الخرطوم – التحرير:
على الرغم من حالة التباين التي بدأت في مواقف القوى السياسية المعارضة من دعوة حزب المؤتمر الشعبي إلى كسر حالة الصمت في المشهد السياسي، وعدم قدرة الحوار الوطني في خلق التوافق السياسي، إلا أن الأمين السياسي للحزب الأمين عبدالرازق أبدى تفاؤله بحدوث تغيير في مواقف القوى الممانعة للحوار، والقوى الحاملة للسلاح، مع اعترافه بأن المناخ السياسي لا يزال مشحوناً بسبب غياب الحريات، واستمرار الاعتقالات من الأجهزة الأمنية.
التحرير) جلست مع الرجل في منزله بضاحية المعمورة في الخرطوم، وفتحت معه عدداً من الملفات السياسية الراهن.
* كيف تنظرون إلى واقع الحريات، وحزبكم الآن شريك في الحكومة؟
– نحن نعتقد أن الحريات لم تستكمل حتى الآن، وفي هذه الدورة الجديدة للبرلمان نسعى إلى إثارة قضية الحريات بشدة، ونعمل من أجل إلغاء كل القوانين المقيدة للحريات، وإعادة صياغة قانون جهاز الأمن؛ ليصبح جهازاً لجمع المعلومات، وهذه ستكون معركتنا داخل البرلمان.
وعلى الرغم من أننا حققنا جزءاً من التقدم في بعض الملفات التي لها علاقة بالحريات، وجرى تضمينها في الدستور عبر مخرجات الحوار، لكن لا تزال هنالك ممارسات من الحكومة، مثل: مصادرة الصحف، والاعتقالات السياسية، ومنع السياسيين من السفر، ومنع الصحافيين من الكتابة، تجعلنا نقر أن مسألة الحريات تحتاج إلى الكثير، لذا لا بد من تعديل قانون جهاز الأمن؛ وسنعمل من أجل هذا مع كل القوى السياسية الأخرى.
* لكن برغم التعثرات في ملف الحريات.. هناك حالة تقارب كبير ما بين المجتمع الدولي والحكومة.. كيف ترى ذلك؟
– الأمين العام للشعبي الدكتور علي الحاج التقى القائم بالأعمال الأميركي بالسودان، وتحدثا في قضية السلام، وإيقاف الحرب، والحريات وغيرها من القضايا، وأعتقد أن الاتحاد الأوروبي يرى الآن أن حزبنا (المؤتمر الشعبي) أكثر الأحزاب المدافعة عن الحريات في البلاد، من خلال متابعتهم وسائل الإعلام والصحف بالبلاد، ولكن هذه ليست القضية، في تقديري أن أميركا تنظر مصالحها في المنطقة ولا يهمها إن توافرت حريات للشعب السوداني أم لا، وهذا نمط سياساتها مع كثير من الأنظمة الصديقة لها، فهي أنظمة دكتاتورية شمولية، وبالتالي أميركا تنظر إلى مصلحتها ولا يهمها الحريات، ولن نولي رغبتها أي اهتمام، ودافعنا الأساسي في البحث عن الحريات يأتي من كوننا سودانيين نريد الحرية والتداول السلمي للسلطة، ونريد أن تحدث انتخابات حرة ونزية، كل هذه الأشياء لا ننتظر أي جهة أن تحققها لنا سواء كانت أميركا أو غيرها ، وفي تقدير لا يوجد ما يسمى بالمجتمع الدولي، هنالك دول في العالم من بينها أميركا تسيطر على دول أخرى، وإن كان المعني بالمجتمع الدولي الأمم المتحدة، فإن أميركا تسيطر على الأمم المتحدة، وبالتالي لا تمثل الإرادة الحرة للعالم .
* ألا تعتقد أن هذا التقارب بين الحكومة وأمريكا يمكن أن يدعم خط الحكومة؟
– لا أعتقد ذلك، وأي نظام لم يقو جبهته الداخلية فهو ضعيف، إيران صامدة منذ عام 1979م في مواجهة امريكا بتماسك جبهتها الداخلية.
* معنى هذا أن الجبهة الداخلية في السودان غير موحدة؟
– نعم ونحن محتاجين لتقوية الجبهة الداخلية، وهذا يمكن أن يحدث إذا طبقنا مخرجات الحوار الوطني وحققنا الاجماع لأهل السودان واوقفنا الحرب .
*هذا يعني أن مخرجات الحوار الوطني لم تطبق بعد.. أليس كذلك؟
– أعتقد أن الوقت لا يزال مبكراً لتقييم مدى تطبيق مخرجات الحوار كلها، لكن هنالك نقاط أساسية تم تحقيقها منها تكوين حكومة الوفاق الوطني وتعيين رئيس وزراء، وما تحقق في تقديري خطوة جيدة، أما فيما يخص وزراء المؤتمر الشعبي، فإننا نعتقد أن أداءهم جيد.
*هل أنتم راضون عن مسألة تقسيم السلطة والمناصب في حكومة الوفاق الوطني؟
– نحن راضون بما نلناه في حكومة الوفاق الوطني من سلطة وغير مشغولين بما ناله الآخرون من مناصب، وما يهمنا تنفيذ مخرجات الحوار، وقد أكدنا سابقاً أن مشاركتنا في هذه السلطة رمزية، وأن القرار في حكومة الوفاق يتم بالتوافق وليس بالأغلبية، وهذا الأمر متفق عليه إلى تاريخ أجل الانتخابات القادمة في 2020م، وبالتالي لا يوجد ما يسمى بحزب الحكومة أو الحزب الحاكم، الحكومة هي حكومة الوفاق الوطني، وتمثل كل الأحزاب المشاركة في الحوار بما فيها المؤتمر الوطني، وهذا بحسب ما تم الاتفاق عليه في خارطة الطريق.
* لكن في الواقع هناك هيمنة واضحة للمؤتمر الوطني؟
– في تقديري أن الواقع أيضاً ليس كما كان في السابق، وهنالك تفاكر في بعض الأشياء، وهنالك تجاوز، والأمور ستتقدم أكثر في تقديري.
* وفاة الشيخ الترابي وعودة على الحاج إلى الأمانة العامة بالحزب أحدثت صراع أجنحة داخل الشعبي ..ما تعليقك؟
– ليس هنالك خلاف ولا أجنحة، ولكن الشعبي هو حزب الحرية، والشيخ الترابي إمام الحرية، وأعضاء وقيادات الحزب معظمهم من خريجي الجامعات، لهذا نجد أن الكل يتحدث بما يريد، وفي نهاية المطاف القرار يكون للمؤسسة.
* لكن تضارب التصريحات هذا، ألا تعتقد أنه يمكن أن يحدث تبايناً في الرؤى التي يتبناها الحزب؟
– لا أعتقد أن يحدث هذا في الشعبي؛ لأنه ليس كبقية الأحزاب، ونحن جميعنا متقاربون في الأفكار والفهم، بخاصة بعد رحيل الشيخ الترابي، ثمهنالك نظام أساسي وبرنامج حزب يحكم العمل في المؤسسات بيننا، ومثالاً لذلك حينما قرر الحزب المشاركة في الحكومة الحالية كان هنالك تباين في الآراء داخل الحزب وكثيرون كانوا ضد المشاركة، لكن حينما اصبحت المشاركة قرار المؤسسات في الحزب، الكل عمل من أجلها حيث وجد القرار قبولاً بأكثر من 80% داخل مؤتمر الحزب، لهذا اقول نحن حزب مؤسسات تعمل في تناغم.
* هل شعرتم بأن المؤتمر العام كان يريد تولى إبراهيم السنوسي مقاليد الحزب بدلاً من علي الحاج؟
– أشك في أن هنالك جهة تكون بحاجة إلى فوز فلان أو علان، وحتى إن وجدت هذه الفرضية، فإن القرار يخص المؤتمر الشعبي، وقد اتخذت قواعد الحزب قرار ترشيح علي الحاج بالإجماع، والشيخ السنوسي تنازل له، وهذا لأن المرحلة عقب رحيل الشيخ الترابي اكتنفها كثير من الصعوبات، وكان الإجماع على اختيار منصب الأمين العام.
* كثيراً ما تصدر تصريحات عن القيادي بالحزب كمال عمر يفهم منها عدم التناغم داخل الحزب.. ما تعليقك؟
– كما قلت سابقاً نحن حزب نتيح الفرصة لعضويتنا للتعبير، ونحن حزب يعمل من أجل الحرية للآخرين فكيف لا يعطيها لعضويته، وما يقوله كمال عمر في الصحف يحق له أن يقوله ونحترم رأيه حتى لو اختلف مع القيادة.
* لكن عدم الضبط الاعلامي هذا ألا تعتقد أنه يسبب غياب الرؤية الواضحة لمواقف الحزب تجاه جملة من القضايا.. مثال لذلك ما حدث بين رئيس البرلمان وكمال عمر؟
– ما قاله كمال عمر هو الحديث نفسه الذي صرح به علي الحاج، وكثير من قيادات الحزب، نحن ليس لنا رأي في رئيس البرلمان، ولكننا نريد التوافق داخل البرلمان، وألا يستأثر حزب بالقرار، نحن حزب مشارك، وليس حزباً صامتاً على الأخطاء، وهذا الأمر يجب أن يكون واضحاً، رغم أن مشاركتنا رمزية، ولكننا نعتقد أننا حزب ناصح لكل الأحزاب و للحكومة، ونتلقى النصح من قواعدنا، وهذا الأمر يمكن أن يكون غير موجود في الاحزاب الأخرى.
* مواقفكم الاخيرة المناهضة لروية رئيس البرلمان في إدارة الجلسات ..هل يمكن ان تدفعكم للمطالبة بتغييره حال لم يتغير الوضع؟
– لا ليس لنا أي تفكير كهذا. نحن حزب في حكومة حوار وطني نسعى إلى إحداث التغيير عبر الحوار والمنطق، وذلك لأن المؤتمر الوطني لديه أغلبية، ولم نسع إلى زعزعة حكومة الوفاق الوطني في هذا الوقت، وليس لدينا رأي حزبي في إبراهيم أحمد عمر رئيس البرلمان كشخص، نحن نرى أن شكل الممارسة داخل البرلمان ينبغي أن يتغير عقب إعلان حكومة الوفاق، وإضافة أشخاص في البرلمان، وفقاً لمخرجات الحوار، ومن ثم، لم يعد البرلمان الحالي ذلك البرلمان القدي،م ولا توجد فيه أغلبية وأقلية، وإنما تناقش القضايا للوصول إلى اتفاق في القضايا المطروحة.
* المبادرة التي طرحها حزبكم لم تجد القبول لدى كثير من القوى السياسية؟
– هذا غير صحيح المؤتمر الشعبي طرح قضايا أساسية وجوهرية للنقاش مع القوى السياسية من أجل إحلال السلام، وإيقاف الحرب، وبدأ حلقاتها بالقوى السياسية الممانعة للحوار، وجلس مع الحزب الشيوعي والأمة القومي، وتجاوبوا معنا، ووقعنا تفاهمات معهم.
نعم هنالك أحزاب لم تقبل المناقشة كالبعث العربي الاشتراكي، بحجة أن حزبنا مشارك في الحكومة، وهنالك أحزاب لم نجلس معها لكنها ليست معترضة كالمؤتمر السوداني، لهذا أقول: إن المناقشات ماضية، وسنلتقي بكل الأطراف الداخلية كتحالف عبدالعزيز خالد، وحركة حق والخارجية، وحتى الحركات المسلحة من أجل الوصول للسلام، وإيقاف الحرب.
* ما حدث من شقاق داخل الحركة الشعبية هل سيؤثر في مبادرتكم، وعملية السلام عموماً؟
– لا أعتقد، وذلك لأن حكومة الوفاق الوطني هي التي ستفاوض الحركات المسلحة، وليس حكومة المؤتمر الوطني، وذلك عقب تكوين المجلس الأعلى للسلام، ثم سيتم إلغاء الوفد السابق المفاوض برئاسة المؤتمر الوطني؛ لأن مرحلة حكومة الحزب الواحد قد انتهت، والمجلس الأعلى للسلام هو المعني بعملية التفاوض من أجل السلام، وسيكون من أحزاب حكومة الوفاق الوطني كافة.
* الحكومة أطلقت حملة على مستوى مؤسسة الرئاسة لجمع السلاح في دارفور .. كيف تنظر لما وصلت إليه الحملة؟
– نحن مع إيقاف الحرب، ولا أعتقد أننا نستطيع جمع السلاح قبل أن تقف الحرب، وذلك لأن عملية جمع السلاح بحاجة إلى تهيئة الجو، وإيقاف الحرب وتحقيق السلام، ولكن في تقديري في الوقت الراهن لا نستطيع جمع نسبة 10% من السلاح المتداول؛ لان هؤلاء الناس سلحتهم الحكومة، وجعلتهم أعداء للحركات المسلحة، كيف يسلمون أسلحتهم من دون أن يسلم الطرف الآخر؟ لهذا هم إن رضخوا لهذه الحملة سيسلمون عدداً قليلاً مما لديهم، لهذا نحن نرى ألا تكون الصورة مقلوبة، يجب في البدء إيقاف الحرب، وتوقيع اتفاقيات سلام مع الحركات عقب ذلل نجمع السلاح.
* هل تتوقع الوحدة بين الشعبي والوطني؟
– هذا لن يحدث في تقديري.