بعد مرور (60) عامًا في مجال الصحافة، رحل في القاهرة رئيس تحرير صحيفة الأيام والخبير الإعلامي محجوب محمد صالح ، اليوم الثلاثاء، وذلك طبقًا لنعي نشره صحفيون سودانيون.
يعد محجوب محمد صالح رئيس تحرير صحيفة الأيام الورقية، والتي توقفت قسريًا تحت ضربات جهاز الأمن والملاحقات الأمنية والأزمة الاقتصادية قبل سبع سنوات، ويعد صالح من الرعيل الأول للصحفيين السودانيين الذين تبنوا قضايا الديمقراطية والحكم الراشد في السودان، وظل يرفد الصحافة السودانية بمقالاته عن الأوضاع في البلاد بصورة راتبة حتى خلال الحرب التي غادر البلاد خلالها مضطرًا، ولم يتراجع قلمه عن المضي في مسار النصح للتوجه نحو طريق السلام المستدام، مناشدًا بذلك جميع السودانيين بمختلف الانتماءات.
ركز صالح اهتمامه على قضايا التحول الديمقراطي والحكم المدني، ورفد الصحافة السودانية بالعديد من الإصدارات التي حملت اسمه، وتوهج خلال ثمانينات القرن الماضي، كما ترأس مركز الأيام للدراسات الثقافية والتنمية.
حينما تولى العميد عمر البشير السلطة عبر انقلاب عسكري في 30 حزيران/يونيو 1989، وأطاح بحكومة الصادق المهدي المدنية، وضاقت الصحافة الورقية ذرعًا بالرقابة الأمنية والاستدعاءات المتكررة للصحفيين، كان صالح أحد أبرز الذين تعرضوا إلى الملاحقات والمضايقات لسنوات طويلة.
أسس الراحل صحيفة الأيام في العام 1953 رفقة زميليه محجوب عثمان وبشير محمد سعيد، كانت العاصمة الخرطوم في تلك الفترة تستعد للمضي نحو استقلال السودان الذي تحقق في العام 1956.
انتظم محجوب إلى جانب رئاسته تحرير صحيفة الأيام ذات التوجه الديمقراطي في كتابة المقال الراتب بعنوان “أصوات وأصداء”، متناولًا خلاله الوضع السياسي في السودان.
ولد في 12 نيسان/أبريل في العام 1928م، في مدينة الخرطوم بحري، وتلقى فيها مراحل تعليمه الأولية والمتوسطة، والتحق في العام 1947م بكلية الخرطوم الجامعية، وكان يشغل منصب سكرتير اتحاد الطلاب وقتها. متزوج من السيدة فوزية حسن عبد الماجد، وله من الأبناء عادل ونادر وياسر ووائل وسامر، ومن البنات سوسن.
أطلقت مجموعة دال في السودان قبل أربع سنوات جائزة تحمل اسم “محجوب محمد صالح” في مجال الكتابة الصحفية، والتي تشمل المقالات والتحقيقات والتي تصل قيمتها المالية إلى سبعة آلاف دولار.
ربما قرر الصحفي السوداني محجوب محمد صالح الرحيل في وقت يكاد السودانيون يتنفسون تحت دوي المدافع، في حرب تذهب ببلادهم نحو المجهول، فيما تبارى الصحفيون وبعض الذين تعلموا فنون الصحافة ومهنيتها على يديه بالقول إن صالح ترجل وكأنه اختار أن لا يعيش خلال هذه الحقبة التي لم يتمناها لبلده طيلة حياته.