من الممكن تمييز مكونين لخطاب الكوماندر مالك عقار ،نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي ،الذي وجهه للشعب مساء امس الاثنين.مكون معلن وآخر مخفي.
ففي المعلن ، تبرز حزمة من المغالطات والشائعات المضادة ،لتؤلف خطاب المرحلة ،لغرض استنهاض الهمم (بعد كتلة مدني) ،على عتبة تطور سياسي جديد (مفاوضات عنتيبي) ،من اجل مواصلة الحرب (حتى آخر جندي،على حد تعبير البرهان في آخر خطاب له )،وهو ينطوي على موقف ضمني رافض للتفاوض ،ولاي مسعى لانهاء الحرب سلما.
فانطلاقا من فرضية تعتبر (الدعاية والاشاعة احدى ادوات العدو) ،كما قال، انتحى خطاب عقار نحو هجمة مضادة تعتمد كليا على الدعاية والاشاعات البديلة، لترميم ما تبقى من يقين او طمأنينة بددتهما الحرب ومعطياتها الميدانية، بشأن الحسم العسكري للمعركة.
وقد حل مالك عقار محل البرهان في تقديم خطاب الطمأنينة الزائفة واليقين المهزوز، لأن الجنرال،يتهيأ، الان ،للقاء خصمه حميدتي، المتوقع حدوثه في اي ( كسر من الثانية )، خلال هذا الاسبوع،حيث يبدو غير ملائم التفوه بحديث غير ملائم بين يدي اللقاء، (حديث من قبيل السخرية من إيغاد وجهودها لانهاء الحرب،كما ورد في خطاب عقار).
ويتألف الخطاب،الذي يمكن ادراجه ضمن الاستجابات لدعوة على كرتي،امين الحركة الاسلامية للانقلابيين، ل(مصارحة الشعب بالحقائق وعدم تركه نهبا للشائعات )، من مجموعة من الحقائق المقلوبة، مثل : ان الحرب لم تبدا في 14 ابريل. وان الفلول والاسلاميين لاعلاقة لهم بالحرب (رغم ان امريكا عاقبت امين الحركة الاسلامية واثنين من قادة جهاز امن البشير)، وان انتشار الدعم السريع لايعني السيطرة ، وان تمدده لا يعني الانتصار. وان الجيش منتصر (على الرغم من ان الجيش، بدلا من الانتقال من مربع الدفاع الى مربع الهجوم ،بدا منذ يونيو الماضي،الانسحاب من بعض المواقع التي ظل يدافع عنها منذ بدء الحرب،في بعض من ولايات دارفور وغرب وجنوب كردفان، بالاضافة لولاية الجزيرة ).
لعل اهم ما تضمنه خطاب عقار ،هو تمرير مشروع المقاومة الشعبية،الذي تم تدشينه رسميا وشعبيا ،في سواكن ،والذي ينشط من خلاله الفلول لتوسيع نطاق الحرب وتحويلها لحرب اهلية شاملة ،ومباركته،كاطار لمليشيا جديدة ،يتهيا رحم القوات المسلحة للدفع بها لمسرح الحرب العبثية.
ويتمثل المسكوت عنه في خطاب عقار ، في تجاهل لقاء البرهان -حميدتي، الوشيك، والاستنكاف عن الاشارة للبرهان ،والاشادة بقيادته ل”معركة الكرامة”، ونفي تهمة الخيانة عنه ،كما فعل الناظر ترك ،في حفل تدشين المقاومة الشعبية.فقيادة الجنرال موضع خلاف وسط معسكر دعاة الحرب،حيث يدعو قسم من الفلول والاسلاميين للاطاحة به.غير ان اهم ما تجاهله خطاب عقار ،هو المأساة الانسانية ،التي لا تني ،تتفاقم يوما بعد آخر، في ظل الانكار المطلق للوقائع الكارثية للحرب.فالانتصار الذي يحتفي به عقار ،راح ضحية له اكثر من 12 الف قتيل ، و7 مليون لاجيء ونازح داخلي، يتنقلون مشردين، من مكان لآخر بحثا عن أمان لاوجود له في كل البلاد. ويماطل عقار وشركاه ،في حكومة الامر الواقع، في اقرار وقف فوري وغير مشروط لاطلاق النار،كدلالة على ان مايهمهم هو استمرار الحرب،كبيئة مواتية لضمان مصالحهم الخاصة ،على حساب مصالح مجموع الشعب السوداني.