الدار البيضاء- التحرير:
تحتضن مدينة الدار البيضاء المغربية على مدى يومين فعاليات المؤتمر الدولي “السيرة النبوية وتعزيز فكر الوسطية والاعتدال”، ويناقش المؤتمر الذي ينظمه المنتدى العالمي للوسطية وجامعة الحسن الثاني وجمعية المسار توظيف السنة النبوية “لرفع فاعلية الأمة وتوجيهها نحو العمل الصالح”.
قال الأمين العام للمنتدى العالمي للوسطية مروان فاعوري في افتتاح المؤتمر اليوم الجمعة (27 أكتوبر 2017م) :”إن انعقاد الفعالية الفكرية (المؤتمر) يأتي في وقت نحتاج فيه للعودة الرشيدة إلى القرآن والسنة”؛ مضيفاً أن “واقع الأمة الإسلامية يترنح بين الغلوّيْن الديني واللاديني”.
وأشار الفاعوري إلى أن سبب هذا الأمر كله راجع بالأساس إلى عدم “الفهم الصحيح لنصوص الرسالة المحمدية وما ورد عن الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير منا يصلح أن يكون مصدرا لحكم شرعي”.
وقال رئيس جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء إدريس منصوري: “إن العالم اليوم في حاجة إلى فكر الوسطية والاعتدال في الدين، بالنظر إلى كون هذا الزمن كثرت فيه الفتن والمحن، والحروب والنزاعات”.
وتحدث منصوري عن دور الجامعة في نشر الوسطية، وأكد أن دورها أصبح لا يقتصر على تأهيل الطلاب فكريا ومهنيا، “بل يتعداه إلى مهمة بث قيم الفضائل والوسطية والاعتدال لدى مرتفقيها من أجل إعداد مواطنين صالحين أكفاء ومؤهلين ومتوازنين نفسيا وروحيا لأداء واجبهم في خدمة بلادهم خاصة والإنسانية عامة”.
وقال رئيس جمعية المسار المغربية مخلص السبتي: ” إن طلب الاعتدال وبيان مناهجه تشكل غاية المؤتمر، وسط العواصف التي تجتاح العالم”.
وفي كلمة له باسم ضيوف المؤتمر، استعرض رئيس المنتدى العالمي للوسطية السيد الصادق المهدي مقاييس منهجية التعاطي مع الأحاديث النبوية، ومنها عدم تناقضها مع القرآن والواقع والعقل ومقاصد الشريعة، واعتماد قراءة علمية تقوم على الوسطية ونبذ التطرف.
بدأ المهدي بتوضيح المصطلحات، قائلاً: “السنة هي كل ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القرآن من فعل أو قول أو تقرير. هذا يعني سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وما ورد فيها من قول أو فعل أو تقرير.
الوسطية عبارة تشير إلى أكثر من معنى: فمقولة “إن الفضيلة وسط بين رذيلين كالشجاعة وسط بين التهور والجبن”. لكن المعنى الذي نستلهمه في الوسطية هو اختيار الموقف الأمثل. (قَالَ أَوْسَطُهُمْ) أي أميزهم. هنا معنى الوسطية هو الخيار الأفضل”.
وأضاف أن “الإسلام اليوم هو القوة الثقافية الأكبر في العالم كما هو الحائز على رأس المال الاجتماعي في بلاد المسلمين بحيث يجذب إليه الجماهير ويشحذ همتها. القرآن هو المصدر الأول للإسلام، والسنة المصدر الثاني”.
وأوضح المهدي أن الاعتماد على الخوارق في السيرة النبوية يتناقض مع بشرية النبي صلى الله عليه وسلم، كما نفي أن يكون الإسلام قد انتشر بحد السيف، مشيراً إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم اتقى عدوان المشركين بهجرة أصحابه مرتين للحبشة، وهجرته وأصحابه ليثرب ملاحقين حتى وصلوا بالسلامة.
وتناول رئيس منتدى الوسطية محطات من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، مؤكداً أن “أحداث السيرة الحقيقية معجزة بمعنى استحالة الآتيان بمثلها، ولكنها مقنعة حتى للعقلانيين. ولكن خطأ العلمانيين أنهم لا يقفون عند حدود العقل وينكرون الغيب”.
وأوضح المهدي أن “واجبنا مهما صح الإسناد أن نضع للأحاديث مقاييس أهمها: ألا تتناقض مع القرآن – مثلاً- قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم نادى أهل القليب بعد بدر: “يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ يا عُتْبَةُ بْنَ رَبِيعَةَ ، وَيَا شَيْبَةُ بْنَ رَبِيعَةَ ، وَيَا أُمَيَّةُ بْنَ خَلَفٍ ، وَيَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ ،..، هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ، فَإِنِّي قَدْ وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا ؟”. أنكرت السيدة عائشة (رض) هذا الحديث واستشهدت بقوله تعالى: (وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ)”.
قال عضو المجلس الأعلى للشؤون الدينية بتركيا زكريا كولر: “إن الأمة الإسلامية بحاجة ماسة اليوم إلى الوسطية كمنهج معتدل بعيد عن التطرف والتساهل”، مشيراً إلى أن “الوسطية تشمل الاعتدال في العقيدة والعمل والسلوك”.
وأكد نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني، أن “التطرف والإرهاب ليس قضية علمية أو فكرية أو دينية، بل قضية سياسية واجتماعية، والأسباب الحقيقية هي الاختلالات والمظالم والمفاسد في الواقع الاجتماعي والسياسي”.
ويهدف المؤتمر الذي يستمر على مدار يومين ويتضمن 4 ندوات، إلى البحث عن سبل إحكام توثيق السنة النبوية، وتحديد الوسائل العملية التي يمكن للإنسان العادي من خلالها التمييز بين الثوابت والمتغيرات ضمن نصوص الأحاديث الصحيحة.
ويشارك فيه علماء ومفكرون وجامعيون من المغرب ودول إسلامية، بينها تركيا.