شهدت الأيام الماضية تحركات إقليمية ودولية مكثفة لانهاء الحرب في السودان ، ولعل ما جادت به تصريحات المبعوثة الأوروبية للقرن الأفريقي أنيت فيبر لدى زيارتها الرياض مؤخراً بأن هناك روح مختلفة الآن تؤكد ذلك ، مشيرة إلى أن السعودية تلعب دوراً رئيساً في هذا الأمر، ومضيفة بقولها : “ما أشعر به أننا جميعاً نذهب في اتجاه واحد، كل طرف يقدم جزءاً بسيطاً، جدة الجزء الأساس، نحن في الاتحاد الأوروبي بدأنا نحو خمس جولات مشاورات مع المدنيين من كل الخلفيات من المحافظين إلى التقدميين في الشمال والجنوب والشرق، نشعر بأن كل هذه الأمور يجب أن تضم معاً في مبادرة جادة، المبادرة السعودية والأميركية“.
وكما أشرنا في المقال السابق أن الزيارات التي قام بها رئيس المجلس السيادي وقائد الجيش إلى نيروبي وأديس أبابا كشفت له بوضوح التنسيق المحكم في المواقف الدولية والإقليمية بشأن الأزمة السودانية وتمسك الدول الأفريقية والأوروبية بمنبر جدة.
عاد البرهان مقتنعاً بأن كل الطرق تؤدي إلى جدة ويشاطره القناعة نائبه الفريق الكباشي ولكنها يختلفان في ما بعد وقف الحرب وما ستفضي إليه العملية السياسية وهل ستعيد الحكومة المدنية قوى الحرية والتغيير وحلفائها مجدداً إلى الحكم؟
التحديات التي تواجه قادة الجيش تحولت إلى مخاوف خاصة بعد الهجوم العنيف عليها من قبل المؤججين للحرب اللذين يحركهم (الفلول) من أنصار النظام البائد بحكم أنهم ما زالوا ممسكون بمفاصل ما تبقى من مناطق سيطرة للجيش ولكن السؤال لماذا الهجوم في هذا التوقيت؟
الإجابة لتحتاج لسبر أغوار أو تدقيق للوصول إليها وهي واضحة، فقادة الجيش بعد أن إتضح لهم تماماً أن الطريق الأقصر لحل الأزمة هو المضي قدماً في التفاوض عبر منبر جدة سيعملون على تنفيذ ما أتفق عليه بشأن الملف الإنساني وإجراءات بناء الثقة.
والآن بدأ الجيش والدعم السريع إعداد قوائم المطلوبين لتنفيذ بند إجراءات الثقة وبما أن الدعم السريع يظن أن اجراءات بناء الثقة ستضعف الجيش وتقصقص أجنحة المتحالفين معه سارعت باعداد قوائم الهاربين من السجون خاصة المطلوبين في قضية انقلاب الإنقاذ 1989 وكذلك قيادات إسلامية ذات صلة بتأجيج الحرب، في المقابل أيضاً سيدفع الجيش بقائمته في مواجهة نشطاء داعمين للدعم السريع يعملون على التحريض ضده وإثارة خطاب العنصرية والكراهية.
من الواضح جداً أن الأيام القادمة ستشهد (تلجيم) وكبح جماح كثير من اللذين يدعمون خطاب الحرب ويثيرون الكراهية والعنصرية خاصة المقمين في بعض العواصم العربية والأفريقية ، وقد يكون ذلك سهلاً ، أما البند الأصعب فيما يتعلق بتنفيذ إجراءات بناء الثقة هو المحاولات التي يقودها الإخوان لنسف ما أتفق عليه في جدة في المجالين الإنساني وبناء الثقة لأنهم الأكثر تضرراً إذا إلتزم الجيش بتنفذ ذلك ولذلك ستستمر الحملات ضد القيادات والتصعيد ضدهم للمواصلة في الحرب.
من الجانب الآخر الحركة الإسلامية بأن منبر جدة يضم الوساطة والاتحاد الأفريقي والإيغاد وإذا كانت الوساطة معنية بالملف الإنساني تقع مسؤولية الملف السياسي على الاتحاد والايغاد ولكن طبعاً من داخل منبر جدة وبالتالي تنفيذ بند اجراءات بناء الثقة الخاص باحتجاز السياسيين الهاربين من السجون ستضعف من (الفلول) وتعضد من عدم مشاركتهم في العملية السياسية بحكم أنها أشعلوا الحرب ويعملون على تهديدها وبالتالي يحاولون بشدة كسر الطوق بأن لا تستثني العملية السياسية أحداً لكن من الواضح أن الجهود الأفريقية في ذلك إصطدمت بقواعد صلبة فأي مأزق يعيشه (البلابسة) اللذين يكثرون هذه الأيام الحديث أن النصر يأتي بعد (الاستيئاس) في حين أن نظارتهم لا ترى أو تقرأ أن تقارير الأمم المتحدة أعلنت أن 6 مليون سوداني على حافة المجاعة.
الجريدة
امل الله كبير ان يتحد هذا الشعب العملاق في بوتقة واحدة وينطلق الوطن نبراسا للشعوب الاخري