قالت الإيغاد: أنها الغت التفاوض المباشر بين البرهان القائد العام للجيش و رئيس مجلس السيادة مع قائد الميليشيا حميدتي الذي كان مقرر له يوم 28 ديسمبر الماضي لأسباب فنية، و لكنها لم توضح ماهية هذه الأسباب، و من واقع الجولة التي قام بها حميدتي لعدد من دول الإيغاد و الأفريقية ثم لقاء اللجنة التنسيقية للقوى المدنية ” تقدم” يتضح أن حميدتي كان يريد أن يؤكد أن هذه الدول ماتزال تعترف به نائبا لرئيس مجلس السيادة، التي تجعله في ندية مع البرهان، إلي جانب توقيعه إعلان مع ” تقدم” أيضا أنه يملك رصيد مدني يقف إلي جانبه. عجزت ” تقدم” أن تلعب دور المحايد في مسعاها. فإذا كانت بالفعل محايدة كان يجب عليها أن تسمع من الطرفين ثم تصيغ إعلانها السياسي، ولكنها فضلت أن تضع الإعلان وتوقعه مع الميليشيا، وتكون معها لجان مشتركة لإنجاز الإعلان. الأمر الذي جعل دورها مشكوك فيه أن يكون محايدا. خاصة أن الدكتور عبد الله حمدوك كان قد وقع في نوفمبر الماضي باسم المركز الأفريقي للتنمية والاستثمار ” CADI ” مع مركز الإمارات للسياسات الذي غير بعيد من صناع القرار في الأمارات على تعاون بين الجانبين، يقدم فيه مركز السياسات الدعم المالي. و أيضا دولة الأمارات هي وراء جولة حميدتي في عدد من دول الإيغاد، و جعلت طائرة خاصة تحت خدمته. أن إلغاء جلسة التفاوض التي سمتها الإيغاد بأسباب فنية تؤكد أن المسألة مرتبة تماما.
في الجانب الأخر أن الجولة كان لها انعكاساتها على الساحة السياسية، التي كانت في حالة موت سريري، بعد توقيع ” إعلان أديس أبابا” جاء تصريح الناطق الرسمي للحزب الشيوعي السوداني فتحي فضل ” لراديو دبنقا” (بإن الحزب يرحب بشكل عام بأي جهود في هذا المجال هذا من جانب و من جانب أخر هناك القضايا المتعلقة بعد الإفلات من العقاب و محاسبة كل من أجرم) و في ذات الشأن قال فضل ( أنه لم تتوفر بعد المعلومات حول ما دار في اللقاء) لكن البيان الذي أصدره المكتب السياسي للحزب الشيوعي أكد فيه ( أن الإتفاق خرج من مهامه التي كانت متوقعة وهي المطلوبات العاجلة لوقف الحرب وتوصيل المساعدات الإنسانية إلى إتفاق سياسي مع قوات الدعم السريع المتورط مع الطرف الآخر في جرائم الحرب والإنتهاكات) أن الاتهام “لتقدم” إنها وقعت اتفاق سياسي مع الميليشيا بهدف أن يعيد لها دورا سياسيا في المستقبل، و توقيع الإعلان السياسي سوف يعيق عملية الاتفاق مع الجانب الأخر، لأن الطرف الموقع يصبح ملزم به. و يضيف البيان (وأوضح الشيوعي بأن تحالف “تقدم” ليس له الحق في الخروج عن المهام المطلوبة في وقف الحرب، والدخول في شكل الحكم “فدرالي. الخ” لكون أن شكل الحكم لا يقرر فيه طرفان لا يمثلان شعب السودان، بل يقرر فيه المؤتمر الدستوري) أن الشيوعي محق في الذي ذهب إليه تماما، و كان على قيادات تقدم ” قحت المركزي” أن تستوعب الفارق بين إدارة العملية من أجل وقف الحرب و بين الدخول في قضايا سياسية تتناول نظام الحكم، و هي قضايا يجب أن تناقش في المؤتمر الدستوري. لكن اعتقد أن المسألة ترجع لقلة الخبرة السياسية.
في جانب أخر قال عمر الدقير رئيس حزب المؤتمر السوداني و عضو تنسيقية ” تقدم” لصحيفة ” سودانتربيون” (إننا نأمل في استجابة قيادة القوات المسلحة للجلوس معها والدفع باتجاه وقف إطلاق النار باعتباره المطلب الأكثر إلحاحاً والذي لن يتحقق دون اتفاق الطرفين( وأضاف قائلا (أن إعلان أديس أبابا لا يمثل وثيقة وساطة أو اصطفاف ثنائي، بل هو بداية تواصل مع أطراف أخرى للبحث عن مخرج لإيقاف نزيف الدم والتدمير في الوطن ومعالجة الكارثة الإنسانية التي تعصف بأهله، ولإبعاد البلاد عن منزلق الانهيار الكامل( هذه مغالطة ليست في محلها، إذا كانت “تقدم” ترغب أن تلتقي بالطرفين كان عليها أن تستمع للطرفين و بعد ذلك تصيغ إعلانها، و أن يكون اللقاء بين الجانبين قبل صدور أي إعلان، لكي يجعلها تعرف أين أماكن الاتفاق و أين الخلاف، و يجنبها الإتهام بأنها تمثل الحاضنة السياسية. لكن أن تحاور جانب و تصل معه إلي إعلان و تشكيل لجان مشتركة، يمنع عنك صفة المحايد. و حديث الدقير يؤكد تواضع القدرات السياسية في إدارة الأزمة بالأفق السياسي المطلوب، و أثبتت تجربة حمدوك في الحكم ضعفه في الجانب السياسي الأمر الذي جعله يفشل.
في جانب أخر أيضا أختارت مجموعة الحوار ” السوداني السوداني الشامل” مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة رئيسا للكيان الشعبي الذي اتفقت على تكوينه لتحقيق أربعة أهداف رئيسية تمثلت في: توحيد الصف الوطني و قيادة وحشد المقاومة الشعبية و دعم القوات المسلحة و إدارة حوار لا يستثنى أحدا… و تضم هذه المجموعة عددا من الأحزاب السياسية منها الاتحادي الديمقراطي الأصل و تيارات اتحادية أخرى و المؤتمرين الوطني و الشعبي و المجلس الأعلى لقبائل البجا و العموديات المستقلة، و حركة العدل و المساواة و حركة تحرير السودان، و حركة المستقبل للإصلاح و التنمية و الإدارات الأهلية و الطرق الصوفية و مكونات من المجتمع مدني الأخرى إلي جانب عدد من الآكاديميين و غيرهم. هذا الحشد هو الداعم للقوات المسلحة و الذي يدعم عملية المقاومة الشعبية المسلحة ضد الميليشيا. في ذات الموضوع ذكرت صحيفة سودانتربيون ( أن على كرتي أكد أنه لم يلتقي البرهان منذ عام 2012م و أكد ذات المقولة إلي حميدتي عندما ألتقي به قبل الحرب، و قال كرتي ليس لهم علاقة بقيادة الجيش، و قال أن مقولة حميدتي التي ذكرها في لقاءه مع ” تقدم” ناقصة لآن حميدتي جاءه طالبا حل المشكل بينه و البرهان، و ذكر له ليس هناك علاقة تربطه مع البرهان، و ارشده لشخص له علاقة وطيدة بالبرهان، و تم حل المشكلة، و غادر حميدتي الخرطوم إلي دارفور، و أضاف كرتي لكن حميدتي جاء غاضبا من دارفور كأن هناك مصدر أجنبي له أثرا في هذا الغضب.
أن حديث حميدتي في المنصة التي جمعته مع حمدوك رئيس ” تقدم” حيث استرسل في شن هجوم على الآخرين، و خاصة البرهان، هو الذي فجر بركان الغضب عند البرهان و جعل خطابه في معهد جبيت للتدريب التابع للقوات المسلحة يتحدث فيه بلإصرار على دعم المقاومة الشعبية و تسليحها، على أن تكون تحت أمرة القوات المسلحة، و أيضا فرض شروط على التفاوض. إذا كان حميدتي قد فتح بابا للمساجلات السياسية، إلا أن الاستنفار الجماهيري و حمل السلاح له الدور الأكبر في تحريك كل الساكن السياسي. نسأل الله حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com