يأتي رحيل الأستاذ الجليل محجوب محمد صالح في ظل انهيار كامل لبنية المجتمع المدني الذي سعى لترسيخه، وفي ظل عسكرة الفضاء المدني والسياسي ونزوح الحياة المدنية ولجوئها واقتلاع سلمية ثورة ديسمبر. ويأتي رحيله في وقت تطرح فيه على الحركة الوطنية السودانية مهام وواجبات غير مسبوقة منذ نشأتها الحديثة.
بحرب ١٥ أبريل انطوت صحفة كاملة من تجربة بناء الدولة الحديثة بايجابياتها وسلبياتها وقد استهدفت الحرب الإنسان والبنيان وما شيدته أجيال من القوى الديمقراطية في نضالها لتحقيق الحرية والسلام والعدالة.
اختزن الأستاذ محجوب محمد صالح تجارب على مدى عقود وتمتع بذاكرة حية ومعرفة وإدراك واسع وساهم مساهمة مهمة في الصحافة الحديثة وتشكيل الرأي الديمقراطي ومن بين تجاربه الثرة والعديدة والمتنوعة كانت شراكته في الرأي والفكر والصحافة مع الأستاذ الراحل الكبير محجوب عثمان تجربة جديرة بالتأمل ومساهمة ذات أهمية ونفع في سجل الصحافة الديمقراطية الملتزمة.
لقد كان الأستاذ محجوب محمد صالح يستحق تشيعاً لائقاً به مثل كثير من قادة الرأي والفكر والثقافة والسياسة من أبناء وبنات شعبنا الذين رحلوا اثناء الحرب، وكم كان مؤلماً انهم لم يجدوا التشييع الذي يستحقونه عن جدارة في وسط شعبهم وارضهم وأهلهم وعارفي فضلهم، وتلك إرادة الله وما شاء الله فعل.
العزاء لأسرته وأهله ومعارفه وأصدقائه وزملائه وتلاميذه، رحم الله الأستاذ محجوب محمد صالح رحمة واسعة وانا لله وانا اليه راجعون.
ياسر عرمان
١٣ فبراير ٢٠٢٤