انبرى العديد من الكتاب منتقدين انتهازية (أصحاب فندق كورال ببورتسودان) بتنشيطهم خدمة الانترنت للمواطنين بمبلغ ٢٠ الف جنيه لمدة ساعة واحدة ، ولكنهم نسوا أن فندق كورال هو الظل وليس الفيل.
لم يُسمع لأصحاب هذه الأقلام ضجيجاً أو استنكاراً واسعاً عندما بلغ الفساد في زمن الحرب مداه وأزكم الأنوف، وغزت مواد الاغاثة للأغراض الإنسانية أسواق بورتسودان نهاراً جهاراً تحت مسمع ومرأى المسؤولين بل وبإشراف بعضهم، وحتى عندما كشفوا عن المعلومات وقاموا قومتهم على المفوض لم يكن هدفهم هو كبح جماح الفساد، وإنما إزاحة المفوض لتعيين آخر موالٍ لهم وأكثر حرصاً على تمرير ألاعيبهم، لدرجة أن والي الخرطوم صرح بأن ما وصله من مواد إغاثة لا يكفي لحاجة 1% من المتضررين، ولكن ما أن إنتهى المؤتمر الصحفي حتى وزع على الحضور من (المحاسيب) 50 كرتونة.
مخازن مواد الاغاثة المكدسة (التالفة) بود مدني كشفت الحقيقة المُرة وأن طعام الجوعى لا يصلهم حتى ولو تقطعت امعاءهم أو أكلوا الجلود وبحثوا عن الذرة في بيت النمل.
صحيح لا أحد يؤيد قطع الاتصالات لأن المتضرر الأول منها المواطن، لكن ذات الاحساس الحالي لماذا لم يكن متنامياً كما الآن عندما قطعت الشبكة في كل دارفور ولماذا ساقت شركات الاتصالات تبريراتها الآن بأن كثيراً من أبراج دارفور خربت وتحتاج لاصلاحات؟
إن عجز حكومة الأمر الواقع لا يحتاج لزرقاء يمامة حتى تنظر اليه، وإذا كان نائب الرئيس مالك عقار يتحدث أمام الجميع أنه سلم والي الجزيرة ٤ آلاف بندقية ومع ذلك حدث الذي حدث فلماذا لا يصطف الناس أمام فندق كورال وهم يتدافعون لتنشيط خدمة الانترنت فالحكومة عاجزة عن إعادته؟ وتدفع المواطن ضحية لها في معركتها الخاسرة وبدلاً من تذهب للمفاوضات والسلام تكابر وهي تجلس على تلة الخراب كما جلس نيرون في أعلى تلال روما وهو يشاهدها تحترق.
ما حدث في فندق كورال تجسيد للعجز الحكومي وانشغال حكومة الأمر الواقع بما يحافظ على ما تبقى من الكرسي على حساب المواطن السوداني الذي ذاق الأمرين جراء هذه الحرب العبثية، وكما ذكرت من قبل إن الحرب القادمة ستكون أسوأ وشعارها (علي وعلى أعدائي)، فالجيش إتجه صوب إيران للحصول على السلاح، أما الدعم السريع فمن الواضح انه لجأ للحرب الاقتصادية التي بدأت بقطع الاتصالات وسيتبعها بمنع صادر الهدي والصمغ العربي وفي الحالتين المتضرر هو المواطن .. على الأقلام الناقدة لكورال أن تطعن في الفيل وليس ظله!!
الجريدة