الدهشة هي التعبير بل ربما يكون الاستغراب هو الأفضل لوصف ملاحظات بيان الخارجية السودانية على البيان الختامي للإيقاد ، فلا يعقل أن يجتهد رئيس دولة لدعوة رؤساء دول أخرى للتوسط لحل أزمة بلاده ويشارك في القمة الطارئة التي طالب بها ، وعندما يعود للبلاد بعد حضور القمة تصدر وزارة الخارجية بياناً تعترض فيه على مخرجاتها وكأن كلام القمم يمحوه النهار.
كيف تمحو أثار إجتماعات شهودها رؤساء دول ومراقبيها مبعوثين من دول كبرى ومحاضر الإجتماعات موجودة صوت وصورة وموثقة من الألف إلى الياء ، وأنت من ذهب حتى لأعداء الأمس وطلب منهم التوسط للحل.
من ناحية إجرائية وحسب ماذكر كثير من المراقبين من المفترض أن يكون وزير الخارجية علي الصادق أو سفير السودان بالدولة التي انعقدت بها القمة حاضرين في لجنة الصياغة، وإذا كانت هناك ملاحظات أو ثمة ملاحظات يبديانها للجنة ولكن الذي حدث هو أن الوزارة أصدرت بيانها بعد عودة الوزير إلى السودان ولم ترسله للرئيس إسماعيل قيلي رئيس الدورة الحالية للإيقاد بل أطلقته لوسائل الإعلام لتتلقفه معلنة بذلك تطبيقها للمثل المعروف (رمتني بدائها وإنسلت).
والسؤال الطبيعي إذا قام أحد الرؤساء بالذهاب لدولة ما أو منظومة تمثل عدد من الدول وطلب منها أو منهم التوسط لنزع فتيل الصراع في بلاده هل يتوقع أن يتم ذلك دون إستدعاء الطرف الأخر؟ طبعاً الإجابة لا تحتاج لسبر أغوار وأي طفل رضيع يمكن أن يقول لك لا بد من استدعاء الطرف الآخر والاستماع إليه لأنه جزء من المشكلة ، وبالتالي طبيعي جداً أن يكون هناك وفداً للدعم السريع حضوراً لقمة الإيقاد.
وإذا كان بيان الإيقاد لم يذكر مشاركة الأمارات في الاجتماعات واكتفى بتثمينه لاتصالات وزير الدولة بالخارجية شخبوط ولقاءه بعدد من الأطراف المشاركة في القمة بما يدعم مساعي الحل التفاوضي في السودان ، فهذا يعني أن البيان لم يقل إن شخبوط شارك في الاجتماعات بل أجرى لقاءات على هامش القمة فعلى ماذا تعترض وزارة الخارجية؟.
من الواضح ومنذ أن أعاد مولانا أبوسبيحة الذين تم إقالتهم من وزارة الخارجية بقرارات من لجنة إزالة التمكين، عاد التمكين إليها مرة أخرى واستولى الاسلاميون من جديد على إدارتها الرئيسة ، وبدأوا يعيدون إلى الأذهان ذات السياسات العنترية التي أوردت البلاد مورد الهلاك من قبل والآن ستنسفها من الوجود.
وكما ذكرنا في مقالات سابقة إن اجراءات بناء الثقة التي واقف عليها الجيش والدعم السريع في منبر جدة ستعرقل مسار الوصول لإتفاق لوقف العدائيات لأن ببساطة لن يعود (الفلول) مرة أخرى للسجون وسيعمدون لتخريب كل ما تبقى من السودان ولن يستطيع الجيش منعهم فهم (كتائب البراء) و(قوات العمل الخاص) وغيرها من المسميات ..لكن السؤال هل يستطيع الإسلاميون حكم سودان مستقر مرة أخرى؟ الإجابة على ذلك ذكرها أحد قيادات الصف الأول بالحركة الإسلامية أحمد عبدالرحمن والذي قال للزميل صديق دلاي في حوار أجره معه :(بعد 30 عام من الحكم ما دام الهتاف الذي وجه ضدنا سلمية سلمية ضد الحرامية ..أفضل للحركة الإسلامية السردبة).
الجريدة