سأحاول الردود علي بعض من الكتابات ذات القيمة- أجمالاً- والتي تستحق الرد عليها لأنها قد تضيف للقارئ والباحث عن الحقيقة، لا المتخندق خلف مجموعة بعينها – كحال قول الشاعر عمرو بن ربيعة:
(و هل أنا إلا من غُزَّيةُ
إن غَوَتْ غَويتُ
و إن تُرْشَد غُزية أُرْشدُ)
هذا البيت هو تجسيد حي لحالة العقل المغيّب لمناصري النظام المقبور ، هي حالة نفسية غاية في التردي الأخلاقي والمجتمعي الذي تعيشه مجتمعات وتربية دولة المشروع اللاحضاري. المجموعة بأسرها تعاني من حالة إنكار لماضيها المتزمت ، الوالغ في الفساد والإفساد والإبتزاز بإسم الدين او الوظيفة او الإنتماء !!
هي ذات القيم التي حاربتها ثورة ديسمبر المجيدة ، فكان ميدان إعتصامها أكبر دليل علي الوحدة الوجدانية للشعب السوداني الأصيل.رأينا التكافل والفنون والغناء والشعر والخطابة في ميدانه..رأينا ثقافة التكافل في منظر بهيج – (لو عندك خُتْ، ولو ما عندك شِيل)
رأينا الجداريات المعبرة والمسارح النابضة بالحب والجمال والتآلف..رأينا اخوتنا المسيحيين، يظللون علي اخوتهم المسلمين وهم يصلون صلاة الجمعة تحت حر الهجير !!
مجتمعنا الاصيل الذي تعافي من مرض عضال علي مدي ثلاثة عقود عجاف ، كانت تتربص به ذات الفئة الضالة ، وهي تغلي كالمرجل من جراء حقدها الدفين ، فتآمرت عليه في عز الشهر الحرام، و تسحل مواطنيه العزل وتغتصب حرائره وتحرق خيامه وتقتاله بدم بارد وتعصب أرجلهم وأياديهم لترمي بهم في البحر !!
تأتي ذات الفئة الضالة لتمسح الجمال وتاريخ الجداريات في ليلة واحدة حتي لا يتبقي أثراً للجمال والتاريخ !! أرأيتم كمية الحقد حتي علي الجمال الذي لم يصنعوه هم ؟!
ثم ماذا بعد ؟!!
هل إنتصرت الفئة المضللة الضالة ؟!!
طبعاً لا ، فكانت ردة الشارع هي الصمود مما جعل الأبالسة يتراجعون عن مشروعهم وتستمر الثورة في عنفوانها ..
تكونت حكومتي الثورة الأولي والثانية ، لكن أعين المتربصين بها لم تنم، فوضعوا كل العراقيل ونشروا المخدرات و شانوا سمعة الشرفاء من أبناء وبنات شعبنا العظيم كعادتهم…!!
هي ذات الصفات السيئة والأفعال القميئة التي شهدناها ونحن في ربيع العمر والشباب بعد انتصار ثورة رجب أبريل ١٩٨٥- ذات الفعال التي أسقطت حكومة الديمقراطية الثانية ليأتينا بعدها ثورة “الإغطاس “. الإنقاذ/الإغطاس يا سادتي لم تسقط، فقط تمت السيطرة علي الشارع بواسطة المدعو البرهان وحليفه حميدتي .. بعدها إستمر الحال المايل علي ما هو عليه الي ان اتي إنقلاب الموز ، حيث وضع جميع قيادات قوي الثورة خلف القضبان…
و لم يستسلم الشارع ..
حكم الجيش ومن خلفه النظام القديم الذي أعاد لهم ما سرقوه خلال عقود من الزمان و أعاد ايضاً الذين أحالتهم لجنة إزالة التمكين للخدمة مرة أخري…
اتدرون ما الفرق بين اعادة هؤلاء والذين أزالتهم الإغطاس ؟!
هو ان الذين أزالتهم لجنة التمكين سمحت لهم بالإستئناف، علي عكس الذين أزالتهم حكومة اللا إسلاميين.
ظلت حكومة الإنقلاب تراوح مكانها لمدة ١٨ شهراً ، لم تستطع خلالها تعيين أيُّ حكومة… لماذا؟!!
لأن الشارع كان رافضاً للحكومة الانقلابية ، فزاد الحقد علينا وتضاعف !!
حاولوا إغراق العملية السياسية بمبادرات ومسيرات هزيلة ففشلت هي الاخري!!
فمباردة الطيب الجد ، ومسيرات الزواحف المتعددة كلها باءت بالفشل يا سبحان الله .. زاد الحقد وتضاعف اكثر فأكثر .. إنكشف ظهر القوم وبانت سوأتهم ، في الوقت الذي خمدت نار الفتنة بين الجيش والدعم السريع بإلتفافهم حول الإتفاق الإطاري الذي قادته قوي الحرية والتغيير.. فزاد الحقد وغلي كالمرجل..
لجأت الفئة الضالة لخيارها الأخير بعد ان فشلت كل مساعيها في العودة بها الي المشهد..
فكانت الحرب التي حشد لها القوم علي الإعلام المفتوح .. وما خطابات أنس عمر و إفطارات رمضان
إلا خير دليل علي ما نقول .. بأن الحرب هي الخيار الأخير والوحيد الذي تبقي للبلايسة.. فكانت الحرب التي وعدونا بإنتهائها خلال ساعات ..
الحرب اليوم يا سادتي علي مشارف نهاية شهرها الثامن ولا إنتصار ، بل علي العكس رأينا شعب مشرد بالملايين وبيوت مهجورة وحاميات تتساقط وشعب جائع وهارب ومشتت الذهن، ودور تتهاوي وبنيات تحتية تتهدم و جثث تأكلها الكلاب !!
ماهذا يا سادتي؟!
هو جنون البلابسة وشبق العودة للسلطة حتي ولو كان الثمن هو تفكك الدولة وتهجير الشعب وانعدام الامن والسلام !!
هذا هو حصيلة مشروع الحركة المسيلمية التي لا يضيرها ان تكذب و تقتل وتنهب وتسئ للدين والأعراف والأخلاق لكي تجلس على دكة الخراب من علٍ ، وتخلف رجلها علي الأخري، لتشعل غليونها وهي تنظر للشعب وهو يموت ويتشرد فلا تبالي !!
فكأني أراهم يضحكون في هستيريا ولسان حالهم قول:
ما قلنا ليكم وابيتوا تسمعوا الكلام:
“يا نحكمكم يا نقتلكم “..
اللهم هذا هو حال بلادنا واهلنا في السودان فعليك بنصرهم علي من ظلمهم يا الله..
يمهل و لا يهمل
يمهل ولا يهمل
لا للحرب
لازم تقيف..
عثمان ابوجنه
نيويورك في ٦ ديسمبر ٢٠٢٣