في (إفاقة متأخرة) تحدث “مولانا عصام أحمد البشير” ليقحم الدين في هذه الحرب العبثية (وكأنها ناقصة)…!
بعد (غيبة طويلة) خرج الرجل على الناس في (لايف) من (مقر إقامته) ليدعو إلى مواصلة هذه الحرب اللعينة ولم يقل كلمة واحدة عن القتلى الأبرياء أو يترحّم عليهم..!
وهكذا جاءت دعوته بعد أن (اندلق اللبن) وتهدمت البلاد وتم تشريد ستة ملايين مواطن..وأهاب الرجل بالمستنفرين ليكونوا وقوداً لهذه الحرب الدينية- كما قال- وهم يعلم من هم المستنفرون الذين تشتت جثثهم وأشلاؤهم في الشوارع والميادين عراة حفاة وعليهم ثيابهم الرثة بعد أن دفعهم (إخوة الدين) إلى المقدمة وحصاد النيران وهربوا عنهم..ولم يجد الناس بين المستنفرين أبناء شيوخ الحركة وقادتها..فهؤلاء يعيشون في (عالم آخر) في عواصم العالم المضيئة بين بلاجات تركيا ومنارات دبي..!!
قال (لا تخذلوا دينكم)..ولا ندري ما علاقة الدين بهذه الحرب “البرهانية الدقلاوية”..؟! هل هذه نسخة آخري من متاجرة الإنقاذ بالدين في صراعها على السلطة والمال ونشب الدنيا..؟! ألا يعلم مولانا من هم الذين يموتون في هذه الحرب..؟! كيف جاز لرجل في هيئة وطيلسان العلماء أن يتحدث بعد كل هذا الموت الأحمر..ولا يترحّم على أكثر من عشرة آلاف روح بريئة أزهقت في هذه الحرب العبثية..؟!
هل هو من أنصار وصف هذه الحرب بالعبثية كما قال البرهان أو أنها حرب كرامة كما يقول الفلول..؟
لقد جعل مولانا في كلمته من هذه الحرب حرب دينية بالكامل وقتالاً في سبيل الله..! وقال مخاطبا أهل السودان: (لا تخذلوا دينكم)..وهو يعلم بطلان هذا التوصيف على حرب تعلو فيها صيحة “الله اكبر” من الجانبين عند كل مقتلة..! هكذا يقدم مولانا بإقحامه الدين في هذه الحرب وقوداً جديدا لها…!
الرجل يعلم حرمة الروح عند خالقها..وهو يكرر ذلك في مطولاته عن الرفق والمرحمة و(الوسطية) والجنوح للسلم ..ولكن من الواضح إن الرجل (مجبور) من جماعته في الحركة وفي التنظيم العالمي للاخونجية ليقول ما قاله..! فقد قام بتسجيل كلمته المحرّضة على مواصلة الحرب بصوت باهت (ومن غير نفس) وكأنه يؤدي واجباً ثقيلاً مفروضاً عليه..ولم ينفعل مع عباراته كما هي عادته..بل بدا جامداً مستعجلاً الفراغ من التسجيل..وهو الذي اشتهر بالاستشهاد والتطويل ورواية الأشعار.. ومن عادة الكيزان ألا يتركون أحداً من جماعتهم من غير أن يعلن مناصرته لهم في (أوقات الزنقة) سداداً للدين القديم ..!
مولانا لم يخالف نهجه القديم في (إيثار السلامة)..وحتى عندما كان يتظاهر بنقد نظام الإنقاذ المُجرم..كان (يضرب على خفيف) في الإطراف التي لا تؤلم..! ولم يستنكر على الإنقاذ قتل الغيلة والإبادة ودفن الناس أحياء ولا الاغتصاب والاحتكار والسرقة وغرس المسامير في الرءوس..حتى تم استيعابه في وزاراتها ومناصبها وريعها..فسكت عن (الخفيف والتقيل)..!
مولانا يناصر الفلول على حساب أبناء وطنه وأرواح بنيه..كل الدنيا تدعو إلى إيقاف الحرب..بداية من ضحاياها إخوته في الوطن..وليس انتهاء بكل (ذي كبد رطبة) ومعهم دول الجوار ومنظمات العالم وهيئاته ووكالاته الإنسانية والأمم المتحدة..(إلا مولانا عصام وإخوته الكيزان)..مع إن مولانا يبدو في صورة المنتمين إلى النطاق الخيري والمنظمات الدعوية السلمية والعمل العام (الناعم)..!
هل أصبح الرجل فجأة من أنصار تسعير الحروب..وقام بتقديم مصلحة التنظيم على مصلحة الوطن وأهله..؟! أين هذا الرجل مما يحدث في أرض السودان الآن من قتل وقصف واستهانة بأرواح المدنيين الأبرياء وهو يدعو إلى حشد المستنفرين ومواصلة طاحونة الموت..؟!
الغريبة أن مولانا لعن من قام بتمويل قوات الدعم السريع..ألا يعلم مولانا من الذي قام بتمويلهم..؟!
إذا كان الأمر (أمر دين) فلماذا يا مولانا لا يتقدم الكيزان وقادتهم الصفوف..أين أبناؤكم وانتم تحشدون الصغار بملابس البيت..بلا تدريب ولا تجهيز ولا حماية..وليس في أيديهم عصا..؟!
هكذا يعود كل من ينتسب إلى الكيزان إلى حظيرة السمع والطاعة وتغييب العقول..مهما أضفى على نفسه من تمويه وتغطية وأزياء تنكرية…! الله لا كسّبكم..!
murtadamore@yahoo.com