احتل تقرير المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية الي مجلس الامن الدولي الاثنين الماضي حول جرائم الحرب المرتكبة علي نطاق واسع في العاصمة السودانية واقليم دارفور والانتهاكات المصاحبة للحرب السودانية الراهنة صدارة الانباء واتجاهات الراي العام السودانية والاجنبية ويتلاحظ من خلال ردود الافعال والمناشدات التي طالبت بعضها الحكومة السودانية بالانضمام الي اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية ودعم التحقيقات الدولية في هذا الصدد . وتبقي ردود الفعل المشار اليها مجرد مناشدات تتميز بحسن الظن والنوايا والامل في حدوث اختراق لاوضاع السودان الراهنة بواسطة محكمة لاهاي ولكن الامر علي ارض الواقع كان وسيكون عكس ذلك تماما ويحتاج الي قدر كبير جدا من الواقعية والشجاعة الاخلاقية ونستطيع ان نقول وبكل وضوح :
انه ومع فائق الاحترام والتقدير لمجهودات المدعي العام لمحكمة لاهاي من خلال زيارته السابقة الي السودان ومتابعته للقضية السودانية في اروقة المنظمة الدولية .
ان الوضع الراهن والموقف الامني والانساني في السودان تجاوز هذه المرحلة تماما و المحكمة الجنائية ايضا بكثير واصبح خارج سيطرتها تماما واذا كانت هناك مناشدات فيجب التوجة لمنظمة الامم المتحدة والمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي والدول الغربية الكبري لتدشين مشروع مارشال دولي امني وقانوني وانساني لانقاذ المتبقين علي قيد الحياة من المدنيين في المدن السودانية ومعسكرات اللاجئيين عبر اعادة ترتيب الاولويات والخروج من دائرة المعالجات التقليدية والهوس الدعائي الي ادارة واقعية وعقلانية للازمة والماساة الانسانية المتصاعدة في السودان باتخاذ قرارات دولية فورية و ملزمة بالوقف الفوري للحرب وفرض حظر علي تحليق وهجمات الطيران الحربي وانقاذ الموسم الزراعي بكل السبل والطرق لتفادي مجاعة وماساة انسانية ستقضي علي حياة الملايين في السودان خلال ايام معدودة وسيشكل هذا السيناريو شبه المؤكد في حالة حدوثة ادانة اخلاقية و تاريخية كبري للنظام العالمي والامم المتحدة والدول والكيانات الكبري وللنخبة السودانية السياسية والفكرية والاجتماعية بطريقة لن تنمحي مع مرور السنين وتعاقب الاجيال في حالة الفشل في تفادي هذه الكارثة الكبري والموت البطئ الذي اصبح يهدد حياة ملايين المشردين السودانيين داخل وخارج المدن السودانية الواقعة بين مرمي نيران الحرب الراهنة واذا نجحت هذه الخطوة فستكون اضافة وانتصار كبير لمعسكر السلم والامن العالمي بطريقة تبعث الامل في ميلاد نظام عالمي جديد مسلح بقوة القانون والوعي والفكر والواقعية والشجاعة الاخلاقية .
ويبدو ان التوجه الامريكي الجديد والمفاجئي في التعامل مع الحرب السودانية له صلة بالانتخابات الامريكية التي ستجري قريبا خلال هذا العام 2024 وقد شعرت الادارة الامريكية الديمقراطية الراهنة بصعود مرشحي الحزب الجمهوري الذين يقودون عملية انتقاد واسعة للسياسة الخارجية لادارة الرئيس الامريكي جو بايدن وموقفه من العديد من القضايا من الحرب الروسية الاوكرانية الي الحرب بين اسرائيل وحماس بمضاعفاتها الاقتصادية والامنية وتهديد الملاحة الدولية في منطقة البحر الاحمر وذيادة الهجمات المسلحة علي القوات الامريكية في سوريا والاردن والعراق بطريقة قد تدفع ادارة بايدن باتخاذ موقف متشدد من التطورات السودانية علي خلفية الانباء الاستخبارية المتداولة عن صفقات التسليح الايراني للقوات السودانية الرسمية التي يشتبه في وجود علاقة مباشرة بينها وبين الاسلاميين السودانيين حيث ترجح الكثير من الاحتمالات ضلوع الاسلاميين السودانيين في تسهيل امداد ايران للسلطات السودانية بصفقة الطائرات المسيرة من طراز مهاجر 6 وهو امر مقلق جدا للولايات المتحدة التي ستسعي بكل قدراتها وامكانتها سبر اغوار هذا الامر وحجمة وطريقة التعامل معه ومواجهة الراي العام الامريكي بحقائق التعاون العسكري الايراني السوداني المزعوم لتعويض خسائرها السياسية والمعنوية وسط اتجاهات الراي العام الامريكية التي يسعدها بالطبع استخدام الاذرع الاستخبارية المسلحة في بلادهم لضمان حماية المصالح الامريكية في اي مكان في العالم وبطريقة ترشح السودان ليكون ساحة مفتوحة لتصفية حسابات امريكية ايرانية مؤجلة لها صلة بتطورات العملية الانتخابية القادمة والصراع علي المكتب البيضاوي في البيت الابيض الامريكي خاصة بعد عودة الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب الي حلبة الصراع للفوز بالمنصب الرئاسي في الانتخابات الامريكية القادة القريبة خلال الاشهر القادمة .
لذلك بادرت الحركة الاسلامية السودانية في بيان لها صدر قبل ساعات قليلة برفض وادانة القرار الامريكي بوضع القيادي الاخواني السوداني احمد هارون علي قائمة الهاربين من العدالة تحسبا لماهو محتمل وخوفا من دعم الولايات المتحدة عملية تدخل دولي متعدد الطرق لفرض وقف الحرب السودانية بقوة المتاح من القوانين والتدابير الدولية بطريقة تضر باجندة الحركة الاسلامية ومخططها لحكم السودان عبر حكومات وادارات باطنية غير مرئية .
فهل ستتجهة ادارة بايدن الامريكية الي اتخاذ السودان مسرح لاستعراض عضلاتها وتعويض خسائرها وسط اتجاهات الراي العام في بلادها وقطع الطريق امام التغلغل الايراني في السودان.