِعُ هيبة الحكم السليب
الثورة التحريرُ للثوارِ في كلِّ الشعوب
الثورةُ الإيمانُ
قاد الشعبُ في اليوم الرهيب.
ثم تلتها أيضاً أنشودة (شهر عشره حبابو عشره) في الذكري التاليه للإنتفاضه ، وبعدها إلتقي محمد الأمين في عام ١٩٦٨م بذلك العمل الإنتقائي الطويل الضخم الذي أخذ جهداً طويلاً في التلحين والإخراج ، وهو قصة ثورة أو (الملحمه) التي قام بتأليفها الشاعر الفخيم متعدد الابداع (هاشم صديق ) . وللامانة اقول ان صديقنا هاشم صديق قد اخبرني ذات مرة بانه كان قد ذهب مرتين الي نادي الفنانين بموقعه القديم بجوار المسرح القومي لتسليم القصيدة للفنان محمد وردي .. وتشاء الظروف ان يسكن محمد الامين بحي بانت بام درمان وهو نفس حي هاشم الصديق .. فقرأ القصيدة لمحمد الامين الذي فرح بها جدا وتحمس في تلحينها لتلحق بالاحتفال الذي سيقام بالمسرح القومي في الذكري الرابعة لانتفاضة اكتوبر .. واخذت وقتا وجهدا في تلحينها واصطحب معه موسيقار سلاح الموسيقي موسي محمد ابراهيم الذي اشرف علي توزيعها مستعينا بالات النفخ من سلاح الموسيقي كما انجز الموسيقار وعازف الكمان علي ميرغني بتوفير عدد من طلاب ام درمان الاهلية الثانوية وطالبات مدرسة المليك للبنات بالملازمين للمشاركة ككورال للنشيد حيث كانت تقام البروفات في خشبة المسرح القومي يوميا حتي اكتمل العمل تماما .
انها الملحمة تظل محطة هامة جداً من محطات إنجازات الفنان محمد الأمين.
أما إذا عدنا إلي الغناء العاطفي مرة أخري ، فقد أصبح الفنان محمد الأمين يجد الإقبال من عدة شعراء في الساحة الفنية مع نهاية الستينيات حيث رسخت أقدامه بالعاصمة تماماً ، يغني في إحتفالات الجامعات والمعاهد العليا، وأصبح نجم نجوم الحفلات الخاصة والعامة ، يطوف مدن السودان لينشر رسالة الفن الراقي والجميل تلبية لرغبة الجمهور في الحفلات المسرحية العامة. وهنا تأتي مرحلة الشاعر الراحل (خليفه الصادق)الذي الف له أعذب الكلمات ، فظهرت أغنية أسمر ياساحر المنظر ، ثم تأتي أغنية( من شوفتو طوّلنا) بايقاعها السريع الراقص.
وعند إلتقاء الفنان محمد الأمين بذلك الشاعر ، إستطاع أن يواصل معه في ثنائية أخري ، فكانت أشعار خليفه ذات نكهة خاصة أيضاً ، ووجدت إستجابة سريعة من جمهور المستمعين ، فتوالت الأغاني تملأ الساحة الفنية ، وتواصل الابداع في اشعار فضل الله محمد حيث كانت مفردات أغنية (بعد الشر) قد لاقت قبولاً كبيراً لإختلاف موضوعها في ذلك الوقت ، حيث كانت بعض مقاطعها تشارك الطرف الآخر مأساة المرض والتوعك وتتمني عاجل الشفاء ، وتقول كلماتها:
قالوا متألم شويه ياخي بُعد الشر عليك
النضاره الفي شبابك والطفوله الفي عينيك
والقلوب الحايمه حولك
ياحلو بتتمني ليك
بكره تشفي وبكره تبرا
ياحبيبي العمر ليك
ياخي بـُعد الشر عليك
لم يهمل الفنان محمد الأمين أغاني التراث ، فهاهو قد أتي بأغنية (عيال أب جويلي) ،
وهي أغنية تراثية في الفخر وقد رأيناها تمجد (سالم الأرباب ) الذي إستحق الإسم وأصبح ركـّازه للمرقاب .. ولكن تظل أشعار الراحل المقيم خليفه الصادق لها بصماتها الواضحة في عدة أعمال للفنان محمد الأمين فإذا أخذنا مثلاً كلمات ولحن أغنية (أسمر )، نجد أن فيها تنويع جميل في المفردات وفي اللحن الذي خرج رشيقاً بالرغم من أنه ذا وتيرة إيقاعية ولحنية واحدة ومكررة ولكن فيها تطريب جميل عندما يقول فيها:
عيونو نعسانه
فتاكه فتانه
سهامو آسرانا
ولونو ده الأسمر
في صوتو أحلي نغم
يشجيك إذا إتكلم
والحكمه لو يبسم
يشجي الوجود يسحر
أسمر
يا ساحر المنظر
فأشعار خليفه الصادق أضافت إلي محمد الأمين نكهة جديدة في أعماله، لأنها كانت تمتاز برقة شاعرية محببة وجدت قبولاً سريعاً من الجمهور .
كنت أقول دائماً ولا أتعب من القول في كل مرة ، أن شعراؤنا في السودان لديهم قدرات إبداعية هائله في نسج الشعر ، ويمتلكون خيالاً خصباً، ولكننا نواجه دائماً مشكلة المحلية في أعمالنا وإنسداد وسائل النشر أمام إنتاجنا ، حيث يقف هذا الحاجز حائلاً في طريق الإنتشار الإقليمي لتلك الأعمال علي مستوي المنطقة العربية علي الأقل إن لم يكن علي المستوي العالمي وإذا أخذنا أي شاعر عربي سواء كان شعره غنائي أم شعر عام بفصيح اللغه أو بدارجيتها وأجرينا مقارنه مهنية متخصصة له بأشعار شعرائنا السودانيين، لوجدنا التفوق عندنا واضحاً ولا يقلُّ جودة عن الأعمال المنتشرة عربياً حالياً وسابقاً إن لم يكن أحسن درجةً ، وربما كان عدم الإستقرار السياسي الذي ظللنا نعانيه منذ الإستقلال وإلي الآن قد كان له الأثر الواضح في عدم وجود آليات نشر مهنية مؤثرة وقوية ومنتظمه لتسهم في نقل التجربه الشعريه السودانية إلي المصاف العربي أو العالمي.
لم يبتعد فضل الله محمد عن الساحة الشعرية تماماً بعد تخرجه من الجامعة ، إذ ظل بين الحين والآخر تطل أشعاره ، فهاهنا نجده يهدي لمحمد الأمين تلك الأغنية ذات الموضوع الجديد ، فظهرت (أربعه سنين) وقد كانت أغنية الشباب المحببه ، لكي –تتحكر- في قلب الساحة الغنائية وتتوسط أعمال محمد الأمين وهي التي تقول كلماتها:
أربعه سنين
شافم الحب
الليله عيد
ميلادو ياقلب
أربعه سنين
تجربه وزاد
مهرجانات حُب وأعياد
إشتياقات
قلبي ريّاد
إنفعالات
ليها أبعاد
وتمر الأيام سراعاً ، لنجد محمد الأمين يفاجيء الوسط الفني بتجربه أخري من تأليف فضل الله محمد ، ولكنها هذه المره تأتي في إيقاع لحني مميز وهاديء ، وهي تتميز بمفردات أيضاً لم تُستخدم من قبل ،وهي لا تصف المحبوب ، بل تتساءل في دهشه حين تقول كلماتها:
سارحه مالك ياحبيبه؟؟
ساهيه وأفكارك بعيده
بقرأ في عيونك حياتي
وإنتِ مشغوله بجريده
بتقري في إيه كلميني
ياسلام مهتمه عامله
يعني لازم تقري حسه
مقال بحالو أو قصه كامله
كم شهور مرت علينا
فيها بُعد وفـُرقه شامله …
ثم يختمها بعبارة:
وأمري لله.
وحسناً ان فضل الله قد فوّض أمره لله حين إنعدمت به الحيله ولم يفلح في إثناء الطرف الآخر عن قراءة الجريدة ، مما يُعتبر تهميشاً له ( أو تقله عليه)
وهذا بالطبع نوع جديد في لغة التخاطب الشعرية الرومانسية لم يألفه المستمع السوداني من قبل ، وكانت مقدرة أبو الأمين فائقه في وضع لحن لتلك الكلمات بالرغم من صعوبة تلحينها وكانت(الجريده) . ثم تأتي بعدها أغنية (الموعد) لكي يخترق بها فضل الله (حاجز صوت) الفنان محمد الأمين بحلو كلماتها وجديد موسيقاها الراقصة ، حيث كانت فرصة أخري لكي يبدع أبو الأمين في توظيف آلة العود التي يعشقها في وضع موسيقي المقدمه لتلك الأغنية بخربشات رائعه علي العود . وكانت كلمات الأغنية تقول:
أشوفك بكره في الموعد
تصور روعة المشهد
وعدتك قبل كده مرات
ولسه برؤويتك بحلم
مشاغل الدنيا تجبرني أخالف وعدي وأتلوّم
ولو تعرفني كم بتعب
بعيد عنـّك وبتألم
إلي ان يصل بنا فضل الله لقمة التفاؤل مودعاً ظلام الهم ويصرخ هنا محمد الأمين بصوت عالي مختتماً الأغنية :-
وداعاً يا ظلام الهم علي أبوابنا ماتعتـِّب
ومرحب ياصباح الحب
تعال ما تبتعد قرِّب.
وللشاعر المهاجر (إسحق الحلنقي)أغنية جميلة لا يزال محمد الأمين يترنم بها في كل حفل وهي(شال النوار)وهي من الأغاني التي تمتاز بكلمات جميله ولحن فرائحي تماماً:
ياريت من أول
وريتنا إنك يكمن تتأخر يوم
كان غائب أطمنّا شويه
وبحرك ياليل
ماطفنا نجوم
بيقولوا الغائب
عذرو معاه
في غيابك ياما
نشيل اللوم
العيد الجاب الناس لينا ما جابك
يعني نسيتنا خلاص
مع إنك إنت الخليتنا
نغني الحب
ذكري وإخلاص.
ولازالت الذاكرة تتسع لسرد المزيد من هذه الأعمال الخالدة.
وهنا تستحضرني قصة طريفة حول أغنية( شال النوار) التي تغني بها أبو الأمين من كلمات إسحق الحلنقي كما ذكرنا سابقاً ، والقصة هي أننا كنا مجموعة أصدقاء من الطلاب بجامعة القاهرة بالخرطوم في بداية السبعينات نستأجر منزلاً بأم درمان(حي بيت المال) وقد كنا نعمل وقتذاك بالتدريس نهاراً ونذهب للدراسة بجامعة القاهرة مساءً كشأن الطلاب في ذلك الزمان ، وذات يوم كنا نترنم بالعود في المنزل بأغاني محمد الأمين ، فطلب مني صديقي عباس بابكر أحمد دبوره وقد كان مدرسا وطالباً بالحقوق ، وقد امتهن المحاماة ثم القضاء ، بأن أغني له أغنية محددة لمحمد الأمين ، وكان كعادته لايحفظ أسماء الأغاني، وكان يزورنا دائما جارنا الصديق العزيز الراحل العميد حقوقي عبدالرحمن عبداللطيف زيادة وقد كان طالبا في الحقوق ايضا والذي توفي إلي رحمة مولاه لاحقا ونحن نعمل في قطر في بداية عام 1999 م واخذ عبدالرحمن في جلستنا تلك بالبيت( عزابة) يعدد للأخ عباس أسماء أغاني محمد الأمين لكي نغني له طلبه ، ففشلنا جميعنا في معرفة مقصد ألأخ عباس بابكرو الذي لم يعرف إسم الأغنية ، وأخيراً طلبنا منه أن يذكر لنا أي مقطع (كوبليه) من الأغنية لكي نتعرف عليها لنغنيها له بالعود الذي كان يلازمني منذ المرخلة الثانوية بمدني..
فكان رد عباس:
والله أنا معارف فيها شيء غير أنو محمد الأمين بقول فيها(الناس كلهم جونا في العيد إلاّ إنت ماجيت معاهم) فضحكنا طويلاً لهذه اللخبطة في حفظه للأغاني وظللنا نتذكرها في كل مرة حتي زماننا هذا، وقد عرفنا مقصده فهو كان يقصد (العيد الجاب الناس لينا ماجابك) وظل الراحل مولانا عبدالرحمن زياده يتناول هذه الطرفة كثيراً حتي وفاته(طيب الله ثراه) .
ومن أعمال أبو الأمين الشهيرة ، لا ننسي تلك الأغنية التي فازت بالمرتبة الأولي في مسابقة الإذاعة السودانية بإستفتاء المستمعين في عام 1979م وهي ( بتتعلم من الأيام) وقد إستخدم فيها أبو الأمين أيضاً آلة العود إستخداماً فيه مهارة فائقة في المقطع الأخير من الأغنيةوقد كانت تحتوي علي مفردات فيها الكثير من أسلوب الملامة الرقيق حين تقول بعض أبياتها:
وتعرف كيف يكون الريد
وكيف الناس
بتتألم وتتعلم
وراء البسمات كتمت دموع
بكيت من غير
تحس بيّا
ومصيرك بكره
تتعلم وتتألم . وقد ذكر لي استاذنا الحلنقي ان كلمة ( وتتألم) قد اضافها ابو اللمين من عنده.
ثم تمر الأيام والسنين ليلتقي محمد الأمين مرة أخري بهاشم صديق شاعر الملحمه ذاك وقد كان هاشم خارجاً منتشياً بعد نجاح أعماله الدرامية الفذة في منتصف السبعينات نبته حبيبتي وقطر الهم والحراز والمطر . لكي يجد الطريق أمامه ممهداً فيلقي علي مسامعنا بكلمات أغنية محمد الأمين ويدخل بها أبو الأمين تجربة الغناء بمرافقة آلة (الأورج) فقط في العام ١٩٧٤م حيث كان يعزف معه الموسيقار بدرالدين عجاج بدون أوركسترا اخري ولا حتي إيقاع فكانت (حروف إسمك) هي فعلاً حروف تستحق أن نقف عندها لنري ماذا تقول :
حروف إسمك
جمال الفال
وراحة البال
وهجعة زول
بعد ترحال
وتنية حلوة
للشبال
وغنيتنا
مشاوير
في كلمات حلوات تتقال.
ويذهب هنا الشاعر أكثر لكي يعكس صورة الفرح كتقليد إجتماعي متوارث في الزواج السوداني حين يقول :
أساور في إيدين طفله
بتحفظ في كتاب الدين
زفاف عاشقين
بعد فرقه
بين إتنين
بالعديل والزين
وسط باقات
دعاء الطيبيبن
والليله العديل
وساهله ليك بيضاء..
ثم تأتي الأغنيات الجديده بعدها وقد ظهرت (زورق الألحان) لفضل الله كإضافة لأعمال محمد الأمين في تجربة الغناء بالأورج فقط.
ولكن لم تستمر التجربه بالاورغ فق طويلاً حيث قام محمد الأمين بتكوين فرقة موسيقية مستديمه وكانت تتكون في معظمها من شباب معهد الموسيقي كالفاتح حسين وفايز مليجي من مدني ويرافقهم من المخضرمين الحبر سليم وعز الدين فصل الله ومحمد آدم المنصوري قائد الأوركسترا وآخرون.
نصل الآن مع الفنان محمد الأمين إلي (حفلة لندن) الشهيرة في عام 1981 حيث كان ذلك الحفل الضخم قد أقيم في مسرح (لوقال هول) والذي حضره معظم السودانيين من شتي أنحاء المملكة المتحدة، وقد تم طبعه علي أشرطة فيديو وكاسيت وتم توزيعها في كل دول المهجر التي يتواجد بها السودانيون وبداخل السودان ، وأذكر أن الفنان محمد الأمين قد إبتدر ذلك الحفل بأغنية فضل الله محمد الشهيرة والتي تم تأليفها منذ نهاية الستينيات ولكن محمد الأمين قام بإخفائها لمدة ١٢ سنة. حتيةبداية الثمانينات لكي تظهر وتطغي علي الساحة الفنية ، وقد إمتازت بلحن تطريبي هاديء جداً لا ضجيج فيه ، وهي من النوع الذي يطلق عليه أغنية إستماع مثل أغنيات بتتعلم من الأيام ، والحب والظروف فكانت تلك الأغنية هي
(ذات الشجون)
حيث تقول مقدمتها:
ماهو باين في العيون
وين حنهرب منو وين؟؟
الهوي البعث الليالي
الحالمه في ذات الشجون
وأذكر هنا أن إبن ود سلفاب العازف الماهر الموسيقار (سعد الدين الطيب) قد تفنن في اللعب علي الأورج في عدة صولات وجولات فيها الكثير من الإبداع خلال موسيقي أغنية ذات الشجون.
وقد تغني في حفل لندن ذاك بالأغنية الجديدة وقتها (عويناتك) وهي ذات مفردات رشيقه كتبها الشاعر د. مبارك بشير والذي سبق ان كتب اغنية( نسمه) وهو طالب باداب جامعة الخرطوم وتغني بها وردي ،
وقد أعجبني منها المقطع التالي:
أقول ليها عيونك
زي سواد قدري
مكحِّـله عمري من بدري
ولو أقدر أسافر
في بريق لحظك
وما أرجع
تقول لي خايفاك بكره تتوجّع
آه تتوجع.
هذا (الكوبليه) نري أن أبو الأمين قد أدّاهُ بإحساس عالي جداً وتشعر بأنه يتحرّق حين ينطق بذلك اللحن وبتلك الكلمات.
وميزة محمد الأمين أن لديه إحساساً شفيفاً قد خصّه الله به وهو يعرف كيف ومتي يظهر ذلك الإحساس الشفيف للناس وكيف يترجمه إلي عمل موسيقي متكامل. فالفنان إذا لم يحس بمعني مفردات القصيدة فإنه مهما كان لحنها جميلاً وصوته أجمل ، لا يستطيع أن يقنع المستمع بالعمل.
وهنا لايفوتنا ان نشير إلي إنضمام الشاعر الرقيق الدكتور عمر محمود خالد إلي سجل الأعمال الغنائية الخالدة حين أهدي إلي محمد الأمين أجمل الأغنيات ، وفي مقدمتها تلك التي عاد بها محمد الأمين إلي غناء (السنين ) مرة أخري فكانت (خمسه سنين معاك يا زينة الايام ) والتي يكثر الفنان من ترديدها في معظم حفلاته ، فهي لها معزة خاصة عنده:
خمسه سنين معاك يازينة الأيام
ويانوارة الحلوين مرّت حلوه زي أنسام
وزي أحلام صبيه صغيره زي ياسمين. وردفها باخريات ومن اهمها ( حلم الاماسي).
ثم نأتي إلي السنة الأخيرة من نهاية القرن العشرين حيث قامت شركة(سودانيز ساوند) الشهيرة بالخرطوم بتنظيم إستفتاء في عام 1999م حيث اعلنت فوز ألبوم محمد الأمين (ودمدني واحد) بالجائزة الأولي في التوزيع الجماهيري وقد كانت مقدمة الشريط بصوت المذيعة التلفزيونية اللامعة (منال محمد سعيد)حيث قالت فيها (هذا الفنان أتي من تلك المدينة الرائعه ، من قلب الجزيرة، تلك التي تتوسط السودان الحبيب .. محمد الأمين ،هذا الفنان الرائع والشامخ، كشموخ وطننا الجميل.. محمد الأمين هذا الإنسان ، هذا الفنان، أحب ودمدني حتي الوله) .. وللعلم فإن أغنية( ودمدني ) قد صاغها شعراً الراحل خليل فرح عام 1930م وهو في طريقه بالقطار من الخرطوم إلي ودمدني للمشاركة في زواج الراحل الفنان الحاج محمد أحمد (سرور) الذي توفي ودفن في أسمرا في أربعينات القرن العشرين ، وقد كان سرور هذا من مواطني قرية ( ودالمجذوب) شمال ودمدني ، ووضع محمد الأمين للقصيدة لحناً هادئاً جميلاً ومحبباً كثيراً إلي النفس ، وقام بالتوزيع الموسيقي إبن ودمدني أيضاً الموسيقار دكتور الفاتح حسين مدير الفرقة القومية للموسيقي وعازف الجيتار الشهير.
وتقول:
مالو أعياه النضال بدني روحي ليه مشتهيه ودمدني
كنت أزور أبويا ودمدني
وأشكي ليهو الحضري والمدني
دار أبويا ومتعتي وعجني
يا سعادتي ومنيتي وشجني
ليت حظي يسمح ويسعدني
طوفه فد يوم في ربوع مدني ..
وختاماً نقول ..
ستمر السنون ، وتتجدد الأجيال، وتتبدل الأحوال، وربما تظهر فنون أخري من نتاج أجيال أخري ولكن ستبقي الأعمال الغنائية لهذا الفنان الموهوب والجاد جداً (ابو الأمين) تراثاً إبداعياً متقدماً ومتميزاً ، تتناقله الساحة الفنية لفترة طويلة من الزمان ، لأن تلك الأعمال الموسيقية بمضامين كلماتها وألحانها الشجية ومفردات أشعار مبدعيها : فضل الله محمد والراحل خليفه الصادق والحلنقي ود. محمود خالد وهاشم صديق وكل كواكب الشعراء الذين كتبوا من أجل أبو الأمين عبر مختلف الحقب طوال مسيرته الفنية ، ستصمد في الزمن القادم والذي لا علم لنا بظروف مكوناته الإبداعية .وإلي اللقاء والسلام.
**
الدوحة .. دولة قطر
سنة ٢٠٠٠م